أخبار إيرانمقالات

تغيير النظام الإيراني، حلم أم حقيقة؟


29/8/2017
عبدالرحمن مهابادي:کاتب ومحلل سياسي

 

تغييرالنظام الإيراني، حلم أم حقيقة؟ هذا سؤال مطروح من الرئيس الأميرکي الجديد دونالد ترامب بعد انتهاء ولاية باراک أوباما الرئيس الأميرکي السابق إذ کان الجواب في فترة أوباما وباعتماده سياسة الاسترضاء تجاه النظام الإيراني واضح جداً وکان نهج أوباما التقرب من نظام الملالي وتغيير سلوکه ولا أکثر.

لکن وبعد تسلم الرئيس الجديد دونالد ترامب، هناک بوادر لتغيير النظام الإيراني في الولاية الجديدة حيث أثار ردود أفعال مختلفة في الأوساط السياسية للغرب بالذات. فمنهم من فسر مواقف الحکومة الجديدة تمهيداً لخيار ” الحرب“ وبالتالي ” خطرة “ فالنتيجة تتجسد في عدم لمس هذا النظام تخوفاً من تبعاته .. وهناک من يدعم مواقف الادارة الجديدة الأمريکية أن ” سياستها تغيير النظام الإيراني “ لأن سياسة الاسترضاء ولی عهدها ومجربة ولا جدوی فيها کونها فاشلة، وهناک من يذهب أبعد من الآخرين ويقول الطريق الوحيد للخلاص يکمن في دعم المقاومة الإيرانية .

والسؤال الذي يطرح نفسه، أي خيار حقيقي بين خياري الاسترضاء ورؤية تغيير سلوک النظام أو تغيير النظام أو الحرب ؟وإن کان تغييرالنظام حقيقة، کيف تترجم هذه الحقيقة ؟من خارج الحدود، کما حدث بالنسبة للعراق؟ أو هناک طريق آخر لتحقيق هذه الغاية؟ وکيف ستکون آثاره علی مصالح الدول الأخری ورؤی العالم والمنطقة وداخل إيران؟.

فللإجابة علی هذا السؤال لنبدأ من الحقائق الموجودة التي يکون فيها اجماع في الرأي فابقوا معنا لنبدأ:

الحقيقة الأولی : إن هذا النظام نظام دکتاتوري ومن نوع ديني کما شاهده العالم خلال العقود الأربعة الماضية . أمام العالم نظام يرفض الحريات بممارسة القمع وخلافاً لما يطالبه الشعب الإيراني کما عمل لحد الآن وکمعدل أعدم شهريا 260شخصاً فمثلا هناک عدد الإعدامات في فترة ولاية روحاني الذي يعتبره الکثير بخطأ ” اعتدالي“ و” إصلاحي“ يبلغ 3000شخص، أو وحسب اعتراف سلطات هذا النظام تم إعدام أکثر من 30ألفاً من السجناء السياسيين خلال 3أشهر في صيف عام 1988بموجب فتوی أصدرها خميني مؤسس هذا النظام .

الحقيقة الثانية هي المشهد السياسي في إيران وما يطالبه ويتمناه الشعب الإيراني وهو ” تغيير نظام ولاية الفقيه“ حيث لو کان هناک ”استفتاء“ في المناخ الحر بصورة کاملة وديمقراطية، سيصوت أغلبية الشعب الإيراني والقريب بالإجماع بإسقاط هذا النظام ولاغير. لکن النظام الإيراني وبما أنه يعلم النتيجة من هذا الاستفتاء مسبقاً لم ولن يقبل هذا الاستفتاء نهائياً . والحاصل بأن تغيير النظام لا يمکن إلا بواسطة الشعب والمقاومة الإيرانية . المقاومة العريقة التي تمتد جذورها داخل المجتمع الإيراني وتعتبر بديلة ديمقراطية لهذا النظام وفي متناول اليد بالذات.

الحقيقة الثالثة، هي سجل الاسترضاء والتفاوض وعدم جدوی اعتمادهذه السياسة نهائياً تجاه هذا النظام سواء داخل إيران للشعب الإيراني أوعلی مستوی العالم وللبشرية جمعاء إذ إن طبيعة هذا النظام لا تتناسب مع حسن الجوار مع الآخرين کونه نظام متطرف إسلامي وأُسس نظامه قائمة علی التوسع والإرهاب والحرب والتنازل من هذا يعتبر خطوط حمراء بالنسبة له لا محالة ويعرف جيد جداً بأن التجاوز من هذه الخطوط سيؤدي إلی السقوط فعليه لو يقبل أحياناً التفاوض، ليس إلا للتحايل وللماطلة وقتل الوقت واستغلال الفرص ليخلص نفسه من المتاهة وهذا سبب عدم ثقة أي حکومة أو دولة أجنبية أو تيار سياسي به لأنه أدی في النهاية إلی تعنت هذا النظام وليس إلا.

الحقيقة الرابعة تکمن في الإقبال الجماهيري العالمي سيما في الولايات المتحدة تجاه فکرة تغيير النظام الإيراني وهذا ما اقتنع به الساسة الأمريکان بأن هذا النظام لا يقبل الإصلاح فعليه يجب اعتماد نهج التغيير في صلب السياسة الخارجية، وباتت فکرة تغيير سلوک هذا النظام أو اعتماد سياسة التنازل والاسترضاء بعد انتهاء ولاية باراک أوباما فکرة فاشلة في البيت الأبيض تماماً. وخير دليل لإثبات هذه الحقيقة الدامغة لهذه الفکرة، رؤی ومواقف يتخذها أغلبية الکونغرس الأميرکي لدعم المقاومة الإيرانية ومجلس الشيوخ الأمريکي وبأغلبية ساحقة في فرض العقوبات الجديدة علی نظام الملالي بسبب انتهاکه حقوق الإنسان وإنتاج صواريخ بالستية وتصنيف فيلق الحرس الإرهابي بالإرهاب يوم الثلاثاء 25/ يوليو-تموز 2017والذي وقعه الرئيس الأميرکي دونالد ترامب وهذا ضمن الإنجازات الآخيرة للکونغرس الأميرکي ومجلس الشيوخ ونستطيع القول کان هذا مبادرة الرئيس الأميرکي الجديد والبيت الأبيض للحرکة بالتجاه المجلسين .

والحقيقة الأخيرة حضور بديل مستعد ومعروف نتج عن جهود مقاومة عريقة طيلة 4عقود من التصدي والمواجهة بوجه النظام الرجعي والمتطرف الحاکم في إيران مع جذورها الممتدة داخل المجتمع الإيراني وکثرة الدعم العالمي منها حيث جعل هذا المقاومة معتبرة وموثوقة بها وإن استمرار زيارات السياسية في هذا النمط ودعم البرلمان الأوربي والکونغرس الأميرکي ومجلس الشيوخ الأميرکي وسائر البرلمانات في مختلف بلدان العالم وزيارة وفد مجلس الشيوخ الأميرکي وعلی رأسه ”جون ماکين “ فبل شهور والوفد المماثل بقيادة ” روي بلانت “ يوم 12آغسطس –آب في العام الجاري وما شابه ذلک …خيردليل علی هذه الحقائق بالذات .

إذن، وحسب الحقائق التي أسلفناها مختصراً، إن تغيير النظام الإيراني علی يد الشعب والمقاومة الإيرانية وبدعم من المجتمع العالمي، في متناول اليد وضرورة ملحة لا لبس فيها حيث نستطيع القول إن کل هذه الحقائق متماسکة بعضها ببعض يعني الأراء العالمية والرغبة العامة الإقليمية والمطلب الإيراني الشرعي کلها تجمعت في نقطة واحدة حيث ولغرض تحقيق هذا الأمر الملح الذي يجمع مصالح جميع شعوب العالم، فمن الضروري الاعتراف بهذا البديل والدعم المادي والمعنوي لتغيير هذا النظام. وهذا مفتاح لفتح الأقفال الکثيرة التي باتت مقفولة بسبب اعتماد سياسات واستراتيجيات غير صحيحة ولا شک أن معناه کان نزيف دماء کثيرة من الشعب .

زر الذهاب إلى الأعلى