حديث اليوم

حکومة روحاني الجديدة، أکبر تحد يواجهه النظام

 


تعرّض المصادقة علی ترکيبة الحکومة المقترحة لحسن روحاني من قبل برلمان النظام الرجعي ومنح الثقة لجميع المرشحين سوی مرشح واحد وذلک دون توتر، الناظرين لأسئلة مختلفة. وأول ما يتبادر إلی الذهن من الأسئلة هو هل يمکن الاستنتاج وبعدما اجتازت حکومة روحاني برلمان النظام الرجعي أنه وکما کان روحاني قد أبدی أمله، تتعامل الحکومة مع البرلمان بشکل متناسق لتمرير الأعمال والقضايا ومعالجتها؟
وخلال المصادقة الأخيرة في البرلمان أصبح واضحا أن هذه الدورة للبرلمان تخضع لسيطرة علي لاريجاني أکثر من أي وقت مضی وبما أن لاريجاني حليف لروحاني ويسير دربه، اجتازت الحکومة البرلمان بکل سهولة. ولکن لا يمکن أن نعتبر أنه سوف تجري الأمور في مجاريها من الآن فصاعدا، لأنه أولا، لا يرکز الصراع الرئيسي علی الحکومة وثانيا، لا يرکز الصراع والتحدي الرئيسيان لحکومة روحاني علی البرلمان وإنما علی خامنئي وعندما تطرح قضايا هائلة وستراتيجية لا محل للبرلمان من الإعراب ولا يؤدي شيئا إلا دورا رمزيا وصوريا کما شاهدنا ذلک خلال قضايا الاتفاق النووي والمصادقة عليه من قبل البرلمان.
ولکن ما هو التحدي أو الأزمة الرئيسية التي طالت النظام؟ وما هو مدی تأثير هذا التحدي في مباحثات ذات صلة بالحکومة؟ وتبين تصريحات روحاني عند تقديم الوزراء المقترحين ودفاعه عنهم، جانبا من هذا التحدي العظيم والرئيسي:
«نحن بحاجة إلی 200مليار دولار رأسمال للنفط والغاز والآن أکثر من 100مليار دولار لمشاريعها جاهزة، إذًا ماذا علينا أن نفعل؟».
ليس قصد روحاني وما يقدمه من حل أمرا سريا، لأنه أکد مرارا وتکرارا أن الحل يکمن في الاتفاق النووي والمضي قدما فيه، بمعنی أنه يعتبر نموذج الاتفاق، الحل الوحيد لإنقاذ النظام ومن هذا المنطلق يؤکد: «المسؤولية الأکبر لوزيرنا للخارجية هي أولا، يقف بجانب الاتفاق النووي ولا يسمح للولايات المتحدة وأعداء إيران أن ينجحوا… ».
ولا شک في أنه لا يعتبر أي حل ناجحا إلا بموافقة الولي الفقيه في النظام الرجعي عليه کما لا يمکن طرحه دون ذلک، وهذا ما تشير اليه العلامات بأن خامنئي يوافق علی القضية وذلک لأسباب محددة. کما کان خامنئي وخلال تصريحات أدلی بها في حفل تنصيب روحاني أکد علی ثلاثة شروط لنجاح حکومة روحاني حيث کان أحدها «التعامل مع العالم»، کما کان الملا آملي لاريجاني شدد علی ذلک نقلا عن خامنئي.
ولکن هل ومن أجل تنفيذ هذه الخطة والسير نحو هذا الهدف تم ترسيم خارطة طريق أم لا؟ لايزال الأمر غامضا وغير معلوم لأن خامنئي کالمعتاد وباطلاق کلمات متناقضة (کما کان الأمر عليه في فترة کانت المفاوضات تجري فيها) لا يبين ويکشف دربا سوف يسيره، خاصة وأن الاتفاق النووي بات الآن بمثابة أداة ومعدات بيد المهمومين ليهاجموا بها علی روحاني وحکومته («لا بد للرئيس وکوزير الخارجية ظريف أن يقبل أن العقوبات رفعت علی الورقة وليس إلا. ولا بد لروحاني وکمدير البنک المرکزي سيف أن يقبل أن مکاسب الاتفاق النووي تکاد أن تکون صفرا. ولا بد لرئيس الجمهورية وکرئيس منظمة الطاقة الذرية الدکتور صالحي أن يقبل أن الأمريکان نکثوا العهد» ـ صحيفة رسالت الحکومية ـ 22آب/ أغسطس 2017).
وهکذا يعتبر «الاتفاق النووي» الذي ينوي روحاني الاتکال عليه ليجذب به رأسمال يبلغ 100مليار دولار و200مليار دولار من الخارج فضلا عن معالجة القضايا الاجتماعية التي تطغی علی النظام، بمثابة مبنی بني علی رمال متحرکة لأنه ليست العصابة المنافسة تهاجم عليه فقط وإنما يشکک في الاتفاق الطرف الخارجي الرئيسي (الولايات المتحدة الأمريکية) إذ أرسل الرئيس الأمريکي نيکي هيلي مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إلی فيينا عند الوکالة الدولية للطاقة الذرية لتجعل الوکالة ترکز علی مخالفات ارتکبها النظام الإيراني في الاتفاق النووي ولتعد الولايات المتحدة تقريرها الدوري في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر طبقا لها. ولکن يعتبر کل ذلک حقائق لا تتواری عن روحاني حيث يلاحظها بأم عينه ولکن في الحقيقة لا مناص له سوی التعلق بالحبل المتهرئ للاتفاق النووي ومن هذا المنطلق يضطر إلی التظاهر کإنشاء مديرية الاقتصاد في الخارجية وتفويض واجبات خاصة لظريف بشأن الحفاظ علی الاتفاق النووي فضلا عن اعتبار معارضة الرئيس الأمريکي وباقي رجال الدولة الأمريکان للاتفاق النووي مزاحا ويحاول حفظ ماء وجه النظام کالحادي بلا بعير («تتحمل الخارجية اليوم مسؤولية الحفاظ علی النبتة الناشئة للاتفاق النووي بمثابة أکبر واجب تتحمله وأن تقف في وجه الولايات المتحدة وفي وجه من وقفوا وساروا ضد مصالح إيران الوطنية ولا تخشی مزاح البعض… وتعوّد البعض الإدلاء بتصريحات وجمل وعلينا أن لا نخشاها ونمضي قدما في أمرنا» کلمة روحاني في برلمان النظام ـ 20آب/ أغسطس).
ولکن الحقيقة هي ما وصفه أحد المواقع الحکومية التابعة لخامنئي بـ«عنوان خطأ قدمه روحاني» مؤکدا علی أن «الاتفاق النووي وثيقة من أجل حالات غيرقانونية للإشراف علی البلاد والقضاء علی قضية القوة النووية لإيران» وتابع يقول: «ينبغي اعتبار وجهة نظر (روحاني) بمثابة بيت لا أساس له في الأرض» (موقع رجا نيوز الحکومي ـ 20آب/ أغسطس).

زر الذهاب إلى الأعلى