أخبار إيرانمقالات

الإرهاب الإيراني بين طاجيکستان وأفغانستان

 

 

الوطن السعوديه
17/8/2017
 
بقلم:محمد السلمي


أي جهود دولية لمواجهة الإرهاب الإيراني يجب أن تبدأ من استهداف العمود الفقري له، ممثلا في الحرس الثوري والميليشيات المرتبطة به

کان هناک اعتقاد سائد بأن أدوات النظام الايراني في دول آسيا الوسطی مختلفة تماما عن أدواتها مع غرب آسيا.
الاعتقاد السائد کان يتمثل في أن هناک دعما إيرانيا للأقليات الشيعية في تلک الدول، ولکن الترکيز الأکبر کان علی القوة الناعمة، والمشترکات الثقافية واللغوية والتاريخية.

أيضا، ندرک جيدا المواقف المنزعجة من الدور الإيراني في تلک الدول، وفقدان الثقة في طهران، وأيضا مساعي التجنيد عبر المراکز الثقافية والمنح الدراسية، ونحو ذلک.
لکن الواقع أن الإشکال أعمق من ذلک بکثير، بل وقد فاجأت الحقائق التي کشفت مؤخرا عن جانب من جوانب العبث الإيراني في تلک الدول.

قبل أيام، بث التلفزيون الرسمي لدولة طاجيکستان التي تتحدث الفارسية -وإن کانت تکتب بالأبجدية الروسية- بث فيلما وثائقيا خطيرا عن تاريخ الدعم الإيراني للإرهاب في طاجيکستان، وتورُّط طهران في کثير من العمليات الإرهابية في البلاد منذ استقلالها، من ذلک تدريب بعض العناصر الإرهابية علی السلاح، وتنفيذ الاغتيالات، واستهداف رجال الأمن والمثقفين، وتنفيذ الأجندة الإيرانية في الداخل الطاجيکي.
أيضا، يکشف هذا الفيلم الوثائقي حلقة جديدة من التنسيق بين النظام الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين.

فکما يعلم الجميع أن حزب النهضة في طاجيکستان الذي تأسس عام 1973، مبنيّ علی أفکار ومبادئ وأهداف تنظيم الإخوان المسلمين. وکانت هناک محاولة لاحتواء الحزب إلا أن ذلک لم ينجح علی ما يبدو، فقد صَنّفت المحکمة العليا في طاجيکستان عام 2015 حزب النهضة الإسلامية منظمةً إرهابية، ومنعت کل أنشطته، واعترضت علی استضافة إيران زعيم الحزب محيي الدين کبيري، خلال فعاليات ما يسمی مؤتمر الموحدة الإسلامية بطهران 2016، ولقائه المرشد الإيراني علي خامنئي.

کذلک، يتزامن الکشف عن التورط الإيراني في العبث بأمن واستقرار طاجيکستان مع تورط إيراني جديد في الجارة أفغانستان، فقد کشفت تقارير دولية تورُّطَ النظام الإيراني في تنفيذ عمليات إرهابية في الداخل الأفغاني.
تؤکد بعض المواقع الألمانية والأميرکية أن «هناک قنوات مشترکة يتم خلالها نقل المعلومات والأموال، إضافة إلی تزويد الجماعات بالسلاح»، لا سيما أن هناک جناة إيرانيين، تم التعرف عليهم خلال عمليات إرهابية سابقة في أفغانستان.

وتشير هذه التقارير إلی عودة إيرانية قوية إلی الساحة الأفغانية من جديد، ولکن هذه المرة عبر حرکة طالبان. فعلی سبيل المثال، بعد انفجار صهريج مياه الصرف الصحي أمام السفارة الألمانية في کابول في عملية انتحارية نفذها مجموعة من الإرهابيين، تداولت تقارير صحفية أن الصهريج المحمل بالمتفجرات کان يقف في مساء اليوم الذي سبق الحادثة في الشارع المجاور للسفارة الإيرانية، أي بمعنی آخر فإن من بين الجناة أحد الأعضاء التابعين لشبکة حقاني حسبما تشير التقارير، فهذه الشبکة من الجماعات المتطرفة التابعة لحرکة طالبان، وتتلقی دعمها من إيران.

الجدير بالذکر هنا، أن أفغانستان ظلت مسرحا للنشاط الإيراني من دعم الإرهاب وتجارة المخدرات، وتقديم الدعم المالي واللوجيستي والاستخباراتي للتنظيمات الإرهابية النشطة هناک، علاوة علی السماح للإرهابيين بالعبور عبر الأراضي الإيرانية من وإلی أفغانستان.
من يتابع ترکيز النظام الإيراني علی دعم الإرهاب، والعمل علی زعزعة أمن واستقرار الدول، ومساعيها لتقويض الحکومات الشرعية، يجد أن القاسم المشترک في جميع هذه الأنشطة الإيرانية هو الحرس الثوري الإيراني، فهو يتولی التدريب والتأهيل والتمويل والتجنيد والتخطيط والإشراف علی تنفيذ العمليات الإرهابية في الدول المستهدفة، والاستعانة في ذلک بتنظيمات مختلفة عقديا وفکريا، وبالتالي فإن أي جهود دولية لمواجهة الإرهاب الإيراني يجب أن تبدأ من استهداف العمود الفقري له، ممثلا في الحرس الثوري والميليشيات المرتبطة به، وما عدا ذلک فإن العمل سيکون مضيعة للوقت والجهد، في ظل تنامٍ خطير للنشاط الإيراني في القارة الآسيوية وخارجها.
وأخيرا، من الأهمية بمکان اتخاذ خطوات سريعة في هذا الصدد، في ظل قيام النظام الإيراني برفع المخصصات المالية السنوية للحرس الثوري، مما يعني عزمه علی رفع وتيرة تدخلاته الخارجية، والاستمرار في سياسة العبث بأمن واستقرار الدول.

 

زر الذهاب إلى الأعلى