حديث اليوم

حفل تنصيب حکومة الأزمة والمأزق

 


 
بذل النظام قصاری جهده من أجل مهزلة تنصيب حسن روحاني لولاية ثانية بعنتريات واستعراضات واسعة ليتستر بذلک ما طغی عليه من ظروف متردية ومذلة يعشيها ولکن وعلی أرض الواقع کانت المراسم ومن الناحية الصورية مهزلة مملة تشابهت إلی حفل تأبين، کما ومن الناحية السياسية ومن حيث المضمون بيّن عدم حضور عدد من کبار عناصر النظام فيه بينهم أحمدي نجاد والحرسي جعفري القائد العام لقوات الحرس والآخرين مدی اتساع شقة الخلاف داخل النظام. کما تعرض قلة حضور السلطات لمختلف البلدان ما يتعرض له النظام من عزلة إقليمية ودولية. وکانت موغريني أعلی مسؤول شارک المراسم وذلک وبحسب المصادر الإخبارية لم تکن قد سافرت إيران باعتبارها رئيسة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي وإنما کرئيسة الوفد المشرف علی تنفيذ الاتفاق النووي وفضلا عن ذلک قيل إنها تنوي تحذير السلطات في النظام خلال لقاءاتها بهم حول انتهاک حقوق الإنسان والتدخلات الإقليمية. وليس من سبيل الصدفة أن صحيفة کيهان المحسوبة علی خامنئي کتبت بامتعاض في 5آب/ أغسطس تحت عنوان «هذا هو الضمان الأوروبي!» تقول: «نظرا للآلية المطروحة من قبل المنافس في المفاوضات النووية (آلية الزناد) وفي مثل هذه الظروف يحاول البعض اعتبار زيارة موغريني لإيران لمشارکة مراسم تنصيب روحاني بمثابة واحد من «مکاسب الاتفاق النووي»! وهل من استهانة واستخفاف أعلی من ذلک؟! واليوم لو أوقفنا عمل إيران بأسرها، لزار قادة جميع بلدان العالم إيران. ولطالما يتم تشديد العقوبات ولا يلتزم المنافس بعهوده ولا ينفذها، لن تجدي هذه الترددات والتنقلات نفعا من الناحية الاقتصادية أو غيرها من النواحي سوی الاستهانة والاستخفاف!».
وهکذا لم يتمکن مراسم التنصيب ورغم ما أطلق من أجله من دعايات وضجات من بلسمة جروح التساقط المتزايد لقوات النظام في هيکليته أو تخفيفها. کما وأن ما أطلقه علي لاريجاني من مزاعم رعناء ووقحة خلال کلمة أدلی بها في المراسم يضربها أقرب العناصر التابعة للنظام عرض الحائط ويسخرونها حيث قال: «تعيش إيران ظروفا إقليمية ودولية أفضل وما يبذله نظام الجمهورية الإسلامية من جهود هادفة إلی الرفاهية والاستقرار تبشر المنطقة بظروف أفضل». وفي الحقيقة ينبغي لنظام الملالي وبعدما أکمل «الرفاهية والظروف الأفضل» للمواطنين الإيرانين أن يبحث عن «الرفاهية والاستقرار» و«ظروف أفضل» لشعوب المنطقة بالطبع!
وحاول روحاني کالمتکلم الرئيسي في هذا الحفل الإيحاء بأن النظام يعيش ظروفا تسير نحو التقدم ولکن جهوده لم تحصل علی نتيجة سوی إظهار ما طغی علی النظام من الأزمة والمأزق أکثر فأکثر. وعلی سبيل المثال ولا الحصر بينما أشعلت النتائج السامة لهزيمة الاتفاق النووي نار الصراع والنزاع المستمرين في النظام، اعتبر روحاني برجام «نموذجا تدل علی الوفاق الوطني» ومن المدهش أنه أذعن خلال کلمته بهزيمة برجام نتيجة ما يصفه بـ«حالات نکوث التعهد من قبل الطرف الأمريکي في الاتفاق النووي» وبينما کان يؤکد بکل خزي وذل علی أن النظام «لن يکون من يبدأ بخرق الاتفاق النووي» أشار إلی تعميم «تجربة الاتفاق» وقال: «يمکن اعتبار الاتفاق النووي بمثابة نموذج في العلاقات والحقوق الدولية ويمکن صنع قاعدة وأصل جراء هذا الاستثناء».
ولکن تبين موقف روحاني المتخاذل عندما أشار إلی العقوبات الأمريکية الجديدة إذ طالب يقول: «هيا بنا أن نزيح الستار عن أم المفاوضات، وليس اليوم عهد إزاحة الستار عن أم العقوبات، هيا بنا أن نزيح الستار عن أم التعامل، مفاوضات عظيمة بشأن عالم جديد…».
ولکن ما الذي يعوّل عليه روحاني في مقترحه القاضي بـ«مفاوضات عظيمة» قد تکون لـ«صفقة عظيمة»؟ وتابع روحاني کلامه ويکشف النقاب عن ذلک ويقول: «مفاوضات عظيمة حول عالم جديد تقع بلادا نظير إيران کبرج رفيع للديمقراطية! برج لا يقل عدد سلمه عن 111!…».
وأماط روحاني ومن خلال هذه الإنشاءات المبتذلة اللثام وبشکل مذل ومتخاذل عن الجعبة الفارغة لنظامه الساقط إلی حضيض الذلة والمأزق. ومن هذا المنطلق يضطر إلی أن يقسم أن النظام لايواجه المأزق! وما هو السبب؟ والسبب هو الأصوات المزيفة والأعداد المزورة الناجمة عن غرفة تجميع الأصوات: «أمة تحظی بأکثر من 41مليون صوت في الصندوق، لا يجد نفسه في المأزق أبدا!».
وکلما يحاول روحاني إنکار الحقائق التي تراها أعين الجميع وحتی أذعن بها نفسه، کلما يتورط في مستنقع الخزي والفضيحة: «يوجد في البلاد حکم ثنائي!». وليس من المعلوم أن الشيخ حسن إما يذعن بارتکابه الخطأ بشأن ما أطلقه سابقا من الموقف القاضي بـ«الحکومة التي تملک البندقية والحکومة التي لا تمتلک البندقية» إما يتخاذل أمام «القائد المعظم»؟ وأما وفي کلتا الحالتين فلا يتمکن من التستر علی حقيقة الأزمة والمأزق اللتين طالتا النظام. وفيما يلي النقاط الرئيسية لهذه الأزمة:
1. الأجواء المتفجرة للغاية في المجتمع، وتعتبر 6آلاف تجمع احتجاجي يقيمها الأطياف الضائقة ذرعا طيلة العام المنصرم مؤشرة تدل علی ذلک (تقرير للحرسي اشتري قائد قوی الأمن الداخلي ـ وکالة أنباء إيسنا ـ 18تموز/ يوليو 2017).
2. العزلة الإقليمية والدولية المشلة التي تتجسد في الإعلان عن العقوبات الدولية المشلة کمؤشرة تدل عليها، أو أم العقوبات بحسب روحاني حيث يدعمها کل من الدول الأوروبية والإقليمية.
3. أزمة النظام الداخلية رغم التظاهر بالوحدة حيث ليس لم يبق أقل أمل لتخفيض ذلک وإنما تشديدها في الآفاق أکثر من أي وقت مضی (المقال الافتتاحي لصحيفة جمهوري الحکومية ـ 5آب/ أغسطس: «کان المحور الرئيسي لتصريحات القائد وتصريحات الرئيس روحاني في مراسم التنصيب، التأکيد علی الوحدة. في الحقيقة لا نفتقر إلی شيء في القطاع الکلامي لهذا المجال ولکن ما يثير القلق هو عدم ترجمة القول إلی العمل علی أرض الواقع. وما يثير القلق هو عدم حل الخلافات في الرأي حيث يؤدي الأمر إلی حالات علنية للمشادة الکلامية التي من شأنها أن تتبدل إلی نزاعات عميقة في مختلف شرائح المجتمع. وما يثير الأسف أکثر من ذلک هو أن هذه المشادات انتقلت إلی جسد المجتمع». ).
4. الأزمة الاقتصادية، وهناک مستقبل أسوأ ينتظر النظام وذلک نتيجة تهديم الإنتاج وما يترتب علی العقوبات الجديدة من آثار وتداعيات.
5. أزمة حقوق الإنسان حيث تطال النظام أکثر من أي وقت مضی تحت وطأة التقدم الباهر والملحوظ لحرکة المقاضاة، وتأکيد الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره السنوي علی مجزرة عام 1988 وذلک لأول مرة، يعتبر مؤشرة تدل علی ذلک.
6. وأخيرا، يجعل الحضور القوي لمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية حيث حاصروا النظام من جميع الجوانب وهم في غاية الوحدة التنظيمية والمصداقية والاعتراف بهم علی الصعيد الدولي، أزمات النظام تسير نحو الإسقاط ويحرک العجلات نحو هذا الدرب.

زر الذهاب إلى الأعلى