أخبار إيرانمقالات

أخطبوط ولاية الفقيه في إيران

 

 

1/8/2017
عبدالرحمن مهابادي –کاتب ومحلل السياسي

 

بعد إعادة خميني المشبوهة والمدروسة إلی إيران في بداية عام 1979 لم يکن يعلم ويتکهن أحد ماذا ينتظرالشعب الإيراني قريباً من مصير مأساوي إلا قليلاً من الُملمين بهوية التطرف الإسلامي، کما التحدي أمام هکذا شخصية والتيارالمتطرف لم يکن أمراً هيناً حيث کان يحتاج إلی إلمام بتعقيداته بالذات کما کان الکثير من الثوريين آنذاک ممن کانوا لا يستوعبون هوية هؤلاء المتطرفين وکما شاهدنا لاحقاً اُبتلعوا بواسطة هذا الوحش فحذفوا من ساحة النضال فعلاً.
ظهر هذا العفريت تحت شعارات إسلامية و وعود ذهبية حيث کان عوام الناس يشاهدون صورته في القمر کما استقبله ملايين من هؤلاء الناس وکانوا بنفس العدد يسارعون بتنفيذ أوامره فعليه نشبت الحروب داخلية وخارجية وتم قمع الحريات في البلد والأحرار الذين إنتصرت الثورة الإيرانية نتيجة جهودهم المبذولة ضد الدکتاتورية في زمن الشاه.
لقد استولی خميني في البداية علی السلطتين القضائية والتشريعية في أول خطوة ولاحقا علی التنفيذية بشکل کامل باستمداد بما کان يدعيه ” القوی الغيبية “ !! حيث تمکن بعد هذا الاستيلاء علی جميع جهات المجتمع بمخالبه التوسعية مما أحاط بشکل کامل بجميع مناحي الحياة لکل إيراني بالذات.
هذا وتشکلت وفضلاً علی الجهات العسکرية الأساسية مثل الحرس الثوري، شبکات واسعة من المؤسسات الحکومية التي کانت غايتها الرئيسية السطو علی المجتمع والمواطنين بصورة کاملة وفي بؤرة أهدافها حماية وجود النظام وقمع المعارضين ولم تسلم عائلة واحدة مصانة من مراقبة المؤسسات الحکومية الشديدة.
هناک نقاط کثيرة لم تفصح عنها بالنسبة لهذا الوجه من ولاية الأخطبوط ليتبين مدی اضطهاد النساء الإيرانيات فإنهم ضحايا جرائم هذا النظام . نعم هناک إعدام بعد ممارسات التعذيب لأکثر من 10آلاف من النساء المجاهدات والمناضلات الإيرانيات علی يد هذا النظام ، کما هناک وثائق کثيرة لجعل النساء واستغلالهن کفخة لجر معارضي النظام بشتی الطرق ومن ثم اقتيادهم إلي آتون الموت لا محالة.
لکن الغاية الخفية وفي نفس الوقت الرئيسة لتشکيل هذه الشبکات وجميع الجهات الحکومية ليس إلا التجسس واستطلاع معارضي هذا النظام بالذات ليتمکنوا من قمع أي معارض للنظام تماماً حيث تم جعل عناصر وزارة المخابرات المافيائية المدرَّبة في جميع المناصب المفصلية وقل ما يوجد هنا وهناک في الدوائر الحکومية أحد لم يتعرض للتهديد أو التحريض للتجسس ضد أقربائه .
لا توجد في إيران الرازحة تحت وطأة الملالي أية منظمة أو موقع للتواصل الإجتماعي غير حکومية ناهيک عن عدم سماح للمنظمات السياسية المعارضة لهذا النظام لأي نشاط واعتبار عناصرها ” محارباً “ أو ”منافقاً“ أوضدالثورة (حسب وصفهم)والأحکام الصادرة مسبقاً إعدام وليس إلا.کما لا توجد أية منظمة ” إن جي أو“ (NGO) خارج نفوذ وزارة المخابرات الإيرانية بالذات.
قال أخيراً ”علي فلاحيان “ وزير المخابرات السابق في مقابلته مع وسيلة اعلامية : «هناک فعاليات من قبل وزارة المخابرات الإيرانية تحت مختلف الأغطية سواء ً التجارية أو الصحفية في داخل البلد أو خارجه(آبارات 15/يونيو2017) فمعناه  أن وسائل الإعلام والصحفيين أعضاء الشبکة الأخطبوطية لوزارة المخابرات الإيرانية .
وصرح علي فلاحيان في نفس المقابلة بإصدار فتوی خميني مسبقاً في عام 1988بارتکاب مجزرة لقتل 30ألفاً من السجناء السياسيين من المجاهدين والمناضلين حيث قال: ”بالنسبة للمجاهدين وجميع الجماعات المحاربة تکون فتوی خميني ، الإعدام وحتی کان يؤکد خميني أن الاحتياط سيکون باتجاه الإعدام ولا بالعکس سواءً کانوا قبل 1988أو بعده .(آبارات 15/يونيو-2017) .وفی إجابة علی سؤال : هل کان جميع المعتقلين الذين تم تنفيذ حکم الإعدام عليهم مسلحين؟ اعترف فلاحيان وقال سيکون حکم من اعتقل من مجاهدي خلق حتی لو کان يشتري لهم خبزاً، أو توفير أية إمکانيات، الإعدام. ولکن اللافت ، أنه کان علي فلاحيان وزيراً لمخابرات حکومة هاشمي رفسنجاني الذي کان يحمل کذباً صفة الإصلاحي و” قائد الإعمار “ وما شابه ذلک!
لا ننسی أن فلاحيان وفضلاً علی قيادته مسلسل عمليات القتل ضد المعارضين والمثقفين الإيرانيين ، کان مطلوباً دولياً بسبب تورطه في اغتيالات الخارج حسب تبليغ رسمي دولي أيضاً.
إن أزلام هذا النظام وکما أذعن به علي خامنئي في خطابه مؤخرا لهم الخيار في فتح النار وهذا في نظام لم يترک أي أرضية (حتی فکرية ) للخياروالاستقلال ، لا فردياً ولا عائلياً ولا لأي تيار ، والسبب يکمن في جذورالمنبوذية والکراهية من هذا النظام في المجتمع حيث لا يتم السيطرة عليه إلا عن طريق القمع الوحشي بالذات فما بالک لو أضفنا البلايا الاجتماعية المستشرية مثل البطالة والفقرالمدقع والإدمان والسرقة والدعارة وبيع الأعضاء البشرية وبيع النساء والأطفال وحرق النفس والانتحار وما إلی ذلک ..والتي يکون السبب الرئيس منها ورأس الخيوط وبؤرهذه البلايا القاتلة، أزلام هذا النظام وليس إلا. ولاشک الغاية منها ليس إلا عرقلة الشعب من التطور و التفکر بالحرية وللحرکة إلی الأمام کما لا يستحيون من تنفيذ أحکام الإعدام والتعذيب والجلد في المرأی العام وکل هذا الأخطبوط ليس إلا منعاً من سقوطهم الحتمي.
فعليه نستطيع القول ان دکتاتورية إيران الدينية استثنائية في تاريخ البشر أو علی الأقل في العصرالحاضرحيث دخلت مخالبها ليس فقط علی أموال الشعب الإيراني وأنفسهم فحسب ، وإنما علی جميع البلدان المجاورة وبعناوين وحجج مختلفة ثقافية وتجارية کما يمول ويسلح ويدرب الجماعات الإرهابية مثل  ” حزب الله “ والحوثيين والحشدالشعبي و…
لکن اليوم وفي المرحلة الجديدة انکشف وجه هذا النظام أمام العالم بفضل حضور مقاومة منتظمة شاملة وبديل ديمقراطي حيث استوعب المجتمع العالمي عدم قابلية هذا النظام للإصلاح فيجب القضاء عليه. نعم هذا هو المطلب الرئيس المطروح في المؤتمر السنوي والاجتماع الأخير الضخم للإيرانيين المعارضيين لهذا النظام وأنصار هذه المقاومة  في قاعة فلبنت بباريس يوم 1/ يوليو-تموزفي هذا السنة الذين صرخوا بصوت عال وبملء حناجرهم..
وحاليا وبعد اقرار العقوبات الجديدة بأغلبية ساحقة في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريکيين والتي تضمنت في محورها إدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية ، نری کيف اهتز هذا النظام، فما بالک بعد توقيع الرئيس الأميرکي ليتحول إلی قانون فنستطيع القول أن عملية تغييرهذا النظام ستتسرع من جديد وسينتهي بالبديل الديمقراطي!
@m_abdorrahman

 

زر الذهاب إلى الأعلى