أخبار إيرانمقالات

عندما يتحکم الجهـلة بمصير الشعوب

 

السياسه الکويتية
25/7/2017
 
بقلم:أحمد الدواس


أراد ملک يحکم منطقة تمتد مساحتها من هنغاريا الی ألمانيا ويعتنق المذهب الکاثوليکي أن يفرض هذا المذهب علی المناطق الأخری في أوروبا، فبدأت شرارة الحرب الطائفية في أوروبا العام 1618 واستمرت ثلاثين عاماً تدمر خلالها وسط أوروبا،
وعاشت أوروبا في تلک الحقبة سنوات تمزقها حروب دينية وعرقية بسبب شرارة أشعلها نظام طائفي أحمق، ثم أصاب الإنهاک الدول الأوروبية ولم يکن بينها دول منتصرة علی الأخری، وبعد ان مات ملايين الناس فيها شعر الأوروبيون بأخطائهم الفادحة، فقرر کل بلد أوروبي عدم فرض عقيدته الدينية علی البلد الأوروبي الآخر، واتخذت أوروبا مساراً نحو مستقبلٍ أفضل فوضعت قانوناً يجرم استخدام لغة الکراهية والتعصب حتی تنعم أوروبا بالأمن والسلام.

إيران اتبعت سياسات خارجية علی نحو مشابه لماحدث في أوروبا بإشعالها النعرة الطائفية ولغة الکراهية بعد ثورتها العام 1979، فمن يقرأ السياسة الإيرانية يجدها بعيدة عن مفهوم التعايش السلمي بل تتخذ سياسات عدائية، فبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في العام 1988 وبالتحديد في العام 1990 زرعت إيران عملاء لها في الخارج في السفارات الإيرانية والمکاتب التجارية الإيرانية وشرکات الطيران والبنوک وشرکات الملاحة والمعاهد الدينية والثقافية ومراکز تقديم الصدقات لتجنيد خلايا محلية لتنفيذ أجندة إرهابية لصالح إيران، کذلک انشأت جهازاً خاصاً لتنفيذ مهمات خارجية ضد مصالح بعض الدول يٌسمی «الوحدة 400»، فإذا أرادت إيران تنفيذ عملية ما يبدأ هذا الجهاز بتجنيد الأشخاص ليسافروا الی ايران من اجل التدريب ، فإذا کانت المهمة اعتداء علی إسرائيليين في بلغاريا مثلا فان أشخاص المهمة لايخرجون من ايران مباشرة الی بلغاريا وانما يذهبون الی بلد ثالث ومنه الی بلد المهمة، وذلک للتمويه ولنفي اي صلة لايران وقت الحادث ، وبعد الحادث يعلن النظام الايراني وعلی الفور استنکاره الواضح له حتی يخلي مسؤوليته.

إيران أعلنت علی الملأ انها تتبع سياسة سلمية، لکنها تعلن أيضاً أنها ستساند الشعوب المظلومة في البحرين واليمن، وأن من حقها «دخول الکويت عسکريا لحماية آل البيت وأنهم قادرون علی قلب أنظمة دول الخليج» ،کما جاء علی لسان عضو اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية محمد کريم عابدي يوم 28 يونيو 2015 ، ومن أساليب التجسس الممکنة أنه في يوم 14 مارس 2015 حلقت في سماء الکويت طائرة لاسلکية مجهولة ، حامت فوق مواقع حساسة أبرزها «قصر السيف ومجلس الوزراء ومبنی مجلس الأمة» ، وذلک لمدة 15 دقيقة، قبل ان تتجه ناحية المياه الإقليمية، ما أثار التساؤل من أين أتت ومن طيرها ولماذا؟ وفي يوم 10 نوفمبر من العام نفسه عادت مجدداً الی التحليق لکن هذه المرة «فوق لواء التحرير المدرع علی طريق العبدلي، واستمرت في أجواء اللواء لما يزيد علی ربع الساعة قبل أن تحلق بعيداً مختفية عن الأنظار .

لانستغرب ان تقف إيران وراء ماحدث فقد نشرت صحيفة «الفورن بوليسي» الأميرکية مقالة بتاريخ 23 أغسطس 2013، أشارت فيها إلی ان هناک مطارا في جزيرة «قشم» القريبة من مضيق هرمز يسمح بإطلاق طائرات بدون طيار من نوع «شاهد 129» وطائرة من نوع «سرير 110 إتش» بإمکانهما رصد السفن العابرة للمضيق ومهاجمتها بصواريخ، وما يعزز الرأي بأن هذه الأعمال تجسسية عثور البحرين علی طائرة تجسس إيرانية شمال البلاد في مايو 2015، وان وزير الداخلية البحريني الفريق الرکن الشيخ راشد بن خليفة وصف هذا العمل بــ «العدائي ويعکس إصرار ايران علی التدخل في شؤون الأمن الداخلي لدول المنطقة بهدف زعزعة أمنها واستقرارها».

هذه بعض صور التجسس الإيرانية ، فإذا کانت إيران تتدخل في شأن اليمن وفي بلد بشرق أفريقيا مثل کينيا البعيدة اکثر من ثلاثة آلاف کيلومتر ، فلاشک أنها تتدخل في شؤون الدول الخليجية ، والکويت عانت کثيراً من التدخلات الإيرانية بشؤونها الداخلية، ولماثبت بحکم القانون تورط إيران بخلية العبدلي الإرهابية جاء موقف الکويت مـتزنـاً من الناحية الديبلوماسية فقد طلبت تخفيض التمثيل الديبلوماسي الإيراني علی أرضها وليس إغلاق السفارة الإيرانية ، مع إفساح الوقت لمغادرة بعض الديبلوماسيين الإيرانيين خلال 48 يوما وليس خلال 48 ساعة.
سفير کويتي سابق

زر الذهاب إلى الأعلى