أخبار إيرانمقالات

إيران… الانهيار بات قريباً والخروج من سوريا والعراق البداية

 

 

شرق الاوسظ
13/7/2017


صالح القلاب -کاتب اردني وزير اعلام ووزير ثقافة ووزير دولة سابق وعضو مجلس امناء المجموعة السّعوديّة للأبحاث والتّسويق

 


ليس لأن صحفاً أميرکية رئيسية وذات مصداقية وتأثير فعلي، إنْ علی أصحاب القرار وإنْ علی الرأي العام في الولايات المتحدة، قد أثارت هذا الموضوع وبمنتهی الجدية في الأيام الأخيرة بل لأن هذا هو واقع الحال ولأن إيران، التي قد تبدو مستقرة ومتماسکة بالنسبة للناظر إليها من الخارج البعيد، تعاني في حقيقة الأمر من تناحر ومن اشتباکات داخلية مع نفسها بين من يعتبرون أنفسهم ويعتبرهم الآخرون أصحاب هذا الحکم الذي مرَّ عليه منذ انتصار الثورة الخمينية ثمانية وثلاثون عاماً والذي کما يقول بعض أهله وبعض قادته الأوائل بات أوهی من خيوط العنکبوت وغدا مهدداً بالانهيار في أي لحظة.
إن الأخطر کثيراً مما تحدثت عنه بعض الصحف ووسائل الإعلام الأميرکية هو ما نسب إلی الجنرال محسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي کان قد قال قبل أيام قليلة إن نظام بلاده علی وشک الانهيار من الداخل وإنه علی المسؤولين أن يلتفتوا إلی الداخل بقدر ما يولون أهمية لتوسيع نفوذ إيران الإقليمي. وحقيقة أنَّ کل هذه التحذيرات التي أطلقها الجنرال رضائي هي تکرار لمواقف مسؤولين إيرانيين کبار کانوا قد حذروا هم بدورهم من تآکل نظامهم من الداخل «بسبب استشراء الفساد وتفشي الاختلاس وانتشار المحسوبية والرشی وضعف مؤسسات الدولة».
في إيران الآن هناک أجنحة متصارعة کثيرة داخل النظام نفسه؛ کل جناح منها ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض علی النظام والسيطرة عليه، واللحظة المناسبة هي الرحيل المفاجئ لمرشد الثورة والولي الفقيه علي خامنئي وعدم القدرة علی اختيار بديل له بالسرعة التي تجنب البلاد الوقوع في الفراغ التي إنْ هي وقعت فيه فإنها ستغرق في الفوضی غير الخلاقة بالطبع مما سيفتح المجال لمغامر أو لمغامرين من قادة حراس الثورة للقيام بانقلاب عسکري علی غرار الانقلاب العسکري الذي کان قام به الجنرال رضا شاه الذي أورث الحکم من بعده لابنه محمد رضا شاه الذي لم يحافظ عليه کما الرجال والذي انتهی بعد تجارب مُرة بالفعل إلی روح الله الخميني الذي بعد نجاح ثورته في فبراير (شباط) عام 1979 بدأ هؤلاء الملالي صراعاتهم الداخلية وإلی أن أوصلوا البلاد إلی کل هذا الذي وصلت إليه.
ثم وبالإضافة إلی کل أجنحة النظام هذه، التي ينتظر کل واحد منها اللحظة المناسبة لإقصاء الآخرين وإنْ بالحديد والنار والسيطرة علی الحکم ليواصل هذه المسيرة الظلامية ولکن علی نحو أکثر دموية واستبداداً وديکتاتورية، فإن هناک الذين يعتبرون أنفسهم «ليبراليين» کرئيس الوزراء السابق حسين موسوي وکمهدي کروبي وکأتباع الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، وإنَّ هناک أيضاً تيارات أکثر تطرفاً، بالإضافة إلی أجنحة حراس الثورة وبعض قادة الجيش الإيراني الذي يعتبر بمثابة الصامت الأکبر والذي قد يبرز من بين کبار جنرالاته من سيسيطر علی الحکم في اللحظة المناسبة ويکرر ما فعله رضا شاه ويقيم دولة ملکية يتوارثها أبناؤه وذلک إنْ استطاع هؤلاء الصمود أمام العواصف الإيرانية المفاجئة المعهودة.. . . . . . . .  ربما أنَّ الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ومعه کثيرون لم يکن يعرف أن حرب الثمانية أعوام التي أرادها نهاية للنظام الخميني ولحکم هؤلاء الملالي الذين يحکمون الآن في طهران قد أطالت في عمر هذا النظام، فالإيرانيون مشهورون بالعناد والقبول بالتحدي، ومشهورون أيضاً برفض أي تدخل خارجي في شؤونهم الداخلية، ولذلک فإن حتی بعض الذين کانوا مناوئين لهذا النظام والذين کانوا يسعون لإسقاطه وبالقوة العسکرية وجدوا أنفسهم تلقائياً في مواجهة العراق ووقوداً لتلک الحرب المدمرة التي إذا أردنا قول الحقيقة فإن النظام الإيراني کان يريدها وکان يسعی إليها أکثر من نظام البعث في بغداد.
الآن وبعد الغزو الأميرکي للعراق في عام 2003 وبعد إسقاط صدام حسين وتدمير نظام حزب البعث فإن ما يجب البحث عن سببه ومسبباته هو فتح أبواب بلاد الرافدين لإيران التي غدت دولة محتلة وبکل معنی الاحتلال لهذه الدولة التي توصف، وهي کذلک، بأنها الجدار الشرقي للعرب وللأمة العربية ودائماً وأبدا وفي کل حقب التاريخ ضد الأطماع الفارسية وضد التمدد الفارسي في العالم العربي مما جعل نظام الملالي يشغل الشعب الإيراني الذي من المفترض أنه شعب شقيق يربط بيننا تاريخ مشترک طويل بکل هذا الذي يفعله بهذه المنطقة کلها وصولاً حتی إلی اليمن وحتی إلی لبنان وحتی إلی بعض دول المغرب العربي التي تعتبر نائية وبعيدة.
وهکذا فإنَّ التعجيل بانهيار هذا النظام، الذي غدا عبئاً علی الشعب الإيراني أکثر مما هو عبء علی المنطقة العربية کلها، يتطلب إخراجه وبکل وجوده الاحتلالي من العراق ومن سوريا وأيضاً من لبنان واليمن وحتی وإن اقتضی الأمر الأخذ بتلک المعادلة القائلة عدو عدوي صديقي والتعاون مع الولايات المتحدة التي هي دولة صديقة في کل الأحوال والتي اعتبرت، ومعها بعض الدول الغربية، إيران الخمينية والخامنئية دولة إرهابية.
ثم، وهذا يجب أن يقال الآن مراراً وتکراراً، فإنه وللإسراع في انهيار هذا النظام، نظام الملالي، ورحيله لا بد من أن تنضوي کل قوی المعارضة التي يشکل « مجاهدين خلق» عمودها الفقري وقوتها الرئيسية في جبهة مقاومة واحدة وموحدة وعلی أساس برنامج الحد الأدنی والمعروف هنا أن «المجاهدين» في مؤتمرهم الأخير قد أبدوا استعداداً لإقامة هذه الجبهة التي يجب أن تتمثل فيها کل تنظيمات وقوی المجموعات القومية في إيران کالعرب والأکراد والبلوش والبختيار والآذاريين وغيرهم.
وهنا وما دام أن برنامج الحد الأدنی هو الشرط الرئيسي لنجاح أي جبهة معارضة وبخاصة في إيران فإن المفترض أن يکون البند الرئيسي من بين أهداف هذه الجبهة المطلوبة هو إسقاط هذا النظام، نظام الملالي، واستبدال نظام ديمقراطي به تشارک فيه کل مکونات الشعب الإيراني وذلک لأنه من غير الممکن أن يستقطب أي برنامج يدعو لتجزئة الدولة الإيرانية وتقسيمها إلی کيانات ودويلات قومية ومذهبية غالبية الإيرانيين الذين يرفضون ولو مؤقتاً الانقسام والتقسيم والذين يسعون فعلاً إلی دولة علمانية وديمقراطية تساوي بين کل أبنائها بغض النظر عن أصولهم ومنابتهم وانتماءاتهم الدينية والعرقية.
يجب أن يکون الهدف الوحيد في هذه المرحلة وبالنسبة لکل تنظيمات المعارضة وفصائلها حتی المسلحة منها هو إسقاط هذا النظام الرجعي الاستبدادي الذي يحشر شعباً عظيماً هو الشعب الإيراني بکل أعراقه وانتماءاته المذهبية والدينية في کهوف التاريخ الرطبة والمنتنة وإقامة حکم تعددي وديمقراطي عنوانه: الوطن للجميع والمساواة للإيرانيين کلهم بکل انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية.
وهکذا وعوْدٌ علی بدء فإن الذين وصفوا انهيار إيران المتوقع والمنتظر بأنه سيشبه انهيار الاتحاد السوفياتي، الذي کان يصفه أتباعه ومؤيدوه بأنه «عظيم»، لم يبتعدوا عن الحقيقة، فالروس – السوفيات قبل انهيارهم کانوا يحتلون أفغانستان وأيضاً کانوا يحتلون أوروبا الشرقية کلها وکانت خزائنهم فارغة وکان تضخم «الروبل»قد وصل إلی أرقام فلکية.
والمعروف أنَّ إيران، التي باتت تعاني من أوجاع کثيرة، تخوض الآن ثلاث حروب طاحنة هي الحرب العراقية والحرب السورية والحرب اليمنية وکل هذا بينما أصبح الـ«تومان» مصاباً بالانهيار الذي أصاب «الروبل» عشية انهيار الاتحاد السوفياتي وبينما أيضاً أنَّ ما يزيد الطين بلة کما يقال أن الدولة الإيرانية غير متجانسة قومياًّ وأنها عبارة عن مکون «فسيفسائي» من الفرس والآذاريين والعرب والأکراد والبلوش والبختيار وغيرهم، وأن بعض هذه المکونات القومية قد لجأت إلی امتشاق السلاح بعدما وصلت ممارسات حراس الثورة و«إطلاعات» وکل هذه الزمر «الميليشياوية» ضدها إلی حدود لم يعد بالإمکان احتمالها!!

زر الذهاب إلى الأعلى