أخبار إيرانمقالات

مجاهدي خلق «عربية»

 

 

الرأي الأردنية
9/7/2017

 

 

بقلم: احمد ذيبان

 

ربما هذه من الحالات النادرة، التي تتفق فيها مصالح الغالبية العظمی من الشعب الايراني، مع المصالح العربية علی هدف واحد ، وهو ضرورة إسقاط نظام الملالي ، فالشعب الايراني يعاني من ظلم وقمع غير مسبوق ،وإهدار مقدراته علی حروب عبثية خارجية ، والعرب يتعرضون لارهاب هذا النظام عبر تدخلاته المباشرة ونشر «فيروس» الطائفية ، من خلال ميليشيات طائفية تعيث فسادا في عديد الاقطار العربية مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان، ويسعی لتغذية الفتنة الطائفية في بلدان أخری ، وهو في الحقيقة يشکل الوجه الآخر ل»داعش «من خلال استخدام الدين والمذهب کمنهج لحکم بوليسي ، بل أنه للمفارقة يرفع شعار» المقاومة والممانعة» ضد اسرائيل ،لکنه يتفق معها في عنصر مشترک ،وهو إقامة دولة علی أسس دينية !

يوم السبت في الاول من تموز الحالي ،عقد في باريس المؤتمر السنوي للمقاومة الايرانية ، وبقدر متابعتي للاحزاب والحرکات السياسية ، لا أظن أن أي حرکة معارضة تعمل في المنفی، تستطيع حشد هذا العدد الهائل من أعضائها ومناصريها.. ما يزيد عن مئة ألف شخص،جاءوا من مختلف جهات الارض وعلی نفقتهم الخاصة، يشارکون وينظمون المؤتمر بحماس منقطع النظير ، فضلا عن مئات الشخصيات السياسية والثقافية والاعلامية من مختلف دول العالم ، حتی الاجراءات الامنية لهذا التجمع الهائل کانت من مسؤولية عناصر المنظمة !

نفقات المنظمة تعتمد علی تمويل وجهد ذاتي، لا يوجد دعم من أي دولة أو جهة سياسية ، ومصادرها التبرعات التي يجمعها أعضاء المنظمة ومساهماتهم الشخصية، ولذلک فهي تمتلک قرارها المستقل، ولا تخضع الی إملاءات من أي طرف. وتمنيت أن يکون لدی العرب منظمة مجاهدي خلق ،أو مجاهدي الشعب «عربية» !

کان مشهد المؤتمر مبهرا أشبه بلوحة فنية، خطفت أنظار الضيوف والمدعوين الذين عبروا عن ذهولهم لما شاهدوه ،وبينهم السيناتور الاميرکي السابق جوزيف ليبرمان ،الذي قال انه عندما ترشح لمنصب نائب رئيس الجمهورية ،لم يخاطب تجمعا انتخابيا خلال حملته يزيد عن الف شخص !

في بلادنا العربية ، ما أکثر الاحزاب والحرکات السياسية حين تعدها ،لکنها في الواقع أشبه ب»دکاکين « صغيرة يرتبط اسم الحزب بشخص الامين العام ، وحتی أکبر حرکات الأسلام السياسي داخل بلدانها، لا تستطيع جمع جمهور يتراوح بين « 20 و30 الف» شخص !

أما الحکومات فقد تستطيع بالإکراه والترغيب ،تجميع عشرات الالاف في مناسبات معينة ، من الموظفين والمنافقين والمنتفعين والوصوليين والبسطاء ، وتسخير إمکانات الدولة لانجاح المناسبة والهتاف ل»القائد الضروة» ! لکن أعضاء منظمة «مجاهدي الشعب» ، يعيشون في المنفی ومطاردين من نظام الملالي ، ومع ذلک يحشدون في مؤتمرهم السنوي أکثر من مئة ألف ، وبشکل طوعي ودون دعم من اي جهة..ما السر في ذلک ؟

ببساطة هذه المنظمة تمتلک إرثا نضاليا وأعضاءها مستعدون للتضحية ، وفي مقدمتهم السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة في المنفی ، وقدمت المنظمة تضحيات کبيرة خلال حکم الشاه، في سبيل اقامة دولة ديمقراطية مدنية ، تقيم علاقات تعاون وحسن جوار طيبة مع دول العالم وخاصة جيرانها العرب ! وبعد أن وصل نظام الشاه الی نهايته ، هبط الخميني فجأة ليغتصب الحکم ،عبر إطلاق شعارات طائفية مستغلا البسطاء الذين تحرکهم الدوافع المذهبية ، وفرض نظام «ولاية الفقيه» الذي يجسد فکرة ظلامية تعود الی أربعة عشر قرنا ! وفتک بقوی المعارضة الحقيقية وأهمها «مجاهدي خلق « ،لکن المنظمة واصلت نضالها بصلابة في الداخل والخارج ، وفق رؤية واضحة تقوم علی استحالة التعايش مع هذا النظام، الذي يمارس القمع والارهاب وإفقار الناس ، وکما قالت رجوي في کلمتها، ان ايران تحکم من قبل 4 % من السکان ،وهم نظام الملالي وبطانته !

ونحن اليوم أمام حاجة ملحة ، لإقامة تنسيق عربي مع منظمة « مجاهدي خلق « القوة الرئيسية المعارضة، وکان من بين أهم الشعارات التي طرحت في مؤتمر باريس ، بناء جبهة سياسية عربية – ايرانية عريضة ،هدفها العمل المشترک للخلاص من هذا النظام الفاشي.

زر الذهاب إلى الأعلى