أخبار إيران

تعاظم حرکة المقاضاة وردود أفعال نظام الملالي

 


 تذعن هذه الأيام وسائل الإعلام الحکومية أن قضية الإعدامات في عقد الثمانينات لم تتحول إلی موضوع هام في المجتمع فقط بل في داخل النظام. وتکتب هذه الوسائل أن هذه القضية منحت ذريعة بيد أعداء النظام ليذکروا حادث الإعدامات بمثابة سجل أسود ووصمة عار في مجال حقوق الإنسان ويستهدفوا أساس النظام وجذور أيديولوجية الجمهورية الإسلامية من خلال تشويه سمعة الإمام. وفي الحقيقه، ما الذي دفع نظام ولاية الفقيه يعيش هکذا ظروف مضطربة؟
الحقيقة الأولی هي أن وسائل الإعلام الحکومية هذه أو تلک هي ليست الطرف الأول الذي يعيش هذه الظروف المضطربة وإنما خامنئي هو من ساوره هذا القلق أکثر من غيره، إذ ما تعکسه وسائل الإعلام هو إبداء خوف وقلق ساورا الولي الفقيه کما هو أعلم أکثر من غيره مدی خطورة ما يهدد النظام من التهديدات.
وأکد خامنئي يوم 4حزيران/ يونيو الحالي في کلمة أدلی بها علی قبر خميني الدجال علی أن عقد الثمانينات أي عقد الإعدامات الجماعية ومجزرة آلاف السجناء السياسيين، عقد مظلوم وينبغي أن لا تستبدل مکانة الشهيد بالجلاد.
وکأنه جالس علی کرسي المتهم ويعلن أننا لسنا جلادين ولم نمارس الظلم والاضطهاد وإنما نحن کنا مظلومين وهو يتحدث عن فترة وصفت بعهد الإعدامات التعسفية والمجزرة لا في داخل إيران فحسب وإنما علی الصعيد الدولي حيث سجّله الکثير من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان.
ولا ينطق خامنئي مفردة «جلاد» علی سبيل الصدفة وإنما هي مفردة سادت المجتمع من قبل المقاومة الإيرانية جراء حملة مقاطعة الانتخابات المزيفة تحت شعار «لا للجلاد، لا للمخادع، صوتي هو إسقاط النظام». وبهذا الشعار النابع والمستلهم من حرکة المقاضاة (من أجل شهداء مجزرة عام 1988) قلبت طاولة خامنئي لما قام به من هندسة مهزلة الانتخابات کما ظل مرشحه الملا رئيسي جلاد مجزرة عام 1988 ورقة محروقة. وأثبت علی أرض الواقع أن هذه الحرکة لها قابلية إيجاد الانشقاق ودق الإسفين داخل النظام کما جرع خامنئي زهر الانشقاق. ولا حاجة للإيضاح أن حرکة المقاضاة من أجل دماء لمن سقطوا شهداء وضحايا في ظل هذا النظام اللاإنساني بدأت منذ مجيء قائد المقاومة إلی باريس. وخلال أکثر من ثلاثة عقود استمرت المئات من المؤتمرات والکلمات والرسائل والتقارير وحالات کشف النقاب مما سجلت المنظمات الدولية الکثير منها إلی أن دخلت الحرکة في صيف 2016 مرحلة جديدة بعدما قدمت مريم رجوي دعوة لها. کما نشر التسجيل الصوتي للسيد منتظري منتصف آب/ أغسطس 2016 وأثار أجواء الفوضی والشغب في نظام الملالي مما روج حرکة المقاضاة في المجتمع أکثر فأکثر والتي دفعت خامنئي يعرب عن هکذا ردود أفعال تحت وطأة شعار «لا للجلاد ولا للمخادع» خلال حملة مقاطعة الانتخابات.
واللافت هو أن خامنئي يخاطب في کلمته علی قبر خميني الشباب کمخاطبيه الرئيسيين وقال: «… تتعرض أذهان شبابنا لهجوم المحرفين، وأنهم اليوم في صدد العمل علی أذهان شبابنا أکثر ليحيلوا دون تعرف الجيل الشاب العظيم في هذه البلاد علی الکثير من الحقائق».
ويعتبر هذا الکلام إذعانا بهزيمة ما بذله النظام من جهوده الهادفة إلی إبعاد الشباب عن حقيقة صراع مجاهدي خلق ضد الولاية المعممة للمجازر من أجل الحرية مما يبين مدی قابلية المقاومة وقوتها في إحباط ما يقوم به النظام من حملة للتشهير والتسقيط وإطلاق الدعايات علی مدار الساعة.
وترسخت جذور حقيقة حرکة المقاضاة في المجتمع إلی حد لم تتمکن فيه خامنئي من الصمت رغما عنه حيث اضطر إلی الظهور في الساحة. ودخلت الحرکة حتی داخل النظام حيث شعر روحاني قبيل إجراء مهزلة الانتخابات بأيام بأنه وإذا ما يرکب أمواج الکراهية العامة فتنتهي الانتخابات بظروف ونتيجة مختلفة کما أکد في مدينة همدان يقول: «لا يقبل المواطنون الذين لم يعملوا سوی الإعدام والسجن خلال 38عاما».
وتبرز هذه الکلمات والمواقف التي تعتبر غيضا من الفيض موازين جديدة للقوی بين النظام والشعب ومقاومة الشعب الإيراني والتي تجسدت بشکل تام ضد النظام بعدما تکللت الهجرة العظيمة لمنظمة مجاهدي خلق بالنجاح.
وفي مثل هذه الظروف يجعل إعلاء راية المقاضاة لدماء الشهداء وبقدر أعلی النظام اللاشعبي إلی حافة منحدر السقوط أکثر من أي وقت مضی.

زر الذهاب إلى الأعلى