العالم العربي

أمنستي تتهم «الحشد الشعبي» باختطاف مئات العراقيين

 

 
12/6/2017

جددت منظمة العفو الدولية “أمنستي” توجيه اتهاماتها لميليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران باختطاف أکثر من 643 رجلاً وطفلاً من بلدة “الصقلاوية” في محافظة الأنبار بالعراق منذ أکثر من عام إبان استيلاء الميليشيات علی مدينة “الفلوجة”.
 وبيَّنت “أمنستي” في تقرير لها، أصدرته يوم أمس الأحد 11 حزيران، أن عائلات المفقودين تعيش “في عذاب منذ ذلک الوقت، وهي غير متأکدة مما إذا کان أحباؤها سالمين أو حتی علی قيد الحياة”.

ما الذي حدث في حزيران 2016؟
في صباح 3 حزيران 2016 اعترضت ميليشيات “الحشد الشعبي” الآلاف من أهالي بلدة “الصقلاوية”، الذين غادروها بفعل المعارک ضد تنظيم الدولة، وقام عناصر الميليشيات المسلحين بفصل النساء والأطفال الصغار عن أکثر من 1300 رجل والأطفال الأکبر سناً.
وبحسب تقرير منظمة العفو، الذي اعتمد علی شهادات مختطفين سابقين والأهالي، تم نقل هؤلاء الرجال والأطفال الأکبر سناً إلی بنايات، ومرائب، ومحلات تجارية مهجورة في المنطقة القريبة، وصادروا وثائق هوية المحتجزين، وهواتفهم، وخواتمهم، وباقي المقتنيات الثمينة. ولاحقاً، عمد هؤلاء المسلحون إلی تقييد أيادي المحتجزين وراء ظهورهم، وفي معظم الحالات استخدموا الأصفاد البلاستيکية.
وعند شروق الشمس، وصلت عدة حافلات ثم نقلت قسماً من المحتجزين بمساعدة شاحنة کانت تقف هناک. ولا يزال مصير هؤلاء الرجال والأطفال الذين استقلوا هذه الحافلات مجهولاً.
ونُقِل الرجال المتبقون في مجموعات خلال الليل إلی مکان وصفه الناجون بأنه “البيت الأصفر” حيث تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، وحرموا من الطعام، والماء، واستخدام ومرافق الصرف الصحي. ووصف ناجون بأنهم تعرضوا للضرب علی کل أنحاء أجسامهم ورؤوسهم باستخدام الأسلاک الکهربائية (الکابلات)، وأنابيب معدنية، ومجارف، وعصي خشبية، کما شاهدوا محتجزين آخرين لقوا حتفهم أمامهم من جراء التعذيب، إضافة إلی مشاهدة آخرين، وقد نُقلوا بعيداً بدون أن يتمکنوا من العودة.

 
643 مفقوداً من منطقة الصقلاوية منذ أکثر من عام وما يزال مصيرهم مجهولا

مطالبات للعبادي
وأشارت المنظمة إلی أنها تتابع القضية منذ ذلک الوقت مع حکومة “حيدر العبادي” حيث تقدمت بطلبات للسعي من أجل الکشف عن مصير المفقودين وتقديم الحماية للشهود الذين قدموا شهاداتهم للمنظمة وضمان أن تکون التحقيقات في مزاعم التعذيب، والاختفاءات القسرية، والاختطاف، والقتل شاملة، ونزيهة، ومستقلة.
کما طالبت بالکشف العلني عن نتائج لجنة التحقيق التي شکلها رئيس الوزراء ومحاسبة الفاعلين بغض النظر عن رتبهم أو الجهة التي يتبعونها، والاعتراف العلني مع الادانة من أعلی مستوی بـ”الدولة”، لـ”حجم وجسامة جرائم الحرب المرتکبة والانتهاکات الأخری لحقوق الانسان خلال عمليات الفلوجة”.
ويذکر أن السلطات المحلية في محافظة الأنبار شکلت لجنة تحقيق في ذلک الوقت خلصت إلی أن “643 شخصاً من النازحين داخلياً، رجالاً وأطفالاً، من منطقة الصقلاوية يوجدون في عداد المفقودين. وقدمت اللجنة النتائج التي خلصت إليها إلی رئيس الوزراء العراقي من أجل مزيد من التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة”.
من جهته قال مکتب العبادي أنه بدأ تحقيقاً في الموضوع لکن منظمة العفو وفي تقرير، نشر يوم 18 تشرين الأول 2016، أعربت عن قلقها من أن “الحکومة العراقية لم تتخذ أي إجراءات من أجل حماية الضحايا والشهود، وخصوصاً أن اللجنة التي شکلتها الحکومة تضم في عضويتها أجهزة أمنية ربما ضالعة في الانتهاکات. ونتيجة لذلک، فإن بعض الشهود ربما ساورهم التردد في إعطاء شهاداتهم خوفاً علی سلامتهم”.
کما وجهت منظمة العفو يوم 16 حزيران 2016 ويوم 21 أيلول مذکرة إلی مکتب رئيس الوزراء تطلب تقديم معلومات بشأن الخطوات المتخذة للتحقيق في مزاعم الانتهاکات المرتکبة في سياق العمليات العسکرية التي شنت يوم 23 أيار لاستعادة السيطرة علی الفلوجة والمناطق المحيطة بها. 

لا رد حتی اليوم!
تقول المنظمة أنها لم تتلق أي رد حتی اليوم من السلطات العراقية، ولا يزال من غير الواضح إن “کانت نتائج اللجنة التي شکلها رئيس الوزراء قد نشرت علانية علی الإطلاق، أم تم تبادلها مع السلطات القضائية”.
وقال باحثو منظمة العفو الدولية الذين زاروا النازحين داخلياً في المخيمات المقامة في محافظة الأنبار، في أواخر شهر مايو/أيار 2017، إن هؤلاء ذکروا أنهم لم يسمعوا أي شيء عن مصير أحبائهم، کما لم يزرهم أي ممثل عن الحکومة المرکزية منذ السنة الماضية لإطلاعهم علی تطورات التحقيق.
وقال أحد النازحين داخلياً إن أخاه إبراهيم حامد حسين الذي يبلغ من العمر 26 عاماً يسمی ، واثنين من أبناء عمه يبلغان من العمر 24 و31 عاماً، لا يزالون في عداد المفقودين. وأضاف قائلاً إن عائلتهم لم تسمع أي أخبار عن مصيرهم بعد مرور سنة علی اختفائهم: “دعوه يعد إلی بيته وأولاده. لا نطلب شيئا غير ذلک”.
وأخبر ممثل عن السلطات المحلية في محافظة الأنبار منظمة العفو الدولية أن عائلات المفقودين واجهت عقبات إدارية عندما حاولت الإبلاغ عن اختفاء أحبائها في المحاکم المحلية.
 


لامبالاة !
وأکدت المنظمة أن ما جری في الصقلاوية ليس بحالة منعزلة حيث تعرض، منذ ظهور تنظيم “الدولة”، الآلاف “من الرجال والأطفال السنة في العراق للاختفاء القسري من طرف قوات الأمن، والميليشيات التي تحظی بدعم الدولة العراقية، في إطار النزاع المسلح المستمر، وانعدام الأمن، وتزايد التوترات الطائفية.”
ويبذل أهالي المختفين قسرياً جهوداً کبيرة لمعرفة مصير أبناء عائلاتهم حيث يتواصلون مع أجهزة الأمن وقاموا بتقديم شکاوی وتقارير للشرطة والمحاکم عدا عن دقع مبالغ ضخمة لوسطاء علی علاقة مع ميليشيات الحشد الشعبي أو المسؤولين الحکوميين وخاطبوا المنظمات الدولية ولکن محاولاتهم “لم تواجه سوی بلامبالاة المسؤولين الحکوميين والتقاعس عن اتخاذ أي إجراء ملموس”.
وأکدت المنظمة في ختام تقريرها أنها وثقت عشرات الحالات من الإختفاء القسري منذ عام 2014 في محافظات الأنبار وبغداد وصلاح الدين وديالي وطالبت السلطات بإجراء تحقيقات نزيهة وسريعة.

وأشارت المنظمة إلی أن “التحقيقات السابقة في الانتهاکات الجسيمة من قبل “الحشد الشعبي” تقاعست أيضاً عن توفير الإنصاف والتعويض للضحايا. مثلاً، النتائج التي أعلنت في حالات القتل غير المشروع وباقي انتهاکات “الحشد الشعبي” في قرية بروانة ومدينة المقدادية الواقعة بمحافظة ديالی التي حدثت يوم 26 يناير/کانون الثاني 2015 و11 يناير/کانون الثاني 2016 علی التوالي لم تعلن علی الملأ کما لم يُحاسب أي عضو في “الحشد الشعبي”، حسب أفضل المعلومات المتاحة لمنظمة العفو الدولية.”

زر الذهاب إلى الأعلى