تقارير

کيف تحوّل مطار بغداد الدولي إلی “ممر آمن” لتهريب المخدرات؟

 

 

 الخليج أونلاين
8/6/2017

 
تقرير أعده موقع الخليج أونلاين:


لم تعد المتفجرات والمليشيات المصدر الوحيد لقتل العراقيين، بل أصبح مطار بغداد الدولي هو الآخر مصدراً فعّالاً في حصد أرواح أبناء الرافدين؛ من خلال إدخال شحنات کبيرة من المخدّرات والمواد الممنوعة، بدعم وحماية من کبار المسؤولين والأحزاب النافذة في الحکومة العراقية، بحسب مصدر في مطار بغداد.
أحد موظفي المطار يقول: “إن المطار أصبح من المداخل الآمنة عند تجّار المخدّرات الذين يتمتّعون بنفوذ کبير في الحکومة العراقية، فعندما نری انتشاراً لعناصر أمنية جديدة، وخاصة في أماکن تفريغ ما تحمله الطائرات في المستودعات والمخازن، نعلم بأن هناک شحنة قادمة تحتوي علی مواد ممنوعة”.
والموظف الذي طلب عدم الکشف عن هويته، أکّد لـ “الخليج أونلاين”: “في إحدی المرات تم کشف شحنات کبيرة في مخازن المطار تحوي أطناناً من مختلف أنواع المخدرات، وتم الحجز عليها، لکن بعد مرور ساعات قليلة تحوّلت هذه الشحنات إلی مواد طبية مستوردة لإحدی الشرکات العاملة في مجال الأدوية”.
ووفقاً لآخر مسح أجرته منظمة شبه حکومية في بغداد، فإن نسبة تعاطي المخدّرات بلغت أکثر من 10% في العراق، وغالبية المدمنين من الشباب، في حين يستعدّ البرلمان العراقي لتشريع قانون أکثر صرامة حيال المخدرات، وإلزام الحکومة بتشديد الإجراءات الحدودية مع إيران، التي تعتبر المورد الرئيس للمخدرات.
– تجارة محمية
الناشط في مجال مکافحة المخدرات، فاروق البرزنجي، قال لـ “الخليج أونلاين”: إن “النسبة الکبری من المخدرات تدخل إلی العراق من إيران، خاصة أن الحدود المائية لا تحظی بمراقبة کبيرة أسوة بالبرية، والذين يتم اعتقالهم متورّطين في قضايا المخدرات يعترفون أنها تصلهم عبر تجّار إيرانيين”. لکنه يری أن تطوّر الموضوع من التهريب ليصل إلی إدخال شحنات کبيرة من مطار بغداد الدولي “دليل علی تورّط مسؤولين عراقيين في تجارة المخدرات”.
الأمر نفسه يؤکّده مصدر بوزارة الداخلية العراقية، بقوله: “تعقّب تجّار المخدرات مهمّة شکلية لا أکثر؛ لأن شخصيات مسؤولة في الدولة تقف وراء هذه التجارة، إنها شخصيات بارزة ومدعومة من مليشيات مسلّحة تابعة للحشد الشعبي”.
المصدر الذي رفض أيضاً الکشف عن هويته لأسباب أمنية، تابع حديثه لـ “الخليج أونلاين”: “أصبح العراق ممراً آمناً وجسراً لعبور مختلف أنواع المخدرات إلی الدول المجاورة، بل إنّ بعضها يصل إلی أوروبا”، مشيراً إلی أن “هناک معامل أُنشئت في الجنوب تصنع أنواع المواد المخدّرة”.
– تورّط حکومي
وفي السياق کشف المتحدث باسم لجنة النزاهة النيابية، النائب عادل نوري، عن تهريب مئات الأطنان من “الأدوية الفاسدة” عبر المطارات العراقية، مبيناً أن جهات حکومية “متواطئة” مع جهات بهذه الملفات.
وفي مؤتمر صحفي، الخميس 25 مايو/أيار 2017، أکّد نوري: “أشرفنا علی ملفات کثيرة خلال الفترة السابقة؛ منها تهريب الأسلحة، وتبييض العملة والعقارات والفضائيين وکافة ملفّات الفساد الأخری. لکن ما لاحظناه اليوم شکّل صدمة وجريمة بشعة ترتکب ضد العراقيين، بعد ورود معلومات خلال الفترة الماضية بأن مطار بغداد الدولي وعمليات الشحن الجوي تحوّلا إلی محطة لتهريب الأسلحة والأدوية والمخدرات”.
وتابع نوري: “تم جمع المعلومات والوثائق اللازمة بعد تنسيق عالٍ مع مسؤولين في الرقابة المالية وهيئة الجمارک، وتم التوصل إلی المواد المهرّبة، لکن عندما علم الفاسدون بوصول المعلومة إلی الجهات الرقابية تم التلاعب بمجموعة من المواد والأغلفة، وتسريب جزء منها، وهناک تحقيق جارٍ سنعلن عن نتائجه في الأيام المقبلة”.
ووفقاً للبرلماني العراقي فإن “هناک عشرات الأطنان من الأدوية الفاسدة والمخدّرات التي سجلت مجموعة من المخالفات عليها؛ منها التهرّب الضريبي داخل مطار بغداد، وهو مطار مؤمّن من جميع الجهات، ولا يمکن دخول إبرة أو قشّة إلی داخل المطار دون أن تخضع لإجراءات رسمية. لکن في السنوات السابقة، وخاصة في هذا العام، مئات الأطنان من الأدوية والمخدرات تُهرّب وتُوزّع إلی مطارات العراق الأخری والمحافظات، ومنها مطارا السليمانية وأربيل”.
وقد سجلت اللجنة مجموعة مخالفات مالية وقانونية وصحية علی مئات الأطنان من المواد التي ترد إلی مطار بغداد ولا تتقاضی عنها الدولة أي عائدات مالية، بحسب نوري، الذي أکّد أن “التجار يتلاعبون بتاريخ صلاحيات هذه المواد وتغليفها مجدداً”.
واتهم النائب العراقي “جهات حکومية” بالتواطؤ مع هذه الجهات، مشيراً إلی تشکيل لجنة تحقيق مشترکة من وزارات الصحة والنقل والمالية والشحن الجوي والأمن الوطني بإشراف لجنة النزاهة.

زر الذهاب إلى الأعلى