حديث اليوم

غوغائية أعمال التزوير، حماقة ثانية يرتکبها خامنئي

 

الاعتراض علی أعمال التزوير في مسرحية الانتخابات حيث کانت تثار بداية عبر ابداء الانزعاج من قبل الملا رئيسي وبعض من عناصر ووسائل الاعلام التابعة لخامنئي، تعالت نبرته خلال الأيام الأخيرة باستمرار حيث تحولت الآن الی غوغائية وأزمة شملت کل النظام. فمعظم أزلام خامنئي تحدثوا في صلوات الجمعة بهذا الخصوص في مختلف المدن کما والاعلام التابع لهذا الجناح کتبوا مقالات وتعليقات. 
وقال الملا موحدي کرماني: «علی مجلس صيانة الدستور أن يرصد کل حالات المخالفة ويکشفها أمام الرأي العام. ولو أن المخالفات لا تؤثر علی نتائج الانتخابات الا أنها تؤثر علی زيادة أصوات السيد رئيسي من 16 الی 19 مليون وتقليص أصوات روحاني من 23 الی 21 مليون». 
بدوره قال الملا احمد خاتمي: «مخالفة، تعد مخالفة! علی مجلس صيانة الدستور والجهاز القضائي أن يتعامل مع هذه المقولة بانصاف…».
وأما الملا علم الهدی امام جمعة مشهد فقال «بسبب الاختلال الذي حصل في توزيع بطاقات التصويت والصناديق، لم يفلح قسم کبير من الناخبين من الادلاء بأصواتهم وحتی عدة ملايين لم ينجوا في التصويت في عموم البلاد وان شاء الله الأجهزة الرقابية والقضائية ستتابع هذا الأمر وسيلاحقون المخالفين».
وفي المقابل شن الجناح المقابل أي جناح حسن روحاني هجوما واتهم في المقابل الجناح الغريم بالتزوير وادعی أن الآصوات الحقيقية هي في واقع الأمر تنقصها 4 ملايين وبسبب العراقيل التي وضعها الجناح المنافس لم يتمکن 4 ملايين من الناخبين من الادلاء بآصواتهم.
أول نتيجة يمکن الحصول عليها خلال هذا التبادل من الهجمات هي أن هذه الانتخابات شأنها شأن الانتخابات السابقة کانت مليئة باعمال التزوير والغش واختلاق الأرقام بآبعاد مليونية وکل جناح لم يبخل حسب امکانه عن ارتکاب أي مخالفة وانتهاج خدعة للاعلان عن أکبر الأعداد. هذا الجشع في التزوير يتوقف فقط في مواجهة مصالح الزمرة المتقابلة. ولکن عندما يتم الحديث عن «ماء وجه النظام» أمام «الأعداء» فان الزمر المختلفة متفقة علی ضرب العدد الحقيقي في عدد معين حتی يصبح المجموع الکلي مثلا 42 مليون ومشارکة 70 بالمئة من المؤهلين للمشارکة. وهذا هو التزوير الرئيسي!
وفي هذه الغوغائية من أعمال التزوير برزت عدة تناقضات مهمة آخری، منها في الوقت الذي يتحدث جناح  خامنئي عن نقل أکثر من 5 ملايين صوت، ولکنه في الوقت نفسه يؤکد بشکل متناقض ويکرر کثيرا أن «المخالفات… لا تشکک في أساس الانتخابات… ليس الحديث عن أن يوجه ضربة في مبدأ الانتخابات. لا! بل أن أساس الانتخابات صحيح. والترکيب هو الترکيبة الحالية ولن تتغير». من الواضح أنهم خائفون وقلقون من التداعيات الاجتماعية للتشکيک في أساس الانتخابات ونتائجها ولا يريدون أن يستمر الأمر الی حد يتمزق حبله وتتکرر قضية عام 2009 بل تأتي عاصفة أقوی  منها. 

التناقض الآخر هو أن الغوغائية حول التزوير تأتي في وقت هنأ خامنئي نفسه وجميع المعنيين  في رسالته بمناسبة اعلان نتائج الانتخابات أکثر من مرة «بمناسبة النجاح» في «ملحمة الانتخابات» وأکد أن «ايران الاسلامية جعلت المتربصين بها سوءا والحاقدين والحاسدين يتراجعون مرة أخری وغمرت قلوب أصدقائها ومحبيها بالبهجة والفخر والسرور». ولکن العناصر الموالية للنظام لا يعلمون الآن هل يجب أن يصدقوا مزاعم «الملحمة» أم أعمال الغش في أبعاد المليونية؟!
الغموض الآخر هو موقف خامنئي في هذه الغوغائية. انه ولو لزم الصمت لحد الآن غير أنه من الواضح أن أزلامه المعروفين من أمثال موحدي کرماني و خاتمي و قطعان أئمة الجمعة بقضهم وقضيضهم لم يدخلوا في هکذا غوغائية بدون أمره أو مبارکته علی الأقل. لذلک السؤال المطروح هو لماذا خامنئي يشوه «الملحمة» المزعومة ويفضحها بيده؟ ربما نجد الجواب في بعض مکتوبات أزلامه وتصريحاتهم.
وکتب حسين شريعة مداري في صحيفته «ان أصوات السيد رئيسي لاتقل عن ضعفي الأصوات المعلنة أي قرابة 30 مليون. لأنه عندما استطاع خلال 40 يوما وبامکانات قليلة أن يکتسب 16 مليون صوت، بالتأکيد لو کان لديه امکانات کبيرة وفرصة 4 سنوات مثل روحاني، لما کان يبقی صوت لمنافسيه» (کيهان 20 أيار).
يبدو أن هذا «الاکتشاف» من قبل شريعة مداري کان قبل قرار خامنئي لمتابعة جدية لـ «أعمال التزوير». وبذلک فان ادراک سبب اثارة هذه الغوغائية ليس أمرا صعبا. ان خليفة الرجعية يتضور ألما من هزيمته المذلة في الصراع الانتخابي ومن آفق مغباتها ويلعن نفسه يوميا آلف مرة بسبب الحماقة التي ارتکبها بادخال رئيسي هذا الجلاد المعروف في مجزرة 1988 ولذلک ومن أجل اعادة قسم من المياه الی مجاريها يحاول من خلال النفخ في «التزوير» التي کانت حسب قول الملا جنتي «تمارس في کل الدورات الانتخابية سواء التشريعية أو الرئاسية» أن يخفض من ثقلها کونه عرف أن الغريم سيضرب بهذه الأرقام علی رأسه وسيطالب بمزيد من الحصص. ان تصريحات الملا خاتمي معبرة بهذا الخصوص: «يجب أن لا يقلل المنتخب المحترم المنافسين. ان تحقير المنافسين دوما کان عملا غير محبذ. وصفهم بالمتطرفين والمتشددين والآن يکون الوضع أسوأ. والترکيبة أصبحت محددة». (صلاة الجمعة في طهران 26 أيار).
ولکن يبدو أن خامنئي قد ارتکب حماقة أخری باثارة هذه الغوغائية. کون الملا حسن روحاني لايمتلک في الخدعة شيئا أقل من خامنئي وهو مستعد «أن يقبل يد القائد المعظم عشرات المرات» ولکن بما أن الموضوع يدور حول السلطة والنهب فانه لا يترک اللقمة التي ابتلعها بهکذا أعمال الصخب والغوغائية لاسيما أنه عارف بعجز الولي الفقيه ويعلم أن خامنئي بهذا السبب لم يستطع تکريس هندسته لاخراج رئيسي من صناديق الاقتراع والآن أيضا غير قادر أن يتابع هذا الصراع حتی الوصول الی نتيجة منشودة وتضييق الهوة بين الأصوات. لأن ذلک يعد بمثابة اللعب بالنار وخامنئي يخاف من ذلک بشدة. ولهذا السبب فان صحيفة جمهوري تحذر الغريم بصراحة من اللعب بهذه النار والدخول في وادي الفتنة وتقول «السادة … عليهم أن ينتبهوا بأنهم قد دخلوا ساحة مليئة بالفتن؟!».  

زر الذهاب إلى الأعلى