أخبار إيرانمقالات

هل يکون للانتخابات الرئاسية معنی في نظام ولاية الفقيه؟

 

 

 18/5/2017
المحامي عبد المجيد محمد


لقد أصبحنا علی وشک يوم الانتخابات الرئاسية . والمترشحون قضوا ثلاث مناظرات حيث أبدوا للأفکار العامة ما بحوزتهم حول البعض. وفي عرض مسرحي و قابل للتکهن انسحب ” محمد باقر قالي باف “  لصالح إبراهيم رئيسي مطالبا ً الناس للتصويت لصالح رئيسي . کما وسبق أن کان التکهن بأن قالي باف سينسحب طامحاً لکسب منصب المساعد الأول للرئيس المقبل حال فوزه .. ولکن ومهما کانت التکهنات ، هناک موضوع آخر وهو إن الانتخابات الرئاسية في إيران يعتبر مهمل ولا معنی له .
فعندما کان هناک نظاماً مبنياً علی ولاية الفقيه بکل ما فيه من المؤسسات والجهات السياسية والحقوقية والثقافية وما شابه ذلک ،  وليس علی فصل الدين عن الدولة ، فإن الانتخابات تکون جوفاء تماماً ، وفيما يلي شرح هذا الموضوع باختصار :
في کل بلد يعتبر الدستور انعکاس من الوضعية السيا سية وحقوقية والثقافية تماماً حيث ينص في الدستور علاقة الناس مع الحکومة وعلی العکس ، وهذا شيئ عام في جميع بلدان العالم بالذات. حيث لا يجوز وجود أي تباين اساسي في کل مقررات البلد مع الدستور ومن هذا المنطلق وبسبب الأهمية لهذا المبداً هناک يشکل في أي بلد عند تدوين الدساتير ، مجلس يسمی المجلس التأسيسي يستوجب حضور جميع الممثلين من مختلف الشرائح مع مختلف الأفکار والآراء فيه .
لکن وبعد ما أخدالملالي سدة الحکم في عام 1979 لم تعتنی أيه من المبادئ والأعراف الدولية في تدوين نصوص الدستورفيه ، فعليه ما تم تنظيمه باسم الدستور لا يشبه أساساً مع سائرالدساتير في أي بقعة من العالم ذات الدستور نهائياً .
و فيما يلي جانبا بارزاً من هذه التباينات والتناقضات:
أولاً: عدم إجراء مبدأ فصل الدين عن الدولة:
تتم إدارة الحکومة في إيران في إطار الدين کما تدون السياسة علی نفس الإطار حيث يتغاضی أحد المبادئ الأساسية في إدارة البلد إطلاقاً وهو مبدأ فصل الدين عن الدولة کما تم التأکيد في دستور الملالي وجوب الاتباع عن ولاية الفقيه في جميع مبادئه أيضاً فمعناه أنه ليس لم يعتنی في تدوين الدستور مبدأ فصل الدين عن الدولة فحسب وإنما عکس ذلک هناک تم التأکيد علی أن يکون کل الأمر دينياً کواجب فقهي حيث يشکل هذا جميع المقومات الحقوقية والقانونية للجمهورية الإسلامية وعلی الجميع تطبيقه أيضاً حيث يحب إطمئمان هذا التناسق مع الدين في جميع المصوبات من قبل أغلبية فقهاء مجلس صيانة الدستور بالذات ولا حاجة إلی استشارة أعضاء مجلس صيانة الدستور الحقوقيين.
ثانياً: عدم تشکيل المجلس التأسيسي:
منذعام 1978وفي إبان الثورة الشعبية في إيران رکب الملا الخميني علی موج الثورة وانتفاضة الشعب واحتل الحکومة وبالأحری حقوق الشعب لتسلم السلطة وخان الشعب الإيراني .. إنه کان يعد الناس قبيل استلامه السلطة بتشکيل المجلس التأسيسي ليشارک نواب الشعب فيه لتدوين الدستور متناسقاً مع مرحلة الثورة ورغبات الشعب.. ولکن لم يوف بعهده هذا وخان العهد وفي نهاية المطاف اختلق مجلساً باسم ” مجلس الخبراء “ حيث أصبح الدستور حصيلة هذا المجلس الذي ليس إلا ترشحات البقع والحوزات الدينية العنکبوتية للملالي .
ثالثاً: ظاهرة باسم ”ولاية الفقيه“:
أرغم خميني علی الناس نظرية باسم ” ولاية الفقية المطلقة “ والتي ليست لها مثيلاً في تاريخ إيران . إنها وحسب دستورالملالي ذات صلاحيات واسعة النطاق حيث تفرض علی الناس إجبارات وإلزامات غير محددة تحت غطاء القوانين والمصوبات حيث عندما نسلط الضوء علی أي مواد من هذا الدستور نری هذا الجوهر من ولاية الفقيه ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناک في هکذا حکومة المبنية علی ولاية الفقيه شيئ من حرية الانتخابات أو انتخاب الرئيس؟
هناک توصيف النظام المتبني في البلدعلی ولاية الفقيه حسب ما يلي:
حسب مبدأ ولاية الأمر والإمامة المستمرة ، هناک يمهد الدستور تحقيق نوايا قيادة فقيه جامع الشرائط المعروف من قبل الناس قائداً لهم ضماناً لعدم انحراف منظمات مختلفة من وظائفهم  الإسلامية الأصيلة.
وللإجابة لهذا السؤال : هل للانتخابات معنی في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟ فيجب دراسة بعض مواد هذا الدستور:
المادة الخامسة
في زمن غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه) تکون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، ‌ البصير بأمور العصر، ‌الشجاع القادر علی الإدارة والتدبير وذلک وفقاً للمادة (107).
الجدير بالذکر أن المادة المئة والسابعة يدعو إلی أنه يتم انتخاب القائد (أي الولي الففيه) من بين الفقهاء ذوي الشرائط بواسطة مجلس الخبراء .
المادة السابعة والخمسون
السلطات الحاکمة في جمهورية إيران الإسلامية هي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وتمارس صلاحياتها بإشراف ولي الأمر المطلق وإمام الأمة وذلک وفقاً للمواد اللاحقة في هذا الدستور، وتعمل هذه السلطات مستقلة عن بعضها بعضاً.
المادة الحادية والتسعون
يتم تشکيل مجلس باسم: مجلس صيانة الدستور، بهدف ضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشوری الإسلامي مع الأحکام الإسلامية والدستور.
ويتکون علی النحو التالي:‌
1. ستة أعضاء من الفقهاء العدول العارفين بمقتضيات العصر وقضايا الساعة، ويختارهم القائد.
2. ستة أعضاء من الحقوقيين المسلمين من ذوي الاختصاص في مختلف فروع القانون، يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشوری الإسلامي.
المادة التاسعة والتسعون
يتولی مجلس صيانة الدستور الإشراف علی انتخابات مجلس خبراء القيادة ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشوری الإسلامي، وعلی الاستفتاء العام.
المادة العاشرة بعد المائة
وظائف القائد وصلاحياته
1. تعيين السياسات العامة لنظام جمهورية إيران الإسلامية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.
2. الإشراف علی حسن إجراء السياسات العامة للنظام.
3. إصدار الأمر بالاستفتاء العام.
4. القيادة ‌العامة للقوات المسلحة.
5. إعلان الحرب والسلام والنفير العام.
6. نصب وعزل وقبول استقالة کل من:‌
أ – فقهاء ‌مجلس صيانة الدستور. ب – أعلی مسؤول في السلطة القضائية. ج – رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في جمهورية إيران الإسلامية. د – رئيس أرکان القيادة المشترکة. هـ – القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية. و- القيادات العليا للقوات المسلحة وقوی الأمن الداخلي.
7. حل الاختلافات وتنظيم العلائق بين السلطات الثلاث.
8. حل مشکلات النظام التي لا يمکن حلها بالطرق العادية من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام.
9. إمضاء حکم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب. أما بالنسبة لصلاحية المرشحين لرئاسة الجمهورية من حيث توفر الشروط المعينة في هذا الدستور فيهم فيجب أن تنال قبل الانتخابات موافقة مجلس صيانة‌ الدستور، وفي الدورة الأولی تنال موافقة القيادة.
10.عزل رئيس الجمهورية مع ملاحظة‌ مصالح البلاد وذلک بعد صدور حکم المحکمة العليا بتخلفه عن وظائفه القانونية أو بعد رأي مجلس الشوری الإسلامي بعدم کفاءته السياسية، علی أساس من المادة التاسعة والثمانين.
11.العفو أو التخفيف من عقوبات المحکوم عليهم في إطار الموازين الإسلامية بعد اقتراح رئيس السلطة القضائية. ويستطيع القائد أن يوکل شخصاً آخر أداء‌ بعض وظائفه وصلاحياته.
 ونظراً لصلاحيات الولي الفقيه الواسعة تحت عنوان «القائد» هل يبقی مجال لحفظ ورعاية الحريات وانتخاب رئاسة الجمهورية بحرية ؟ وهل يتخيل الإنسان أکثر من هذا المدی من الدکتاتورية والفاشية باسم الدين ؟ وعندما يخصص الولي الفقيه جميع الأمورالمفصلية لنفسه ، هل هناک بإمکان الاعتماد علی  مؤسسة باسم ديوان الرئاسة ولإنتخابه يتم الرجوع إلی أصوات الناس؟ الولي الفقية لا يرتضي إلا برئيس منقاد ومطيع لأوامره تماماً فعليه لا يمکن أن يکون هکذا رئيس منتخباً بواسطة الانتخابات بالذات. وبالتالي لن يکون هکذا رئيس حافظاً لحريات الشعب لامحالة وهذا أثبت طيلة 11دورة رئاسية لجمهورية الملالي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى