حديث اليوم

أمن الانتخابات کابوس أم حقيقة؟

 

«الأمن هو أهم من الانتخابات نفسها… يجب أن يتم اجراء الانتخابات في أمن کامل…» (رحماني فضلي وزير الداخلية 22 ابريل 2017).
«مسألة أمن الانتخابات موضوع مهم والأمن هو أساس کل النشاطات الأخری في المجتمع» (لواء الحرس باقري رئيس الهيئة العامة للقوات المسلحة للنظام- تلفزيون النظام -23 ابريل).
«جميع أجهزتنا الاستخبارية والأمنية والشرطة جاءوا وقالوا  ان هذه المنظومة (المجازية)  هي تتعارض مع أمن البلاد لهذا وذاک السبب» (جعفر منتظري المدعي العام للنظام – تلفزيون النظام 23ابريل).
«مسألة الأمن في البلاد هي حاجة أساسية» (کلمة الملا آملي لاريجاني في جمع قادة قوی الأمن – تلفزيون النظام 23 ابريل).
«الأمن ومسؤولية الأمن علی عاتق قوانا الأمنية… ولهذه المهمة جميع زملائنا علی أهبة الاستعداد ان شاء الله» (الحرسي اشتري قائد قوی الأمن الداخلي في جمع قادة قوی الأمن الداخلي – تلفزيون النظام 23 ابريل).
لماذا  ترديدة «الأمن… الأمن!» وکل هذه التأکيدات لأهمية وضرورة «الأمن» وکل هذا الشعور بانعدام الأمن والتوجع «لتعرض الأمن لخطر» من قبل عناصر ووسائل الاعلام للنظام؟ ولماذا جعلت مسرحية الانتخابات، أمن الملالي الحاکمين في خطر؟
طبعا حمی الأمن، من الأعراض الشائعة في کل مسرحية انتخابية، ولکن هذه المرة ولأسباب واضحة تعود الی تغيير المرحلة وتقلب المناخ الداخلي والاقليمي والدولي.. صار الخوف من زعزعة الأمن يختلف عن سابقاته. ولکن من الطريف أن النظام وعناصره واعلامه يتحدثون في الوقت نفسه عن «الأمن المثالي» في ايران. وکانت عناصر النظام وقادة النظام يتحدثون عن (الأمن المثالي) وکانوا يکررون ويتشدقون بآن ايران بلد آمن بينما البلدان المجاورة کلها تعيش في نار الحرب.
فيما يری کثير من المفسرين وحتی بعض المسؤولين في دول المنطقة أن سبب الانفجارات والأعمال الارهابية في الدول المجاورة وخلو ايران منها يعود الی أن العامل الرئيس للارهاب وزعزعة الأمن في المنطقة هو النظام نفسه وأن هذا النظام لم يکن مستهدفا لإرهاب داعش والقاعدة وهذا دليل علی تواطئه وعلاقاته الوثيقة مع هذه المجموعات.
لذلک التشدق بالوضع «المثالي للأمن» وفي الوقت نفسه ترديدة «الأمن..الأمن» علی لسان قادة النظام من شأنه أن يکون ناجما عن مفهومين وتعريفين مختلفين عن «الأمن» و«انعدام الأمن».  
من جهة فان «الأمن» أو «انعدام الأمن» مفهوم عارض ووقتي ومرحلي وعلی سبيل المثال عندما يختل الأمن في باريس أو لندن أو استکهولم بانفجار قنبلة أو عمل ارهابي. ولکن من وجهة أخری فان «الأمن» له مفهوم بنيوي وجذري وماهوي. في ايران الرازحة تحت حکم الملالي، لا يوجد انفجار سيارات مفخخة في طهران وسائر المدن الايرانية بسبب انفجارات مستمرة لعجلات مفخخة في بغداد وفي کل العراق وبسبب الحرب والقتل اليوم للشعب السوري… (کما في الموصل عاصمة داعش لا توجد انفجارات!) ولکن رغم صدور الحرب والارهاب ورغم أن نظام الملالي الارهابي قد نقل الحرب من شوارع طهران الی العراق وسوريا، الا أنه لم يستطع أن يوفر الاستقرار والأمن المستدام والستراتيجي لنفسه ومن هنا تأتي ترديدة خائفة «للأمن» التي هي اسم مستعار لخطر سقوط النظام.
بصرف النظر عن الجانب النظري والکلامي بشأن مقولة «الأمن» يمکن التساؤل عمليا اذا يتنعم النظام بالأمن اذن فلماذا کل هذه التحذيرات وابداء الخوف والقلق؟ ولماذا «يرصدون أجواء الانتخابات منذ 6 أشهر» حسب قول وزير الداخلية لروحاني؟ واذا يتوفر الأمن لماذا يستذکر انتفاضة 2009 ويخافون من تکراره وترتعد فرائصهم؟ فهل انتفاضة 2009 وقعت في الدول المجاورة أو في قلب طهران؟
ان علامة «انعدام الأمن» في مفهومه الظاهري هو الأعمال الارهابية والتفجيرات وغيرها حيث يستطيع الکل أن يراها بالعين. ان علامة «فقدان الأمن» وفي مفهومه الثاني ولو أنها مادية جدا، غير أنه في الوهلة الأولی لا تری بالعين، فأهم علامته هو الاستياء العام وتوسعه وعمقه. وعندما الحرسي قاليباف يقول ان 4 بالمئة من المواطنين الايرانيين فقط راضون من الوضع الموجود، فهو يعترف بتوسع الاستياء لدی الشارع الايراني حيث لا يمکن مشاهدة مثيل له في العالم. والعلامة الأخری لعمق الاستياء هو ما يصفه بعض عناصر النظام بالقنبلة الموقوتة أو العاصفة الهوجاء التي علی الأبواب.  ويحاول حکم الملالي أن يحبط مفعول هذه القنبلة الموقوتة بحملات الاعدام اليومية (55 بالمئة من کل الاعدامات المنفذة في العالم ما عدا الصين) أو تأجيله علی الأقل. ولکن في الوقت نفسه يبرز خوفه بترديدة «الأمن.. الأمن». وفي هذا الصدد أعلن وزير الداخلية لحکومة روحاني عن استعداد 300 ألف شرطي لتوفير الأمن في مسرحية الانتخابات. فهذا التحشيد ربما يستطيع أن يوفر «الأمن» بمفهومه الظاهري والوقتي في فترة الانتخابات للنظام، ولکنه لا يستطيع أن يوفر الأمن المستدام له لأن في المعادلة الحالية في ايران، هناک عاملان يوجهان کل التحولات باتجاه نفي واسقاط النظام. وهما التناقض الحاد بين الشعب الايراني وبين الدکتاتورية الغاصبة لحق الشعب في السلطة الوطنية والعامل الثاني هو حضور مجاهدي خلق والمقاومة الايرانية في الساحة التي توجه هذه الکراهية العامة باتجاه اسقاط نظام الملالي. وفي هذا المجال ربما يکون جانب من المقال الذي نشره موقع تابع لوزارة المخابرات واضحا: «هذه المجموعة (منظمة مجاهدي خلق) لها تجارب کثيرة في تأليب وتنظيم الجماهير وتستطيع أن تشکل خطرا أمنيا علی البلاد. استخدام الشبکات الداخلية وکذلک تأثيرها علی المخاطبين المشکوک فيهم من شأنه أن يفسر في عداد محاولات هذه المجموعة حيث تخلق موجة من الاحباط في قاعدة العناصر الموالية للنظام والبلاد».  (موقع ديدبان19 ابريل).

زر الذهاب إلى الأعلى