العالم العربيمقالات

الفخ الإيراني للأميرکان في الموصل

 


 الشرق الاوسط
2/4/2017
 
بقلم:سوسن الشاعر



 

لإيران وجود فعلي علی الأراضي العراقية والسورية عبر عناصر مقاتلة إيرانية، وکذلک عبر قيادات عسکرية إيرانية تتولی قيادة ميليشيات شيعية بعضها عربي وانضم للحشد الشعبي في العراق، أو عبر تبعية «حزب الله» في سوريا لها، أو عبر ميليشيات غير عربية جندتها إيران للقتال علی الأرضي السورية بحجة محاربة «داعش».

ذلک مشروع احتلال کلف الجمهورية الإسلامية الإيرانية مليارات الدولارات، وکلفها صناديق وتوابيت عادت مغطاة بالعلم الإيراني، فهل ستتنازل بسهولة عن تلک المواقع التي احتلتها لمجرد حصول بعض الانفراجات أو التقاربات العربية مع الحکومة العراقية أو بعض التنازلات الخليجية المتعلقة ببقاء نظام الأسد؟
هل الحکومة العراقية أو النظام السوري قادر علی اتخاذ قرار التخلي عن إيران والعودة للحضن العربي؟

ناهيک بأن إيران تحرص أشد الحرص علی ترسيخ قناعة لدی التحالف الدولي، وعلی رأسه الولايات المتحدة، بأنها – أي إيران – القوة الوحيدة والفريدة القادرة علی دحر «داعش» من هذه المنطقة لوجودها الفعلي علی الأرض، ولا يمکن طرد مقاتلي «داعش» من الموصل والرقة دون التعاون معها، أي أنه حتی التحالف الدولي مجبر علی التعاون معها، فهل ستقف مکتوفة الأيدي وتتفرج علی الحماس الأميرکي ولأخذ زمام المبادرة وسحب البساط من تحت أرجلها في المنطقة وإثبات أن طرد «داعش» ممکن دونها؟!

لهذا نسأل؛ هل نصبت إيران فخاً للقوات الأميرکية حين سربت معلومات مغلوطة عبر ميليشياتها الشيعية حول مزاعم لأهداف عسکرية اتضح أنها مدنية وتسببت بکارثة الموصل؟ إذ باعتراف البنتاغون السبت الماضي أن مراجعة أظهرت أن التحالف الدولي استهدف – بطلب من قوات الأمن العراقية – مقاتلين وعتاداً لتنظيم داعش في 17 مارس (آذار) الماضي، في موقع يتوافق مع مزاعم سقوط ضحايا من المدنيين.
وأکدت رئيسة مجلس قضاء الموصل بسمة بسيم أن أکثر من خمسمائة مدني أعزل قُتلوا في غارات للتحالف الدولي علی حي الموصل الجديدة، أثناء التمهيد لدخول القوات العراقية إليه قبل نحو أسبوع.

وأضافت أن ما حصل يکاد يکون مقصوداً، لأنه لم يستهدف مقاتلي «داعش» الذين لم يتجاوز عددهم ستة أشخاص قبل خروجهم من الحي.
وقال رئيس مجلس محافظة نينوی بشار الکيکي إن «جهود إخراج الجثث من تحت الأنقاض مستمرة».
واتهم أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية العراقي التحالف الدولي والشرطة الاتحادية العراقية باستخدام القوة النارية المفرطة عبر الطائرات والمدفعية والصواريخ خلال المعرکة، ودعا إلی إجراء تحقيقات سريعة وحماية أرواح المواطنين وکرامتهم (المصدر موقع قناة الجزيرة).
«التعاون» الأميرکي – الإيراني علی الأراضي العراقية، هو أحد امتحانات مصداقية العلاقات الأميرکية – الإيرانية في عهد ترمب، حيث استجابت القوات الأميرکية لطلب من الحشد الشعبي الذي صنفته الخزانة الأميرکية أنه إرهابي وطائفي، والذي يأتمر قادته بأمر قيادات إيرانية علی رأسها قاسم سليماني، حيث أعلن البنتاغون أنه يتعاون معه وقصف بناء علی طلب من سماهم بـ«القوات الأمنية العراقية» مواقع ثبت أنها لمدنيين وأسقط هذا العدد الهائل من الضحايا.

التنسيق بين القوات الأميرکية والقيادات الإيرانية المباشرة أو قيادات من ميليشيات الحشد الشيعي ما زال قائماً علی قدم وساق، لا في الموصل فحسب، إنما أيضاً التنسيق موجود بين الجنرال الأميرکي ستيفن تاونسند قائد القوات الأميرکية في العراق وسوريا وأبو مهدي المهندس قائد ميليشيا «حزب الله» العراقي ونائب الحشد الشعبي الذي صنفته الخزانة الأميرکية علی قائمة الإرهاب والمستشار الأعلی لقاسم سليماني في مدينة تلعفر أيضاً، ليس ذلک فحسب، بل إنه وفقاً «للمرصد الاستراتيجي»، فإن التعاون ما زال مستمراً بين الضباط الأميرکيين وميليشيات بدر التي يترأسها هادي العامري، حيث يقيم مکغورک وتاونسند علاقات وثيقة معه منذ عهد الرئيس أوباما.

التعاون الإيراني – الأميرکي إذن في العراق وسوريا ما زال يعمل بقوة الدفع الأوبامية بأريحية ما کانت عليه السياسة الأميرکية السابقة، حيث الثقة المطلقة بوحدة الأهداف الإيرانية والأميرکية، فهل ما زالت تلک الأهداف مشترکة في العهد الترمبي، أم تبدلت؟ وهل القيادات الميدانية الأميرکية تثق تمام الثقة بالقيادات الإيرانية؟
المنطق يؤکد أن واحداً من أهداف إيران فيما يتعلق بسوريا والعراق هو خروج القوات الأميرکية وانفرادها علی الأرض هناک، ولا عجب أن فخاً نصب للقوات الأميرکية لاستهداف مدنيين عراقيين لإثارة السخط عليهم وأن يأتي طلب خروجهم أو التخفيف من حدة اندفاعهم من العراقيين ذاتهم.

لننتبه! إيران لن تترک المنطقة بسهولة، وحلفاؤها يرون فيها منقذاً لذواتهم الشخصية، والتقارب الأميرکي – الخليجي، والحماس الأميرکي لإنهاء «داعش» مصدر خطر يتهدد المصالح الإيرانية، لذا حين نتعامل مع الحکومة العراقية، فلا ننس أنها والميليشيات الشيعية المسلحة جيش إيراني بامتياز

زر الذهاب إلى الأعلى