تقارير

الاستثمار الأجنبي في إيران «لعب بالنار»

 


موقع المؤتمم
 2/4/2017


في الأسابيع الأخيرة، کانت شرکة توتال الفرنسية العملاقة في مجال الطاقة ترسل کميات صغيرة من اليورو من المصارف في أوروبا إلی طهران. وکانت تلک الخطوة مکافئة لمحاولة إرسال ودائع مباشرة إلی هناک. وکان مقصد الشرکة الفرنسية هو اختبار النظام المصرفي والوقوف علی مدی صعوبة إجراء المعاملات النقدية اليومية في إيران.
ولأن الشرکة الفرنسية تفکر في الاستثمار في إيران، فإنها تتحرک بمنتهی الحذر علی هذا المسار. ولقد عينت مسؤولا بدوام کامل لمتابعة شؤون الامتثال في البلاد للتأکد من أنها لا تتجاوز أي قواعد مفروضة: فهي لا يمکنها السماح لأي مواطن أميرکي بالعمل في أي من مشاريعها هناک، وينبغي أن تتوخی المزيد من الحذر لتفادي التعامل مع الإيرانيين الخاضعين للعقوبات.
وعلی غرار الکثير من الشرکات النفطية الدولية، انجذبت شرکة توتال الفرنسة نحو وعود الأسواق الکبيرة والمربحة ذات احتياطات الطاقة الضخمة. ولکن المشهد الجيوسياسي شديد التقلب في المنطقة جعل الشرکات الکبری شديدة الحذر من العقوبات الدولية المفروضة والقيود المرتبطة بالعمل في إيران.
ولقد تضخمت مثل هذه المخاطر مع تولي الرئيس دونالد ترمب مهامه الرئاسية، والذي أعلنت إدارته الجديدة عن «وضع إيران قيد الإشعار الفوري». ولقد تسببت المحادثات العسيرة من قبل واشنطن في توقف الخطوات المبکرة التي اتخذتها شرکة توتال الفرنسية، مما أثار المخاوف بشأن ما إذا کانت الفرص التي طال انتظارها سوف تتحقق من عدمه، أو إذا کانت إدارة الرئيس ترمب سوف تتخذ موقفا أکثر تشددا وتزيد من صرامة القواعد المعقدة المعمول بها بالفعل إزاء عقد الصفقات والتعامل مع طهران.
وتتطلع الشرکات النفطية، علی وجه الخصوص، إلی إيران. حيث تملک إيران أکبر احتياطي من الغاز الطبيعي علی مستوی العالم وثاني أکبر احتياطي من النفط في منطقة الخليج ، وفقا للتقرير الإحصائي لشرکة «بي بي» النفطية البريطانية عن الطاقة في العالم. وبعدما تمکنت إيران من إبرام صفقة مع القوی العالمية قبل عامين ماضيين لرفع العقوبات الاقتصادية المتعلقة ببرنامجها النووي، کانت الآمال معقودة علی تدفق الاستثمارات الأجنبية علی البلاد في أعقاب ذلک.
ولکن مع کون النظام الإيراني لا يزال علی خلافات واضحة مع الولايات المتحدة، فإن إيران لديها سمعة عالمية کدولة صعبة ومکان شديد الغموض لعقد الصفقات التجارية. فلا تزال القيود المصرفية المحلية معمولا بها. وينتشر الفساد في ربوع المؤسسات والهيئات الحکومية. کما أن المعارضة السياسية للسماح بالاستثمارات الأجنبية في الموارد الطبيعية الإيرانية لا تزال قوية ومؤثرة.
ويُحظر، حتی الآن، علی الشرکات الأميرکية من قبل واشنطن الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني. ومع أن أسعار النفط العالمية لا تزال أقل من نصف السعر المسجل في عام 2014. فإن الشرکات الأوروبية مثل شرکة «بي بي» البريطانية، والتي تعود بأصول أعمالها للاکتشافات النفطية في إيران، قد تراجعت کذلک عن هذا المسار.
ولقد أتاح هذا الموقف الفرصة أمام شرکة توتال الفرنسية.
يقول باتريک بوياني، الرئيس التنفيذي لشرکة توتال الفرنسية، في مقابلة حديثة: «نحن أجرأ قليلا من غيرنا. وإن ذلک جزء من قوتنا في تلک السوق».
بعد رفع العقوبات النووية في العام الماضي، استغل السيد بوياني الفرصة السانحة، حيث التقی مع الرئيس الإيراني حسن روحاني. وبحلول نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016. توصلت شرکة توتال إلی الخطوط العريضة لما سوف يمثل – إن تم إنجازها – أول صفقة تبرمها شرکة نفطية غربية رئيسية منذ رفع العقوبات مع النظام الإيراني بقيمة ملياري دولار للاستثمارات المبدئية.
وما إذا کانت شرکة توتال قد تمکنت من إبرام الصفقة يعد من الأهمية بمکان، ليس فقط بالنسبة للشرکة وغيرها من الأطراف المهتمين بالاستثمار، وإنما بالنسبة لطهران أيضا. فسوف تعقد الانتخابات في إيران في مايو (أيار) المقبل، وترغب حکومة روحاني في تأمين المساعدات المالية والفنية للمحافظة علی استمرار إنتاج النفط، الذي يعد أحد المصادر الرئيسية للتصدير وأحد عوامل النفوذ الکبير داخل مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبک)، إلی جانب منطقة الشرق الأوسط عموما.
يقول سانام فاکيل، المحلل الإيراني لدی مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن: «إن إعادة تأهيل الاقتصاد الإيراني هو جزء حقيقي لا يتجزأ من الاتفاق النووي مع القوی الدولية. وعدم إبرام مثل هذه الصفقات سيکون من قبيل الأنباء السيئة بالنسبة للسيد روحاني».
تمثل استثمارات شرکة توتال جزءا يسيرا من أکبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، والذي تتقاسمه کل من إيران وقطر في منطقة الخليج العربي. والشرکة علی دراية فعلية بذلک الحقل، الذي تطلق عليه إيران اسم حقل بارس الجنوبي، من خلال أعمالها في إيران قبل فرض العقوبات الدولية. ويعتقد بوياني أن حفر الآبار وبناء المنصات اللازمة للإنتاج لن يکون صعبا، حيث عملت الشرکة من قبل مع إيران وقطر، وهو لا يری أي شيء في الأفق قد لا تکون شرکة توتال غير مستعدة لمواجهته.
ومع ذلک، فإن بوياني، لاعب کرة القدم الأسبق، يتخذ خطواته داخل إيران بکل حذر، ويسلط الضوء علی المخاطر التي تمثلها الدولة.
ولقد عين بوياني مسؤولا بدوام کامل لمتابعة شؤون الامتثال الإيرانية، وهي خطوة غير معتادة إلی حد کبير في الصناعة النفطية التي يعمل مثل هؤلاء الموظفين علی تغطية الکثير من المسائل لمختلف البلدان، وهي الخطوة التي تشير کذلک إلی مدی تعقيد وخطورة، ولکن مدی أهمية أيضا، العمل مع إيران في الوقت الراهن.
ويتعين علی الشرکات مثل توتال الفرنسية توخي المزيد من الحرص بأنها لا تبرم الصفقات التجارية مع الشرکات الإيرانية ذات…

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى