تقارير

تنافس روسي إيراني متصاعد في سوريا

 


إيلاف
17/3/2017
 

في شوارع مدينة حلب، التي بات الجيش السوري يسيطر عليها کاملة، ترتفع صور الرئيس بشار الاسد، والی جانبه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ما يؤشر الی النفوذ المتصاعد لموسکو في سوريا، علی الارجح علی حساب ايران، الحليف الآخر للنظام.
مع دخول الحرب في البلاد عامها السابع، تبرز المنافسة بين ايران وروسيا، بحسب ما يقول سياسيون سوريون وخبير روسي.
وتدعم ايران النظام في سوريا منذ بدء الازمة في العام 2011 اقتصاديًا وسياسيًا، وبالمعدات والسلاح والمقاتلين.
اما روسيا، وبرغم دفاعها منذ البداية عن الرئيس السوري بشار الاسد، الا أنها انتظرت حتی 30 سبتمبر 2015 لتتدخل عسکريًا عبر حملة جوية اعادت زمام المبادرة ميدانيًا للجيش السوري علی حساب الفصائل المعارضة والاسلامية.
ويقول نائب في مجلس الشعب السوري فضّل عدم الکشف عن اسمه، “إن کانت الدولتان تدعمان الحکومة، فإن استراتيجيتهما تختلف للانتصار في المعرکة”.
الاختلاف حول حلب
بعد تقاربها المفاجئ مع انقرة في العام 2016، باتت موسکو تعتبر أن طريق النصر يمر عبر تسوية مع ترکيا الداعمة للمعارضة وصاحبة النفوذ في المنطقة الحدودية مع سوريا شمالاً. وترفض ايران في المقابل هذه المقاربة.
مع بروز هذا التقارب، تساءل موقع “تابناک” الالکتروني، الذي يديره محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الايراني، ما اذا کان “إشراک ترکيا في محاولات انهاء الحرب في سوريا” يمکن أن يشکل “تهديدًا” لإيران.
الا ان وزير الخارجية الايراني اکد في مقابلة مع قناة “الميادين” التلفزيونية بثت الخميس من طهران، “بالطبع کانت هناک دائمًا مناطق صادفنا فيها وجهات نظر مختلفة حول مواضيع محددة، ولکن لم يکن هناک اي انقسام بين ايران وسوريا وروسيا حول المواضيع المهمة”.
لکن بدا الاختلاف واضحًا بين الدولتين الداعمتين لدمشق خلال معرکة الجيش السوري للسيطرة علی کامل مدينة حلب في ديسمبر الماضي.
ويقول مصدر مقرب من الحکومة السورية في حلب إن ايران والمجموعات المسلحة المتحالفة معها، کانت تريد استسلامًا کاملاً للفصائل المعارضة المحاصرة في احياء حلب الشرقية.
لکن خطة الروس کانت مغايرة، بحسب المصدر ذاته، اذ توصلوا الی اتفاق مع الاتراک علی اجلاء 34 الف شخص من شرق حلب، الامر الذي اثار غضب ايران وحزب الله اللبناني حليفها الابرز.
وحاولت ايران وحلفاؤها تأخير تنفيذ الاتفاق الی أن حصلوا علی مکسب في المقابل، وهو ان يتم بالتوازي إجلاء المدنيين المرضی والجرحی من بلدتي الفوعة وکفريا المحاصرتين من الفصائل المعارضة في محافظة ادلب (شمال غرب).
ويوضح ضابط سوري متقاعد متابع للوضع الميداني أن “الاتفاق مع ترکيا کان ضروريًا للسيطرة علی حلب. فحتی الآن، وفي کل مرة يتقدم فيها الجيش السوري علی الارض، تحاول انقرة وضع عوائق، عبر السماح بإدخال آلاف المقاتلين” المعارضين الی سوريا عبر حدودها.
ويضيف “من اجل تفادي خسارة جديدة، اتفقت روسيا مع ترکيا علی اغلاق حدودها، ما ساهم في خنق المعارضة، ثم عمدت لاحقًا الی ضمان ممر آمن لمقاتلي الفصائل (من حلب)”، مشيرًا الی ان “الامر کان صعبًا بالطبع علی هؤلاء الذين يقاتلون علی الارض، ولکن هذا هو ثمن الانتصار”، في اشارة الی ايران والمجموعات المسلحة المتحالفة معها.
لا لفتح جبهة ادلب
ولا يزال التوتر قائمًا بين روسيا وايران منذ معرکة حلب.
بعد اسبوع علی سيطرة الجيش السوري علی المدينة، دخل اتفاق شامل لوقف اطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ برعاية روسيا وترکيا فقط. وانضمت ايران لاحقًا اليهما في رعاية محادثات بين الحکومة السورية والفصائل المعارضة في العاصمة الکازاخية منذ يناير 2017.
وتشکل محافظة ادلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجهادية، عامل انقسام آخر بين ايران وروسيا. فقد وقفت روسيا حائلاً امام طموحات العسکريين الايرانيين باطلاق معرکة جديدة لفک الحصار المفروض منذ مارس 2015 علی بلدتي الفوعة وکفريا.
ومن شأن فتح جبهة جديدة قرب الحدود الترکية وضد الفصائل المعارضة المدعومة من انقرة أن يؤدي الی مواجهة مباشرة مع ترکيا، وهذا ليس اولوية لموسکو.
ويؤکد مصدر سياسي في دمشق أن “روسيا حذرة من ترکيا، ولکنها تفضل احتواءها للحد من تحرکاتها علی ان تواجهها مباشرة”.
وان کانت روسيا فتحت المجال امام القوات الترکية والفصائل المعارضة للسيطرة علی مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، الا انها حرصت علی الا تتيح لها التقدم اکثر نحو الشرق.
وتکون بذلک حطمت آمال انقرة بالمشارکة في معرکة طرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة، معقله الابرز في سوريا.
10 آلاف عسکري روسي؟
ورغم التوتر القائم، يری الخبير العسکري الروسي بافل فلغنهاور أن المجموعات المسلحة الموالية لايران عبارة عن “قوة ضخمة من المقاتلين يجب التعاون معها”، مضيفًا “علاقتنا معهم معقدة جدًا”.
ومن المؤشرات الاخری علی التنافس التصاعدي بين موسکو وطهران، زيادة عديد العسکريين الروس في سوريا.
ويشير فلغنهاور الی ان “الوجود الروسي في سوريا يزداد بسرعة”، “وقد تضاعف منذ الخريف عديد العسکريين، وسيبلغ قريبًا عشرة آلاف”، علمًا ان موسکو کانت اعلنت رسميًا خفض قواتها، وخصوصًا الجوية، في سوريا.
وعلی غرار علاقة ايران بمقاتلين لبنانيين وعراقيين وافغان، تسعی روسيا الی خلق علاقة مماثلة مع مجموعات موالية لها.
ويقول فلغنهاور إن روسيا “شکلت مجموعات مسلحة محلية (…) أقل کلفة من المرتزقة الروس، وتشبه قوات الصحوة (قوات عشائرية مناهضة لتنظيم القاعدة) التي شکلها الاميرکيون في العراق”.
ويشير فلغنهاور الی قوات “صقور الصحراء” و”الفرقة الخامسة”، بالاضافة الی مجموعتين مسلحتين سوريتين وأخری فلسطينية “لواء القدس”. وتلقت هذه المجموعات تمويلاً وتدريبًا من روسيا وشارکت في معارک عدة.
ويری المصدر السياسي السوري أن “روسيا دولة عظمی لديها رؤية جيو- استراتيجية تتضمن سوريا، اما ايران فهي قوی شيعية اقليمية. قد تتلاقی مصالحهما، ولکنها ليست دائمًا متشابهة”.

زر الذهاب إلى الأعلى