العالم العربيمقالات

قراءة تحليلية للتقارب السعودي العراقي!

 


الجزيرة السعودية
1/3/2017


بقلم:سعد بن عبدالقادر القويعي


بدون مقدمات، ودعوات، وبغير استقبالات، فاجأنا وزير الخارجية السعودي – الأستاذ – عادل الجبير بظهوره في بغداد؛ ليؤکّد أن هذه الزيارة: «تأتي لإعادة العلاقات الثنائية بين البلدين إلی مسارها الصحيح»..
ومشدداً علی أن: «المملکة تقف علی مسافة واحدة من المکونات العراقية، وتدعم وحدة، واستقرار العراق»؛ ولتحمل هذه الزيارة المکوکية في طياتها سعي السعودية إلی إيجاد عمق إستراتيجي لها في مناطق باتت خارج سيطرة الحکومات المحلية، بعد أن تحولت مرتعاً لميليشيات، ومسلحين إرهابيين، – إضافة – إلی تفادي اضطرابات، وتنامي الحرکات التکفيرية، والمتطرفة داخل العراق. حملت الزيارة سلسلة من الدلالات من حيث توقيتها، ومضمونها، ومن ذلک: أن الإدارة الأمريکية الجديدة بدأت في التضييق علی طهران من عدة جوانب، ومن الممکن أن تکون الزيارة أحد هذه الجوانب، – وخصوصاً – أنها عبّرت في أکثر من مناسبة عن امتعاضها الشديد من التوغل الإيراني في العراق .
کما أن توقيت الزيارة سيخرج العلاقات بين البلدين من حالة الجمود، والتوتر التي سيطرت عليها سنوات طويلة إلی حالة جديدة، تتسم بالتعاون بما يخدم مصالحهما، ويسهم في حل القضايا العالقة، وإحداث نوع من التوازن مع قوی الإقليم. إن اختراق السياسة الإيرانية في العراق، وفتح صفحة جديدة في العلاقات مع العراق أصبح لازماً؛ من أجل مساعدة العراق في التحرّر من الهيمنة الإيرانية عليه، وإعادته إلی حاضنته العربية، ومواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة، والمساهمة في القضاء علی جذور التطرف، وإزالة بؤر التوتر، والاحتقان في عموم المنطقة التي تواجه تحديات داخلية، وخارجية – في غاية الخطورة -؛ الأمر الذي يستدعي التنسيق مع السعودية؛ من أجل خلق توازنات مهمة، – خصوصاً – داخل العراق الذي يعاني حروباً کثيرة، ووجود لميليشيات مسلحة إرهابية. بعيداً عن التنافس الإقليمي الذي ما جلب للعراق سوی الدمار، والعوز المالي، فإن دعوة رئيس کتلة الحل البرلمانية – النائب – محمد الکربولي القوی السياسية العراقية – کافة – إلی التعاطي بإيجابية مع مبادرة المملکة العربية السعودية؛ لما فيه مصلحة العراق»، أمر في غاية الأهمية، والذي سينسحب – في تقديري – بالإيجاب علی العملية السياسية داخل العراق، ويطمئن جميع الأطراف المختلفة مع الحکومة، ويمنح مساحة واسعة من التفاهم بين الفرقاء العراقيين.
في ظل التصعيد الإيراني، ومن خلال سياسة المحاور الجديدة التي تقودها السعودية – اليوم – في المنطقة، ودورها المحوري المؤثّر علی الساحتين – العربية والإسلامية -، فإن الدور الإقليمي للبلدين – في المستقبل المنظور – يتطلب تشجيع العراق علی التخلص التدريجي من الهيمنة الإيرانية علی قراره الوطني، والعمل علی تغيير مستويات النفوذ، والقوة الإقليمية في المنطقة، – باعتباره – طرفاً مهماً في معادلة الأمن، والاستقرار الإقليميين، وهو أمر لا يمکن تجاهله.

زر الذهاب إلى الأعلى