أخبار إيرانمقالات

إنه النفق

 

روز اليوسف
18/2/2017

 

بقلم:سعاد عزيز

 

هناک مفارقة غريبة و ملفتة للنظر فيما يتعلق بالملف النووي الايراني بعد إبرام الاتفاق النووي في اواسط عام 2015، ذلک إنه وبعد أن کانت هناک في داخل إيران أصوات رافضة من جانب ليس تيار المرشد الاعلی للنظام فقط فحسب وانما المرشد الاعلی بحد ذاته من ذلک الاتفاق و نعته بمختلف النعوت السلبية، وهذا الموقف إستمر حتی إستلام الرئيس الامريکي الجديد ترامب لمسؤولياته، ذإ تغير موقف المرشد الاعلی و تياره بزاوية مقدارها208 درجة، بإتجاه التمسک بالاتفاق و مطالبة الامريکيين خصوصا بالالتزام ببنوده!
المفاوضات النووية بين مجموعة دول 5+1 و إيران و التي مرت بمراحل و فترات صعبة و عسيرة کان الطرف المتعنت و المراوغ فيها علی الدوام، إيران، تمخضت و أسفرت عن النتيجة النهائية بعد أن صارت الاوضاع في إيران و بإعتراف قادة و مسؤولي النظام کارثية و لم تعد قابلة للتحمل ولاسيما من جانب الشعب الايراني، الذي کان قبل 6 أعوام من هذا الاتفاق قد إنتفض بوجه النظام بعنف وکاد أن يجعله في خبر کان لولا المواقف الدولية ولاسيما الامريکية منها الداعمة ضمنا لطهران، ولذلک فقد إنصاعت طهران و حتی إنها تغاضت عن 19 خطا أحمرا وضعه المرشد الاعلی في الاسبوع الاخير قبل التوقيع علی الاتفاق.

هذا الاتفاق الذي لم يلاقي ترحيبا من جانب دول المنطقة وانما قوبل بالقلق و التوجس، کان ومنذ بداية الحملة الانتخابية لترامب هدفا له، ولئن تصور البعض من إن ذلک الموقف هو مجرد فورة إنتخابية ستنتهي و تنقضي مع إنتهاء الانتخابات، لکن الذي جری هو إن ترامب و إدارته لايزالون مستمسکون بموقفهم و حتی إنهم يشددوا فيه وهو ماسبب و يسبب المزيد من القلق و التوجس في طهران الی الحد الذي صارت أصوات تيار المرشد و ليس غريمه ترتفع دفاعا عن التمسک بالاتفاق و دعوة و حث واشنطن علی التمسک به.

المواقف التمويهية و الضبابية في داخل إيران من الاتفاق النووي و لعبة تبادل الادوار بين الجناحين الرئيسيين في الحکم، يبدو إن عهد ترامب سيسدل الستار عليها و سيدفع النظام کله ليتخندق في جبهة واحدة دفاعا عن الاتفاق، ولکن وفي نفس الوقت، وعلی الرغم من کل الذي قيل و يقال عن ترامب ولاسيما من حيث لمزه بالطيش و النزاقة، لکن لايبدو أبدا إنه سيتصرف بطريقة و اسلوب يصب في مصلحة طهران کما يأمل قادته و مسؤوليه، بل إن الذي يبدو هو إن إدارة ترامب وفي ظل سياسة التشدد و التضييق علی طهران، ماضية في نفس الوقت قدما في التنسيق و تبادل وجهات النظر مع الدول الکبری بهذا الصدد وخصوصا مع الروس، وعلی الاغلب فإن تلک الاصوات التي کانت تحذر من داخل النظام في طهران خلال الاعوام السابقة من توقيع الاتفاق النووي مع الدول الکبری لإنه سيدخل النظام في نفق لاخروج منه بسلام أبدا، والذي يبدو واضحا لحد الان هو إن سياسة ترامب ستسير بهذا الاتجاه.
طوال أکثر من 37 عاما من عمر نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، و خلال الاحداث و التطورات المختلفة التي عصفت بالمنطقة و العالم، نجح هذا النظام کثيرا في توظيف عامل غض الطرف و تجاهل دول المنطقة و العالم و خصوصا الولايات المتحدة الامريکية له من أجل تنفيذ مخططاته المشبوهة، وعلی الرغم من إنه کان هنالک صوتا مدويا يحذر من هذا العامل و خطورته و ضرورة أن يکون هناک تصدي لهذا النظام و مواجهة له، کما دعت المقاومة الايرانية علی الدوام، لکن الذي کان واضحا هو إن الذي غلب علی اسلوب التعامل مع طهران قد تجسد في غض الطرف و تجاهل مخططات و نهج هذا النظام.


عهد غض الطرف عن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و مخططاته المشبوهة و تدخلاته المريبة في المنطقة، قد ولی الی غير رجعة، هذه الحقيقة بدأت تتوضح أکثر فأکثر مع مرور الايام و تؤکد بأن علی هذا النظام أن يستعد لمرحلة مقاضاته و محاسبته علی کل صغيرة و کبيرة بدرت منه وإن مرحلة إطلاق الحبل علی غاربه له کما حدث في عهد أوباما، هي مرحلة قد ولت الی غير رجعة.

زر الذهاب إلى الأعلى