أخبار إيرانمقالات

تداعيات الثورة التي سرقت

 


9/2/2017
المحامي عبد المجيد محمد

 

تمر علينا هذه الأيام ذکری ثورة شباط 1979 في ايران، ثورة أدهشت العالم في حينها. وکانت تنوي غرس بذور الديمقراطية والحرية في ايران وتجعلها تزدهر ولکنه تم تحريفها بشکل غير مسبوق وتم سرقة الثورة الشعبية بکل جبروتها.
کيف ومن کان السارق؟ کان السارق الکبير لهذه الثورة ملا رجعي يسمی خميني حيث کان قد اتجه من العراق الی باريس بعد سنوات من  العيش في رغادة والانعزال من مسار النضال ليرکب موجة ثورة الشعب الايراني ويستغل الموقف وليدلي بکلمات في نوفل لوشاتو ضرب کلها فيما بعد عرض الحائط وهکذا قد خان کل طموحات الشعب الايراني العادلة. انه قد کسر الأقلام وکمم الآفواه وأطلق البلطجيين وفرق الاغتيالات. وأجبر النساء علی القبوع في البيت وبنی معتقلات وسجون عشرات المرات أکثر من النظام السابق رسميا وغير رسمي وجعلها مکتظة بالنزلاء والمعتقلين. وأعدم 120 ألف سجين سياسي وفي صيف 1988 ارتکب أکبر جريمة في العصر الحاضر باعدام 30 ألف سجين سياسي کانوا قد حکوموا من قبل کما أدخل المنطقة برمتها في حرب ودمار.
وخلال مدة قصيرة دخل کل شيء في الظلام وجعل شعبا کان قد خرج الی الشوارع لينادي بالحرية والديمقراطية محبطين. وکان عمر الربيع الحديث الحلول قصيرا جدا وتحول بسرعة الی خريف ثم تلاه التجمد والبرد الشتوي للخنق والکبت الذي کان يلسع  حتی العظم ليسود کل مکان. ودخلت الرجعية بکل قواها لتکبل کل ما يحمل معه علامة من الحرية والديمقراطية والتحديث والرقي والتطور. تم نهب ثروات الشعب والثروات الوطنية وتحولت تحت مسميات مختلفة الی ضيعات للخليفة الحديث العهد أي خميني وعصابته القذرة. فظهرت مثل الفطر مؤسسات رجعية في کل مکان وتشکلت. وأخذ انتهازيون کانوا بعيدين کل البعد عن النضال مقدرات الناس بيدهم وبدأوا قمع القوی الثورية الصادقة والمخلصة أي مجاهدي خلق وفدائيي خلق حيث کانوا قابعين حتی يوم 20 يناير 1979 في سجون ومعتقلات الشاه وأخذ النظام يلفق ملفات ويوجه اتهامات ضدهم ويهددهم ويعتقلهم. الملالي الرجعيون قد سطوا علی مقاليد السلطة بعد ما اصطنعوا لأنفسهم سجلات نضالية مزيفة وهکذا جعلوا ايران والمجتمع الايراني منعزلا عن الأسرة الدولية ومرروا من خلال القمع الداخلي وتصدير الأزمات تحت عنوان «الثورة الاسلامية» تدخلاتهم في دول المنطقة لاسيما في العراق ولبنان واليمن وسوريا.
وفي الداخل أسسوا مؤسسات قمعية مثل قوات الحرس والبسيج وجعلوا کل المؤسسات العسکرية مرتبطة بها. بحيث کانت قوات الحرس الحديثة العهد تلعب الدور الأول في الحرب الضروس طيلة 8 سنوات مع العراق. وبعد الحرب وضعت يدها علی کل مفاصل الدولة ماليا واقتصاديا والی حد ما بعض المفاصل السياسية  و تولت تمرير المشروع النووي للنظام . وفي المؤسسات السياسية احيلت آرکانها الی الحرس حيثما کان ممکنا. کما أن علی رأس العديد من المؤسسات السيادية يوجد أعضاء لقوات الحرس. رئيس السلطة التشريعية الحالية هو علي لاريجاني هو حرسي. محسن رضايي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام برئاسة رفسنجاني کان أول قائد لقوات الحرس. رئيس بلدية طهران هو محمد باقر قاليباف من القادة السابقين لقوات الحرس. العديد من الوزراء في الحکومات السابقة والحالية کانوا أعضاء في قوات الحرس. محمود احمدي نجاد رئيس جمهورية الملالي لولايتين کان من قادة أفواج الحرس. العديد من منتسبي وزارة الخارجية الحالية هم أعضاء لقوات الحرس. السفير المعين للنظام في العراق ايرج مسجدي هو من القادة القدامی لقوات الحرس لخارج الحدود وعينه النظام لحفظ توازن تدخلاته في العراق. العديد من مستشاري خامنئي بينهم يحيی رحيم صفوي من قادة أو أعضاء قيادة قوات الحرس. خامنئي ولحفظ نظامه قد کرس کل رهانه علی هذه المؤسسة القمعية والاجرامية. ولهذا السبب يساوره الخوف من انهيار هذه المؤسسة الذي يؤدي لا محالة الی سقوطه. وهذا ما يظهر في تصريحات عناصر خامنئي الذين يظهرون في الساحة ويبدون خوفهم و ذعرهم وقلقهم. ومنهم الملا موحدي کرماني الذي کان ممثل خامنئي في قوات الحرس لسنوات عديدة قال في صلاة الجمعة 27 يناير 2017 حيث التمس الرئيس الأمريکي الجديد بلغة النصيحة وقال: «السيد ترامب انک قد جئت الی البيت الأبيض بشعار الخدمه للشعب الأمريکي واحياء بلدک واصلاح الدمار الذي خلفته الادارات السابقة وانقاذ الشعب الأمريکي من الفقر والجوع والعوز وعدم التدخل في شؤون سائر الدول ومکافحة الارهاب. حاول أن تفي بوعودک. حذار أن يغير الخناسون عزمک. واعلم أن العمل بهذه الوعود هو في جوهر الدين المقدس للاسلام».
الواقع الدامغ هو أن قوات الحرس تلعب الدور الفريد في قمع الشعب الايراني. وأينما يعجز خامنئي عن تمرير سياساته في توازن القوی الداخلي للحکم فهو يوظف قوات الحرس وبيدقه البهلوان الحرسي حسين سلامي لکي يقمع أي صوت معارض ومناوئ. انه يلعب دور من يتشدق ويتبجح من خلال اطلاق عنتريات للولي الفقيه. بحيث يدفعه الی الميدان حتی لاختبارات صاروخية ومناورات فاقدة الأهمية عسکريا لکي يطلق عربدات ويتشدق ويطلق عنتريات بهدف رفع معنويات القوات المنهارة للولي الفقيه.
ولکن خارج نظام الملالي من الواضح أنه أي مصدر سياسي وعسکري لا يأخذ هذه الاراجيف المثيرة للضحک التي يطلقه هو أو سائر عناصر خامنئي بمحمل الجد.
کما أن العديد من المؤسسات المالية المهمة منها معامل ومؤسسات انتاجية تملکها قوات الحرس وأن وعوائدها الضخمة تصب في الخزانة الخاصة لهذه المنظومة وتصرف للقمع الداخلي وتصدير الارهاب والتدخل في دول المنطقة بلاهوادة.
الحاصل أن قوات الحرس هي تعتبر العمود الذي قائم عليه نظام ولاية الفقيه وهي الحافظة لهذا النظام القمعي والفاشستي. وهي الذراع الرئيسي للتدخل في الدول وأي ضربة تتلقاها قوات الحرس فمعناها توجيه الضربه للنظام برمته. ولکن في الظرف الحالي الضربة الرئيسية يجب أن توجه ضد البنية المالية والعسکرية لهذه المؤسسة. ولهذا الغرض يجب فرض العقوبات بالکامل علی قوات الحرس وأن يفرض عليها حظر لأي صفقة تسليحيا وتجاريا واقتصاديا في کل العالم. يجب وضع حد لنشاطات هذه المؤسسة الارهابية کافة. طبعا هذا الأمر يتطلب اجماعا اقليميا ودوليا. لذلک يجب الاجماع علی طردها من الدول العربية الاقليمية من سوريا ولبنان والعراق واليمن. ومن الضروري أن يتم ادراجها بشکل طارئ واستثنائي في القائمة السوداء والعقوبات الدولية. 

زر الذهاب إلى الأعلى