العالم العربيمقالات

مايکل فلين… أفلح إن صدق

 

الشرق الاوسط
6/2/2017
 

بقلم:سوسن الشاعر


مايکل فلين مستشار الأمن القومي الأميرکي «اعتبارًا من اليوم، نحن نوجه تحذيرًا رسميًا لإيران»، ونشر ترمب هذا التحذير علی صفحته في موقع «تويتر» عقب المؤتمر الصحافي.
تلک کانت باکورة السياسة الأميرکية تجاه إيران دشنها مايکل فلين الجنرال البالغ من العمر 57 عامًا الذي اختلف مع إدارة أوباما واستقال أو أقيل حول سبل تسوية الوضع في سوريا، وسبق له أن تحدث عن نهوض تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» في سوريا، قائلاً: «إن ذلک لم يکن مصادفة أو خطأ غير مقصود، بل جاء نتيجة تخطيط مدروس من قبل فريق أوباما»!

نحن أمام نقلة براغماتية للسياسة الأميرکية تجاه المنطقة، فهذا الشخص وفقًا لجميع الصحف الأميرکية له تأثير قوي علی الرئيس ترمب منذ بداية الحملة الانتخابية.
وفي مقابلة صحافية مع قناة «الجزيرة»، شکک فلين في احتمال أن تکون إدارة الرئيس الأميرکي باراک أوباما تجاهلت ما جاء في تحليلات الاستخبارات العسکرية، التي کان يقودها، بشأن خطر نهوض الإرهاب في سوريا. واستدرک قائلاً: «أفکر أن ذلک کان قرارًا مدروسًا»!!
ذلک کان رأينا تمامًا، فنحن إذن علی اتفاق هنا مع هذه الزاوية من السياسة الأميرکية المستقبلية تجاه إيران تحديدًا.

ليس هذا فحسب بل ستزيد علامات التعجب حين نعلم أن الجنرال فلين يری ويصرح بأن إيران أقامت تحالفًا مع «القاعدة» و«حزب الله» اللبناني ضد عدوهم المشترک، أي الغرب وخاصة الولايات المتحدة، وذلک في کتاب «أرض المعرکة» الذي نشره في أغسطس (آب) من العام الماضي.
ويزيد علی ذلک أنه يؤکد أن إيران کانت شارکت في تفجيري مبنيي السفارتين الأميرکيتين في کينيا وتنزانيا في العام 1998 رغم أنهما سجلا باسم «القاعدة» وفعلاً فعلتهما «القاعدة» ولکن إيران کانت لها دور رئيسي. وتعود جذور هذا العداء إلی طبيعة الجمهورية الإسلامية وفق الجنرال فلين.
يعتقد فلين أن انتصار إيران علی «الشيطان الأکبر» في العراق سيفرض علی الدول الصغيرة في الشرق الأوسط الخضوع للسياسات الإيرانية والتصرفات غير الودية تجاه الولايات المتحدة وحلفائها وجميع ذلک يمکن إنجازه من دون حاجة إلی القنبلة النووية التي شغلت بال جميع السياسيين في الغرب.

أليس هذا ما بحت أصواتنا ونحن ننبه له کل مسؤول أميرکي يزور المنطقة دون أن نجد أذنًا صاغية له؟
يری الجنرال فلين أن الترکيز علی القضية النووية خطأ جدي في الرؤية الاستراتيجية للغرب وأن القضية الرئيسية هي النظام الإيراني ومفهومه المتطرف للإسلام.
أليس هذا ما نقوله نحن لثمانية أعوام دون أن يصدقنا أحد؟
اعتقدنا أن الأميرکيين إما أغبياء أو يتغابون بسبب السياسة المترددة التي تجاهلت جميع هذه الحقائق والأدلة الدامغة علی تورط إيران في تهديد المصالح الأميرکية قبل مصالحنا في المنطقة، وکانوا مصرين علی أن «احتواء» إيران ممکن!!
کيف يمکن أن تحتوي دولة صدرت أکثر من 19 ألف کيلوغرام من الأسلحة والذخائر والمتفجرات لدولة کالکويت، وما زلت تصر علی سياسة تسميها «الحکمة» مع إيران، رغم أن الکويت أثبتت وربطت بالأدلة والبراهين أن تلک الأسلحة والذخائر والمتفجرات آتية من إيران (ثامر العلي رئيس جهاز الأمن الوطني الکويتي).

فإذا کان هذا جزاء الکويت الوديعة مع إيران، فما بالک بما فعلته في البحرين وفي اليمن وفي العراق.
کيف يمکن أن تحتوي دولة صدرت آلاف الأطنان من الـ«سي فور» والـ«تي إن تي» أخطر أنواع المتفجرات للبحرين ودربت ومولت عمليات إرهابية ما زالت تزهق أرواحًا آخرها «الشهيد» الملازم هشام الحمادي الذي قتل بسلاح کلاشنيکوف غدرًا؟
کيف يمکن أن تحتوي دولة اعترفت في أغسطس من العام الماضي عبر الوکالة الإيرانية الرسمية «إيرنا»، أن الصاروخ الذي أطلقته الميليشيات الحوثية ضد الأراضي السعودية کان «زلزال 33»، وهو صناعة إيرانية.
وأعلنت البحرية الأميرکية مطلع مايو (أيار) الماضي ضبط شحنة أسلحة أثناء اعتراض سفينة بحرية إيرانية في بحر العرب کانت في طريقها إلی الحوثيين في اليمن.
السؤال الذي يجب أن نعرف إجابته ونضعه فورًا عنوانًا للسياسة الخارجية الخليجية الآن، هو کيف يمکن أن نستفيد الاستفادة القصوی من هذا التوافق الأميرکي الخليجي مع تلک الزاوية الخاصة بإيران؟
السؤال الثاني هو کيف يمکن أن نتوافق مع رؤية فلين للإسلام الراديکالي والجزء المتعلق بالتنظيمات الإرهابية السنية ورؤيتنا نحن في دول مجلس التعاون في إمکانية التعاون المشترک ضد الإرهاب؟
ألم نکن نطالب برؤية عادلة للراديکالية التي يجب أن تری الإرهاب إرهابًا، في أي تنظيم مسلح خارج الشرعية شيعيًا کان أم سنيًا؟ ألم تکن مشکلتنا مع الرئيس السابق تلک الکفة التي کانت تميل في ميزان مکافحة الإرهاب، فلا يری الإرهاب إلا إن کان (سنيًا) ويغمض عينيه إن کان (شيعيًا)؟
ألم نکن نعرض مساعدتنا لمحاربة «القاعدة» و«داعش» ونشکو من التضليل والتمويه والغموض في حقيقة ما تدعيه الإدارة الأميرکية السابقة في هذه الحرب؟ هذا هو فلين يؤکد هواجسنا ويتفق معها.
إن الکثير من المکاسب يمکن أن تتحقق في ظل هذا التوافق الأميرکي الخليجي لصالح أمن هذه المنطقة واستقرارها مما سينعکس علی مصالح الحليفين معًا.
*نقلاً عن “الشرق الأوسط”

زر الذهاب إلى الأعلى