حديث اليوم

جمرة تحت رماد مبنی بلاسکو مازالت تستعر

 


في أجواء خيمت عليها مشاعر الغضب شهدت طهران يوم  الاثنين 30 يناير مراسيم تشييع لجثامين 16 اطفائيا فقدوا أرواحهم بکل شجاعة في حريق مبنی بلاسکو وانهياره وذلک بمشارکة آلاف مؤلفة من أهالي طهران. النظام الذي کان يستشعر مدی تألم الناس وغضبهم من هذا الحادث، قد أجل مراسيم التشييع لعدة أيام حيث کان من المقرر أن يتم يوم الخميس الماضي بغية تحشيد الحد الأقصی من عناصره القمعية للسيطرة علی هذه المراسيم. کما انه حاول وبذرائع مختلفة مثل تحويل نقطة انطلاق المراسيم التي عادة ما کانت من مرکز المدينة ومن أمام جامعة طهران الی مصلی طهران وکذلک خفض عدد قطارات المترو وابطاء حرکتها ليفرق الناس ويتعبهم کما في الوقت نفسه حاول أن يصادر ويلوث جثامين الاطفائيين بضحايا الحرب القذرة والاجرامية في سوريا الذين يصفهم دجلا بشهداء الدفاع عن الحرم. ولکن رغم کل هذه المحاولات الا أن المواطنين رددوا هتافاتهم ضد أزلام النظام مثل «قاليباف (رئيس بلدية طهران) استقل استقل» أو رفعوا لافتات تندد بالنظام ومسؤولي الحکومة باعتبارهم مسببي هذا الحادث. ومن اللافتات المثيرة للانتباه کانت هناک لافتة انعکست في الفضاء المجازي بشکل واسع کتبت «اني إطفائي أخمد نار الظلم!» حيث کانت معبرة من جوانب مختلفة وتشير الی جذور المشکلة والمسبب الرئيسي لهکذا کوارث.
ولکن ما سبب تحويل هکذا حادث وحريق يمکن أن يحدث في أن نقطة من العالم، الی حادث يأخذ طابعا اجتماعيا وسياسيا بهذا المدی ويتحول الی حادث وطني يهز مشاعر الناس وأرکان النظام؟
هل کان بسبب عدد ضحاياه؟ بينما کان هناک أحداث أکبر حجما وعددا يشهدها العالم ولکن طبيعة الحريق في مبنی بلاسکو وانهياره يمکن أن تحصل فقط في ديکتاتورية فاسدة وآيلة للسقوط. ولکن لماذا؟
لأن حادث بلاسکو کان بالامکان تفاديه من خلال العناية والصيانة التي کان من المفروض أن يتم ومن خلال القيام بأعمال الادامة والصيانة لتحکيم المبنی أمام الحريق أو الأضرار المختلفة ولکنها لم يتم ومن خلال السيطرة والتفتيش التي کان من المفروض أن يتم ولم يتم…
لأنه لم تتبنی أي جهة ومؤسسة مسؤولية هذا القصور ولم يتضح في الصخب والضجيج الذي أثارته الزمر في تبادل الاتهامات أية جهة هي المسؤولة عن هذه الکارثة.
وحتی بعد الحريق ومن خلال تجربة هکذا بنايات بعد انهيار أبراج التجارة في نيويورک وکانت هناک فرصة لثلاث ساعات ونصف الساعة من بدء الحريق والی انهيار المبنی ليتم اخلاء المبنی من السکان ولکنه لم يتم بل تم بکل شقاء زج عدد من الاطفائيين الی داخل المبنی الذي کان علی وشک الانهيار.
هکذا حدث وبهذه الحالة ان کان يحدث في أي بلد آخر فکان بالتأکيد تقام لجنة تحقيق في أعلی المستويات في الحکومة وکانت النتائج تعلن مباشرة لدی الرأي العام والمراجع القضائية وتنتهي الی عزل ومحاکمة مصادر مسؤولة عنها في مستويات عليا.
ولکن النظام لم يقدم لحد الآن تقريرا وافيا ومعلومات عن هذا الحادث وعن سببه ولم يتضح بعد کم عدد القتلی في هذا الحادث؟ لأنه مع نشر أي معلومات عن الحادث فسرعان ما ينسحب الأمر علی کبار مسؤولي النظام ويمتد الی عباءة الولي الفقيه الفاسد والمجرم لأن مبنی بلاسکو کان تحت تصرف وادارة مؤسسة المستضعفين النهابة التي هي تنضوي تحت ادارة بيت خامنئي.
وهذا التعتيم يسبب في انتشار أحاديث بين المواطنين وحتی في داخل النظام عن وقوع الحريق متعمدا في مبنی بلاسکو بحيث آشارت اليه وسائل الاعلام التابعة للنظام. ولکنه بما آنه لم تقدم بعد معلومات واضحة لا يمکن الحکم علی تأييد أو نفي ما يتداول علی الألسن. ولکن حسب التجارب السابقة وسجل النظام الفاشي الديني الحاکم يمکن القول «اذا لا توجد نار لا يوجد دخان».
من جهة أخری فنری أن واقعة بلاسکو تحول من جانب الی وقود وعتاد في الصراع بين زمر النظام ومن جانب آخر تحول الی عامل لاحتدام لهيب غضب المواطنين وأثار الأزمة العامة الشامله ضد النظام أکثر من ذي قبل بحيث نوهت صحيفة «ابتکار» الحکومية في افتتاحيتها الصادرة يوم 31 يناير الی الأجواء الأمنية المکثفة خلال مراسيم التشييع لرجال الاطفاء وتساءلت «لماذا هکذا مراسيم… تتحول الی ساحة لاستعراض القوة ولي الذراع وهل هبط مستوی تحمل المجتمع الايراني الی درجة بحيث کل ظاهرة جماعية يمکن أن تثير المخاوف عند البعض؟». 
وهذا هو أحد أبرز النماذج الخاصة للمرحلة النهائية لديکتاتورية آيلة للسقوط.   

زر الذهاب إلى الأعلى