حديث اليوم

وقف إطلاق النار في سوريا، منعطف هام ضد النظام الإيراني

 


دخل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ عند منتصف ليل الخميس 30 کانون الأول/ ديسمبر بالتوقيت المحلي. وجاء الإتفاق برعاية روسيا وترکيا حيث کانت روسيا تمثل نظام الأسد وکذلک ترکيا تمثل المعارضة السورية.
وصوّت مجلس الأمن الدولي بالإجماع لصالح مشروع القرار الترکي الروسي المتعلق باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا في الساعات الأخيرة من عام 2016 وبذلک أعطت هذه المنظمة الأممية طابعا دوليا لهذا الإتفاق (وکالة أسوشيتدبرس للأنباء- 31 کانون الأول- ديسمبر 2016). ويشکل هذا القرار، مشروعا لإنهاء الصراع في سوريا وخطوة لإستئناف مفاوضات السلام.
سبق وأن أعلنت المعارضة السورية دعمها لإتفاق وقف إطلاق النار (وکالة أسوشيتدبرس للأنباء- 29 ديسمبر 2016) الا ان نظام الملالي أبدی ردود أفعال متناقضة تجاه وقف إطلاق النار هذا بحيث رحب حسن روحاني بالإتفاق خلال لقائه بوليد المعلم وجواد ظريف من جهة (موقع حسن روحاني- 29 ديسمبر 2016) الا ان قادة قوات الحرس وکذلک وسائل الإعلام الحکومية من کلتا الزمرتين أبدوا استيائهم وإزعاجهم بوضوح تجاه الإتفاق ورفضوا ذلک من جهة أخری. إن السبب الأول لهذا الإستياء من الإتفاق يکمن في عدم إشراک النظام في هذا الإتفاق. وکتبت صحيفة لوموند الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 30 ديسمبر 2016 قائلة: «إتفاق روسي- ترکي بعيدا عن إيران سبب في إزعاج هذا النظام».
کما کتبت صحيفة ”آرمان“ الحکومية المحسوبة علی زمرة رفسنجاني- روحاني في عددها الصادر بتاريخ 31 ديسمبر قائلة: «ليس من المعلوم ما وصفته روسيا بانها بدء وقف إطلاق النار في کل أنحاء سوريا هل سيکون مستداما أم لا؟ وهو وقف إطلاق النار الذي يبدو کان حصيلة مشاورات موسکو وأنقرة… وليس معلوما لماذا لم تکن إيران طرف فيها؟!».
ولکن ما هو أبعد من عدم إشراک النظام في هذا الإتفاق الذي يدل نفسه علی تخفيف ثقل النظام السياسي بامتياز في سوريا بعد إحتلال حلب الا ان ما سبب في قلق النظام هو إتجاه وقف إطلاق النار هذا وسير التطورات وهذا السير الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلی رحيل الأسد من السلطة، کما هو معلوم جيدا من خلال تصريحات مسؤولي النظام وبعض سلطات نظام الأسد ومواقفهم العلنية:
وزير الدفاع للنظام الحرسي دهقان: «لا يحق لأحد أن يقول انه لا يجب للأسد أن يرشح نفسه للإنتخابات». (صحيفة آرمان الحکومية- 31 ديسمبر 2016)
کما تاوه الحرسي رمضان شريف مسؤول العلاقات العامة والإعلام في قوات الحرس من إبعاد النظام من معادلات سوريا باللغة المعاکسة قائلا: «بإمکان ترکيا ان تلعب دورا في هذه الأجواء في حال إحترامها علی حکومة سوريا الشرعية» (وکالة تسنيم للأنباء المحسوبة علی فيلق القدس الإرهابي- 31 ديسمبر 2016)
وأکد وزير الخارجية لنظام الأسد وليد العملم قائلا: «کل شيء سيتم طرحه في اجتماع أستانا قابل للدراسة عدا موضوع عائد للسيادة الوطنية وحق الشعب السوري في إختيار الرئيس للبلد». (تلفزيون النظام الإيراني- 30 ديسمبر 2016)
ولکن لا يبدو إطلاق هذه التحذيرات والتهديدات تؤدي إلی أية نتيجة وأن تکون مؤثرا لان إتفاق وقف إطلاق النار بمواده الـ 8 والذي أنجزه في موسکو وکان للنظام تاثير شکلي  فيه وانه وقع علی البيان الختامي الذي تم تدوينه علی أساس قرار «جنيف 1» في عام 2011 حيث يشکل المحور الأساسي فيه تشکيل حکومة إنتقالية لا مکان فيها للأسد.
من الواضح انه لم يکف النظام عن ممارسة أية محاولة و مؤامرة للإخلال في الهدنة وحرف سير قطار التطورات من خط المفاوضات (التي سيکون مهزوما فيها حتما) إلی خط الحرب والصراع (وهي حظ النظام الوحيد للربح)، الا ان الرفض الرسمي والعلني في ظروف النظام الراهنة سيؤدي إلی إبعاده أکثر فأکثر لان الحکومة الروسية التي تلعب دورا مفصليا وحاسما في تطورات سوريا وبما أن الأمر يعود إلی الدلائل والقرائن انها تصر علی مراعاة الهدنة ومواصلة مسار السلام والمفاوضات وهذا هو سبب تناقض مواقف النظام المتخذة ويبين بوضوح أوضاع النظام المتناقضة:
«ان صمت النظام المستغرب في بداية الأمر تجاه وقف إطلاق النار وکذلک المخاوف التي ابداها وليد المعلم وزير الخارجية السوري، يدلان علی ان الظروف ليست اعتيادية… بينما تذعن أنقرة وموسکو بان الهدف من المفاوضات الآتية في کازاخستان التي ستعقد بعد أسبوعين هو بذل مساع لإنهاء الحرب ودخول المرحلة الإنتقالية. والمرحلة الإنتقاليه اذا تترجم بأية لغة لا معنی لها إلا حسم مصير السيد الأسد (صحيفة آرمان الحکومية- 31 ديسمبر 2016)».
وذلک لا معنی له بانه تم الضمان لوقف إطلاق النار أو بعد ذلک ان قطار المفاوضات والذي يمشي علی الخط وکذلک الحل السلمي للصراع سيمشي بدون أية عراقيل. ولکن هناک ملاحظة هامة في هذا السياق أي وضع العراقيل من قبل النظام ستکون له آثار سلبية جدا وتکلفة سياسية باهظة وإدانة دولية وسوف يعزله أکثر من أي وقت مضی لان اولا روسيا لا تستعد لمواصلة الحرب في سوريا حسب مصالحها وخرجت عمليا من التحالف مع النظام وتری المزيد من المصالح في التحالف مع ترکيا ثم السعودية ودولة قطر ودول الخليج، کما يمکن ان نری هکذا تعامل جديد من خلال مشارکتها في قصف داعش بمدينة الباب لصالح ترکيا.
کما اشارت صحيفة لوموند إلی عزلة النظام هذه وکتبت: «مشکلة النظام الإيراني هي انه لا يتمتع بأي موطیئ قدم في العالم العربي الا المجتمعات الشيعية. وحاليا يغضب السنة بسبب مصير حلب وحتی ابتعدت حماس عن النظام الإيراني بعد الحرب في سوريا، ويدرک فلاديمير بوتين ذلک جيدا لذلک قد اقترب إلی ترکيا».
وثانيا بعد ان صوت مجلس الأمن لصالح قرار اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا أي إخلال من قبل النظام الإيراني في هذه الهدنة سوف يضعه أمام روسيا وترکيا ودول المنطقة وکذلک الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، خاصة أثار حضور المليشيات التابعة للنظام ودورهم الإجرامي في سوريا بما فيه حزب الله اللبناني حساسية المجتمع الدولي، بالتالي علی النظام أن يفکر أکثر من مرة علی تداعيات أي إجراء تخريبي وعدا‌ئي في مسار السلام.
وبذلک ان النظام هو الخاسر الرئيسي في أحداث سوريا الأخيرة علی أساس التطورات التي يمکن رؤيتها حتی هذه اللحظة. الا ان هذه التطورات لا تتوقف الآن إلی هذه المرحلة فقط بل في خطوة تالية للنظام عليه ان ينتظر تجرع کأس السم الإقليمي ثم ستکون وتيرة تساقط قواته وعناصره متسارعة داخل إيران وخارجها.

زر الذهاب إلى الأعلى