العالم العربي

أطفال حلب.. جوع وخوف ومصير مجهول

15/12/2016

 


ليس النوم علی جوعٍ عمره استمر لأيام أسوأ من الاستيقاظ علی صوت القصف عند أطفال حلب، فالجوع والخوف شعوران متلازمان لا يفارقان سکان الأحياء المحاصرة في المدينة، لکنهما أشد وطأة وأکثر ألماً علی أطفالٍ لا يمکنهم فهم الأسباب التي تجعلهم يعيشون هذه المعاناة بلا ذنب اقترفوه.
 
تقول ليلی، وهي أم لثلاثة أطفال توفي والدهم جراء قصف سابق ببراميل متفجرة علی حي الشعار (شرقي حلب) إنها ترکت منزلها بعد أن دمره القصف الذي قتل فيه زوجها، وانتقلت إلی منزل قريب في الحي نفسه، لکن تقدم المليشيات الأجنبية، وما سبقه من قصف عنيف دفعها للهرب بأطفالها إلی عمق المناطق بشرق حلب.
 
وأضافت أنها في طريق هروبها مع أطفالها، شاهدت الرعب في وجوههم عند المرور بين جثث لنازحين قتلهم قصف قوات النظام، حيث کان المنظر مرعبا وأشلاء الأطفال والنساء تملأ المکان.
 
وبعد وصولها مع أطفالها إلی حيث توجد الآن، لم تجد ليلی مکانا تأوي إليه سوی أحد الأقبية، حيث عشرات من النساء والأطفال، معظمهم قدموا من الأحياء التي سيطرت مؤخرا عليها قوات النظام والمليشيات الأجنبية الداعمة لها، والوحدات الکردية.
 
أطفال حلب يعيشون ظروفا قاهرة بين الجوع والهلع (رويترز)
القصف والأطفال
وعن أحوال معيشتها مع أطفالها في القبو، تقول ليلی “لا تتوفر في هذا المکان أدنی مقومات الحياة، والغذاء قليل للغاية، فمعظم الأيام ينام أطفالي جوعی دون أن أجد ما أسد به رمقهم، لکن القبو قد يحميني وأطفالي من خطر القصف الذي لا يتوقف علی مدار الساعة، حيث تثير أصوات الانفجارات رعب الأطفال وبکاءهم”.


 


 


 


 


قد يساعد وجود ليلی مع أطفالها في طمأنتهم، لکن أطفالا آخرين لا يحظون بأم تحتضنهم وتخفف بحنانها وطأة الخوف عنهم، ففي دار “المميزون” للأيتام يوجد 47 طفلا معظمهم من فاقدي الأم والأب، رغم جهود القائمين علی الدار، فإن الأطفال يعيشون في ظروف خطرة بسبب القصف المستمر علی المنطقة من قبل روسيا وقوات النظام والمليشيات الأجنبية الداعمة لها.
يقول طلال الدامور أحد مسؤولي مؤسسة أفکار المشرفة علی الدار إن الأطفال يعيشون في حالة خوف وترقب مستمر، حيث أصوات القذائف والصواريخ لا تهدأ أبدا، لافتا إلی أن الدار تعرضت للقصف أکثر من مرة، کان آخرها منذ أيام، وأدت إلی إصابة طفلين.
 

مجزرة حي جب القبة بشرق حلب جراء قصف النظام (ناشطون)
رسالة للعالم
ويضيف الدامور أن عدد الأطفال يتزايد لدی الدار التي يشرف عليها يوميا، غير أن الإمکانيات محدودة للغاية بسبب الحصار، والآن أصبح من الصعب تأمين الغذاء والدواء والدفء للأطفال خاصة مع استمرار القصف واشتداد المعارک.
واعتبر أن الحل الأفضل لإنقاذ الأطفال هو بإجلائهم إلی خارج مدينة حلب وتأمينهم في مکان آمن.
لهذا قامت إدارة الدار، بنشر رسالة من الأطفال عبر مقطع فيديو، ناشدوا فيها المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان والأطفال بتأمين إخراجهم سالمين من أحياء حلب المحاصرة، وعبر الأطفال في رسالتهم عن خوفهم الشديد من القصف والغارات، وأکدوا علی رغبتهم في العيش بسلام.
من جهته قال المدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” غيرت کابيليري، إن تقارير وصلت إلی المنظمة تفيد بوجود أکثر من مئة طفل من دون عائلاتهم في مبنی شرقي حلب، وهم تحت القصف العنيف.

 


 


 


 


وأضاف أن معلومات وردت للمنظمة عن إعدام أطفال داخل حلب، وطالبت المنظمة جميع الأطراف بإجلاء الأطفال وحمايتهم، وعبر کابيليري عن قلقه العميق مما يتعرض له الأطفال في حلب، وقال “لقد حان الوقت ليقف العالم من أجل أطفال حلب، ويوقف الکابوس الذي يعيشونه”.

زر الذهاب إلى الأعلى