العالم العربي

مجلة «فورين أفيرز»: هذه خيارات إدارة ترامب للتعامل مع الملف السوري

 

 

12/1/2016


نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا لکل من المبعوث الأمريکي الخاص السابق للشرق الأوسط دينيس روس، والزميل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنی أندرو تابلر، ناقشا فيه طرقا لحل الملف السوري من منظور أمريکي.
وجاء في المقال بحسب ترجمة عربي 21: “عندما سيتم تنصيب الرئيس الأمريکي المنتخب دونالد ترامب في 20 کانون الثاني 2017، سيجد أن تحديه الأکثر تعقيدا في السياسة الخارجية هو ما يجب عليه فعله بشأن سوريا، ففي ظل إدارة الرئيس باراک أوباما کانت سياسة واشنطن في سوريا تقوم علی محاربة تنظيم الدولة في العراق وسوريا، لکن التنظيم يترنح، وتحقق بشار الأسد مکاسب علی الأرض، وصارت القوی الخارجية، مثل روسيا وإيران، متورطة أکثر، ما يجعل قتال تنظيم الدولة وحده أمرا ليس کافيا بالنسبة للقائد القادم للولايات المتحدة”.

منطقة حظر جوي

ويقول الکاتبان إن “منطقة حظر جوي فوق کامل البلاد تحتاج إلی قيام الولايات المتحدة بضرب الدفاعات الجوية السورية والروسية، وهو أمر لم يفکر به أي رئيس أمريکي؛ خشية استفزاز حرب مع روسيا، ومع ذلک، فإن هناک مناطق حظر جوي محدودة قائمة فعليا علی الحدود السورية مع الأردن، ومنطقة الحظر الترکية القائمة شمال حلب هي مثال علی الطريقة التي يمکن من خلالها حماية هذه المناطق دون مواجهة عسکرية”.

وتجد المجلة أن “وجود استراتيجية أمريکية ذکية، تشمل نشر قوات خاصة لحماية هذه المناطق، والقيام بغارات جوية، وإطلاق صواريخ کروز لاستهداف الطيران والمدفعية التابعة للنظام، يمکن أن يوفر الحماية لهذه المناطق، ويمکن استخدام خيار عسکري آخر، واستخدام صواريخ طويلة المدی من أجل تعزيز اتفاقيات وقف إطلاق النار، التي انهارت بشکل مستمر، فهذه الاتفاقيات تنجح عندما تتوفر للأطراف المتنازعة حوافز إيجابية للتفاوض، وحوافز سلبية کافية تؤدي إلی عدم خرق اتفاقيات إطلاق النار”.

قلب المعادلة

ويبين الکاتبان أنه “لهذا کان الأسد والروس قادرين علی معاقبة المعارضة، وليس العکس، ويمکن أن تؤدي الولايات المتحدة دورا لتعديل موازين القوة، عن طريق عقاب النظام، من خلال صواريخ کروز والغارات الجوية علی المطارات العسکرية التابعة له، وقد يؤدي هذا، وبشکل غير مقصود، إلی قتل جنود روس، إلا أن ترکز القوات الروسية في مناطق جغرافية محدودة يعني وجود مواقع عسکرية متعددة متوفرة، مثل المدارج ومواقع الآليات والطائرات المکشوفة والمروحيات، يمکن توجيه ضربات لها من خارج الأجواء السورية”.
وتفيد المجلة بأنه “بشکل بديل، يمکن للولايات المتحدة تقديم دعم نوعي وکميات کبيرة من السلاح للجماعات السورية، التي تم التحقق منها، وهو أمر لم تکن إدارة أوباما راغبة بعمله، ولأن السيطرة علی مناطق تحتاج إلی قوات بشرية، وفي ضوء العدد المحدود المتوفر منها للأسد، وزيادة تأثير المتطرفين، فإنه من الضروري تقديم الدعم للعناصر التي بقيت من الجماعات غير الجهادية، ولن يتوفر هذا الدعم إلا في حالة کرست الولايات المتحدة نفسها لقتال نظام الأسد، وهو خيار حاولت إدارة أوباما تجنبه، ولا يبدو ترامب حتی هذه اللحظة راغبا في متابعته”.

تشديد العقوبات

ويقول الکاتبان إنه “يمکن للولايات المتحدة تبني خيار تشديد العقوبات، وبفعلها هذا فإنها ستحصل علی النفوذ الذي تريده في المفاوضات المستقبلية، ما يسمح لها برفع العقوبات التي يواجهها الأسد، وزيادة الحوافز له، في حال قبل بنقل حقيقي للسلطة يسمح بتوحيد البلاد، وهذا بالتحديد أمر مهم في ضوء حاجة النظام اليائسة لإعادة بناء البنی التحتية في المناطق المدنية التي دمرها، وهناک ملمح مهم في الدبلوماسية مفقود، وهو شمل محاکمات بجرائم الحرب نظرا لاستخدامه السلاح الکيماوي”.

وتورد المجلة أن “الخيار الأخير هو الدبلوماسية، سواء کانت بالإکراه أو غير ذلک، وحتی الآن فشلت الدبلوماسية الأمريکية في إجبار الأسد علی التنازل عن السلطة، وفشل الروس والإيرانيون في دفع وکيلهم للتفاوض، ومن هنا فإن القوة العسکرية والعقوبات ستؤديان إلی تقوية يد المفاوضين، إلا أن دبلوماسية مع الحلفاء وتفاوضا صعبا مع  الأعداء سيؤديان إلی النتائج المطلوبة لوقف الحرب”.

القبول بواقع التقسيم

وتستدرک المجلة بأن “أمريکا لديها نفوذ؛ لأن استراتيجيتها هي القادرة علی توحيد سوريا، فمن خلال قصف حلب يأمل الروس بدفع المعارضة للقبول بواقع التقسيم الفعلي، الذي يترک الأسد في السلطة، ونتيجة کهذه لن تکون أساسا لإعادة الوحدة الوطنية، ويجب أن يفهم بوتين أن الولايات المتحدة ستوافق علی وقف إطلاق نار حقيقي إذا کان مرتبطا بقرار مجلس الأمن 2254، الذي يشمل رفع الحصارات، وبناء ممرات إنسانية، وکتابة مسودة دستور جديد، وموافقة الأسد علی مغادرة السلطة بعد 18 شهرا من العملية الانتقالية، ويجب علی بوتين أن يفهم أنه في حالة خرق الأسد أيا من هذه المبادئ، فإن الولايات المتحدة ستکون جاهزة للقيام بغارات جوية عقابية، وهذا يعطي للمنطقة رسالة تفيد بأن ترامب يعني ما يقوله”.
ويقول الکاتبان إنه “ينبغي علی ترامب أن يرسل رسالة واضحة لبوتين، مفادها: لو استمرت روسيا بدعم الأسد، وحتی لو فشل بالوفاء بالتزاماته المتعلقة بقرار 2254، فقد تجد روسيا نفسها في مصيدة حرب مکلفة لا يمکنها الانتصار فيها”.
ويخلص الکاتبان إلی القول إنه “من خلال هذه الخيارات، فإن علی الولايات المتحدة التأکيد أن لا حل سياسيا شاملا طالما ظل الأسد في السلطة، فقد سُفک دم کثير، وارتکبت جرائم کثيرة، وعانت المعارضة والداعمون الخارجيون من آلام کثيرة حتی يقبلوا بنتيجة کهذه”.

زر الذهاب إلى الأعلى