أخبار إيرانمقالات

إيران والابتزاز النووي للغرب

 

الوطن السعودية

30/11/2016

 

 

بقلم: محمد السلمي

 

بعد انتخاب ترامب بدأت إيران تشعر أن الأمور في الولايات المتحدة تسير عکس رغبتها، وأن الآمال التي عقدتها علی أداء الإدارة الأميرکية السابقة بدأت تتبخر
في تصريحات آنفة له، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أکبر صالحي، إن إيران مستعدة لجميع الاحتمالات في حالة خرق الولايات المتحدة الأميرکية للاتفاق النووي، مضيفا أن “لجنة الإشراف علی الاتفاق النووي عقدت اجتماعا وبحثت هذا الأمر بإسهاب، ودرست موقف إيران في حالة تمديد الحظر أو الموافقة عليه”، وأضاف صالحي أن فريق التفاوض الإيراني خلال مفاوضات الملف النووي وضع هذه النقطة في الاعتبار، لعدم ثقتهم بالدول الغربية، لکن هذا الأمر لم يکن ممکنا طرحه علنيا.
وأردف صالحي تصريحه بأن “المرشد الإيراني طرح هذا الموضوع عدة مرات، ولحسن الحظ اتُّخِذت إجراءات تمکننا خلال 18 شهرا من الوصول إلی مستوی جيد من القدرة علی تخصيب اليورانيوم”، ثم أعرب عن أمله الشديد في “المضي بالاتفاق النووي قدما، وعدم حدوث تطورات تجبر إيران علی رَدّ فعل، وفي حال انتهاک الاتفاق النووي فإن الطرف الخاسر سيکون الغرب”. ينتهي هنا تصريح علي أکبر صالحي، ليبدأ تحليل وتفسير موقف طهران وسياستها حول الاتفاق.
الواضح والمفهوم من هذا تصريح کهذا، أن إيران أصبحت تستخدم الاتفاق النووي أداة للضغط علی الحکومة الأميرکية، هذا الاتفاق الذي کانت الإدارة الأميرکية تقاتل من أجل تسجيله بصفته “إنجازا” باسمها، قبل مغادرة البيت الأبيض.
ما من شک في أن النظام الإيراني کانت لديه رغبة کبيرة في أن يصل إلی هذا الاتفاق، بسبب ما يعلمه الجميع من الصعوبات الاقتصادية والعزلة السياسية التي کان يعاني منها خلال العقدين الماضيين بسبب العقوبات الاقتصادية التي طبقت علی إيران. والآن بعد انتخاب دونالد ترامب بدأت إيران تشعر بأن الأمور في الولايات المتحدة الأميرکية أصبحت تسير عکس رغبتها، وأن الآمال التي عقدتها علی أداء الإدارة الأميرکية السابقة بدأت تتبخر کأنها لم تکُن، لا سيما أن ترامب قد اختار شخصيات عُرف عنها تصريحاتها النارية ضد النظام الإيراني ونشاطه في المنطقة، بالإضافة إلی عدم رضا تلک الشخصيات عن الطريقة التي تعاملت بها إدارة أوباما مع طهران طوال فترة رئاسة أوباما.
نضيف إلی ذلک أنه منذ بدأ الحديث في واشنطن عن التجارب التي أجراها -وما زال يُجريها- الحرس الثوري الإيراني علی الصواريخ الباليستية، وبأنها خرق صريح للاتفاق النووي، فإن طهران تؤکد أن ذلک لا يُعَدّ خرقا للاتفاق، وينبغي للدول الغربية ألا تُفسد الاتفاق بأن تخلط القضايا بعضها ببعض. أيضا، ما زالت طهران تتحدث عن أنها ستستأنف نشاطها النووي وتعجل به إذا أقدمت القوی الغربية علی خرق الاتفاق النووي، خصوصا إذا ما فُرضت عليها عقوبات جديدة.
للنظام الإيراني أسلوب دائم وطريقة معروفة في اللعب علی المتناقضات، ومن هذا الأسلوب يدرک أن هذا السلوک من طهران کان متوقعا وغير مفاجئ، فالنظام الإيراني لا يستطيع الالتزام بتعهداته، ودائما ما يبحث عن مخرج ليعود إلی ممارسة هوايته. وعلی هذا الأساس فإن أي دولة أو منظمة تتوقع أنها ستنجح في ترويض نظام ولاية الفقيه عبر تقوية جناح ما يسمی بـ”المعتدلين” علی حساب “الأصوليين”، تقع في خطأ کبير، لأن الواقع المؤلم الذي ينبغي أن تدرکه القوی الغربية في هذا الصدد هو أن هذا النظام يخادع المجتمع الدولي عن طريق ارتداء هذه الأقنعة المختلفة، في حين أن الوجه الحقيقي واحد، فلا فرق بين أحمدي نجاد وروحاني، ولا بين قاسم سليماني ومهدي کروبي، إلخ، فجميعهم يؤمنون بنظام ولاية الفقيه، وجميعهم يخضعون لتوجيهات المرشد الأعلی، وجميعهم لا خيار أمام أي منهم غير ذلک، خاصة عند الحديث عن السياسة الخارجية والأمن القومي الإيراني.
إن التعامل الغربي الناعم، والمداراة المبالغ فيها، يزيدان جشع النظام الإيراني وجرأته. والأهم من ذلک أن تصريحات علي أکبر صالحي هذه، تؤکد طموح إيران إلی الحصول علی السلاح النووي، لا تنفيذ برنامج سلمي کما تزعم. من هذا المنطلق، ينتظر العالم من الإدارة الأميرکية صرامة کبيرة تجاه إيران، ودقة شديدة وحرصا أشد بخصوص التزام إيران ببنود الاتفاق النووي، في ظل ما تقترفه طهران من خرق متکرر للاتفاق، سواء من ناحية زيادة کميات اليورانيوم علی المسموح به، أو زيادة مخزونها من المياه الثقيلة، أو تفکيک أجهزة الطرد المرکزية. 
 

زر الذهاب إلى الأعلى