أخبار إيرانمقالات

خريف طهران

 

 المستقبل العربي
10/9/2016


بقلم:سعاد عزيز

 

 تجتاح منطقة الشرق الاوسط حمی نزاعات متباينة أغلبها ذات طابع ديني ـ طائفي محرک بعوامل و حوافز قادمة من خلف حدود البلدان التي تعاني من تلک النزاعات، ولو دققنا في شکل و مضمون تلک النزاعات لوجدنا بأنها جديدة و طارئة علی المنطقة و لم تکن متواجدة في العقود التي سبقت عقد الثمانينيات.
الحمی الطائفية التي إجتاحت المنطقة قد بدأت منذ أن ترسخ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ولاسيما بعد أن قام بتأسيس حزب الله اللبناني، ومنذ تلک الفترة بدأ نفوذ هذا النظام يجتاح بلدان المنطقة رويدا رويدا و بدأت تظهر أحزاب و تنظيمات و تجمعات و حتی مؤسسات إعلامية و إجتماعية و غيرها تدعو في ظاهرها لشئ ولکنه تعمل في حقيقة أمرها لشئ آخر مختلف تماما الاختلاف عن ظاهرها، وان هذا الطابع النفاقي و المزيف و الکاذب لهذه الاحزاب و التنظيمات هي بالاساس صفة مکتسبة من هذا النظام الذي قام بتأسيسهم و يوجههم طبقا لمتطلبات و مقتضيات مصلحته الخاصة.
تهديد الامن و الاستقرار و السلام في المنطقة والذي تفاقم و بصورة ملفتة للنظر منذ تأسيس نظام الملالي، مسألة طالما حذرت منها منظمة مجاهدي خلق و دعت شعوب المنطقة الی أخذ الحيطة و الحذر من المخططات و الدسائس القادمة من جانب هذا النظام و تحت مختلف المسميات و الحجج و الاسباب، والاهم من ذلک أن المنظمة قد وقفت اساسا ضد نظام ولاية الفقيه و لم توافق عليه لأنها رأت فيه نظاما إستبداديا قمعيا معاديا للحرية و المبادئ و القيم الانسانية، ومثلما أن مبرراتها و مسوغاتها التي طرحتها ضد هذا النظام للشعب الايراني ظهرت مصداقيتها بشکل جلي لاغبار عليه، فإن ماطرحته بالنسبة للأخطار التي يشکلها هذا النظام للمنطقة و العالم، قد أثبتت هي الاخری مصداقيتها، خصوصا وان المنظمة لعبت دورا بارزا جدا في فضح حقيقة البرنامج النووي للنظام و کذلک قيام هذا النظام بتصدير الارهاب للعالم و فضحت أيضا مختلف مخططاته الاجرامية العدوانية الموجهة ضد أمن و استقرار و سلام شعوب المنطقة و العالم، ولذلک فإن علی دول المنطقة و العالم التي تنبري اليوم للتحدث عن خطر هذا النظام و کونه يهدد الامنين الاجتماعي و القومي للشعوب و الدول الاخری، أن تعلم بأن منظمة مجاهدي خلق و علی العکس و النقيض من سياسات و ممارسات النظام إختطت لنفسها نهجا سياسيا ـ فکريا يقوم علی أساس عدم تهديد أمن و استقرار و سلام الشعوب و الاحتفاظ بعلاقة اخوة و صداقة مع الشعوب تقوم أيضا علی اساس عدم التدخل في الشأن الداخلي للآخرين و احترام سيادة الدول الاخری، و السعي لجعل دور إيران إيجابيا و بناءا يخدم السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة و العالم.
مايجب أن نشير إليه هنا و نتوقف عنده ملية، هو إن منظمة مجاهدي خلق و لکونها لم تقبل بنظام ولاية الفقيه و إختارت طريق الحرية و الديمقراطية و الکرامة الانسانية، فقد دفعت ثمنا باهضا جدا کانت مجزرة صيف 1988، والتي تم فيها إبادة 30 ألف سجين سياسي ينتمون أو يؤيدون منظمة مجاهدي خلق، بعضا من هذا الثمن، رغم إن عدد الضحايا الذين قدمتهم المنظمة إجمالا في صراعها و مواجهتها ضد النظام من أجل الحرية قد بلغت أکثر من 120 ألف إنسان، الی جانب إنه قد تم وضعها ضمن قائمة الارهاب علی أثر صفقة أمريکية ـ إيرانية مشبوهة أثبتت سقمها و عقمها و بطلانها جملة و تفصيلا، لکن وعلی الرغم من کل ذلک فقد بقيت المنظمة مستمرة في مسيرتها التي قادت النظام في النتيجة الی هذا المنعطف الصعب حيث يجد نفسه محاصرا بآلاف الازمات و المشاکل داخليا و إقليميا و دوليا.
إفتضاح مخططات و المؤامرات القذرة و الدنيئة لهذا النظام و التي کانت لمنظمة مجاهدي خلق اليد الطولی فيها و بدء حملة إيرانية(من خلال الحملة الاخيرة التي تقودها المنظمة من أجل محاکمة قادة النظام بسبب مجزرة عام 1988) و إقليمية و دولية لنبذه و وضع حد له، يؤکد و بشکل جلي بأن زمن هذا النظام قد شارف علی الانتهاء و انه بات آيلا للسقوط و في نفس الوقت، فإن کل المؤشرات و الدلائل تؤکد بأن زمن مجاهدي خلق قد بدء يطل علی إيران و المنطقة، وهو وکما أثبتت الوقائع و الادلة العملية، زمن الخير و الامن و الاستقرار و السلام و العلاقات الإيجابية البناءة بين شعب إيران و شعوب المنطقة و العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى