أخبار إيرانمقالات

رسائل مؤتمر باريس تربک نظام ولاية الفقيه

 

دنيا الوطن 

21/7/2016

 

بقلم: إياد السالم


يکشف مسار النشاط السياسي المتصاعد الذي تسير فيه المعارضة الإيرانية وفتحت من خلاله الباب أمام حرکة دؤوبة من الاستقطاب ومد الجسور مع أطراف مختلفة في المنطقة، حالة الارتباک التي يعيشها نظام الملالي في طهران, والتي ظهرت في العديد من سلوکياته.

فحالة الهياج التي بدت واضحة في تصريحات المسؤولين الإيرانيين عقب مشارکة الأمير السعودي ترکي الفيصل في مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس في 9 يوليو الماضي تشير إلی ما يعيشه الساسة الإيرانيون من توتر ناتج عن مأزق حقيقي وصلوا إليه نتيجة سياساتهم الداخلية والخارجية.

وعلی الرغم من محاولة أقلام عدد من الکتاب والإعلاميين المحسوبين علی نظام ولاية الفقيه التي انبرت لمهاجمة المؤتمر ومنظميه والمشارکين فيه، وکذلک التقليل من تأثيرات فعالياته في الميزان السياسي، إلا أن الکثير من التناقضات علت الخطاب الذي مارسه کتبة النظام بعيد انعقاد المؤتمر.

فقد حاولت هذه الأقلام تسويق فکرة تفيد بسذاجة المشارکة السعودية في مؤتمر تقيمه معارضة غير فاعلة في الداخل الإيراني، وغير مؤثرة، منوهةً إلی أن الأمير ترکي لا يشغل في الوقت الحالي منصباً سياسياً أو أمنياً مرموقاً ما يقلل من أهمية هذه المشارکة.

ولکن، طالما أن الأمور تبدو هکذا لدی حکام طهران فلماذا کان خطاب عدد من کبار الساسة، والقادة الأمنيين، منفعلاً بشکل کبير، وصل حد التهديد للمملکة العربية السعودية، بل تجاوزه إلی اتخاذ إجراءات عبّرت عن حجم الانفعال من خلال استدعاء السفير الفرنسي في طهران للتعبير عن الاحتجاج لسماح باريس بعقد المؤتمر الذي يعقد في الأساس بشکل سنوي منذ عدة أعوام وفي العاصمة الفرنسية عينها.

من جانب آخر، فإن محاولات طهران تسفيه دور المعارضة والتقليل من حجم قاعدتها الشعبية في إيران، تدحضه بشکل جلي أعداد الإعدامات المتزايدة داخل الزنازين الإيرانية، لدرجة أن منظمات حقوقية دولية صنفت إيران ضمن أعلی معدلات الإعدام علی مستوی العالم، حيث تشير تقارير حديثة إلی إعدام ما يقرب من 30 سجيناً خلال أسبوع واحد، ما يثبت حالة التخبط لدی نظام الملالي من خلال لجوئه إلی أساليب غاية في الوحشية للتخلص من معارضيه.

کما أن النظام الإيراني لا يوفر فرصاً تسنح له من وقت لآخر للاعتداء علی المعارضين العزل في مخيم “ليبرتي” وقبله في “أشرف” عن طريق ميليشياته في العراق، حيث سقط في هذه الاعتداءت الغادرة العشرات وجرح علی اثرها المئات.

لقد بدت الرسائل التي بعث بها الحلفاء في الجبهة المناوئة للنظام الإيراني، والتي وضع رکائزها مؤتمر باريس الأخير، واضحة وضوح الشمس، لربما فهمها نظام ولاية الفقيه کل الفهم، حتی وان تظاهر بعدم تأثره واکتراثه بها، إلا أنه يدرک من خلال المعطيات علی الأرض تضيّق الحلقة شيئاً فشيئاً حول رقبته.

فلا مکاسب حقيقية حتی الآن جناها من الاتفاق النووي الذي وقعه مع دول الغرب، حيث لا انفراج حقيقي، ولا رفع کلي للعقوبات، ولا انتصارات تتحقق في الجبهات التي زج نفسه بها، بل استنزاف لا يتوقف في اليمن وسوريا تحديداً، وفي ميادين سياسية کلبنان.

کل ذلک يقابله حالة متزايدة من استياء المواطن الإيراني الذي عانی نتيجة العقوبات، وانتظاره الطويل للفرج الذي وعدت به الحکومة ولم يأتِ، بينما تسجل الاحصاءات أرقاماً غير مسبوقة من الفقر المدقع، والبطالة، والإدمان علی المخدرات..وغيرها من الآفات التي يعيشها المجتمع الإيراني، ناهيک عن مصادرة الحريات العامة، وتکميم الأفواه المعارضة، واضطهاد الأقليات..وغيرها من الممارسات التي أوصلت الشعب الإيراني إلی طريق مسدود، تضيق معه خياراته أکثر فأکثر

زر الذهاب إلى الأعلى