العالم العربي

الحولة في حمص تموت ببطء.. بعد الحصار أزمة تلوث مياه

 

 

29/5/2016

يعاني المحاصرون من أهالي مدينة الحولة في ريف حمص الشمالي من نقص المياه الحاد، وقد تفاقمت الأزمة مع حلول فصل الصيف الحار، وقد بدأت علامات انتشار الأمراض والأوبئة وتفشي حالات الإسهال الحاد والديدان المعوية والتهاب الکبد ’A’ الذي ينتقل بالماء والطعام الملوث تظهر عند الکثيرين.
وأصبحت الآبار الارتوازية هي الوسيلة الوحيدة التي تؤمن المياه للناس مع صعوبة استخراجها لقلة وجود الإمکانيات المتاحة، فبعض الآبار في الحولة خرجت عن الخدمة، نتيجة القصف واستهدافها المباشر من قبل قوات النظام أو لقربها من الحواجز المحيطة في المنطقة، ولا أحد يستطيع الاقتراب منها أو إجراء صيانة لها.
 
 

ازدياد تدهور الوضع الطبي
’أقضي کل يوم عددا من الساعات مع أبنائي للحصول علی مياه للشرب ولسد احتياجات المنزل من المياه، ننتظر منذ الصباح الکهرباء، لنقوم بمد خط المياه من إحدی الآبار القريبة من المنزل والذي يبعد حوالي 300 متر، وبالمقابل أدفع لصاحب البئر القريب 500 ليرة للمتر الواحد، ومياه الآبار الرئيسة في المدينة لا تصل إلينا منذ فترة طويلة، وبالنسبة لصحة المياه فقد أصبحنا لا نبالي إن کانت ملوثة أو صحية، همنا هو الحصول علی المياه’. هذا ما قاله عمار أبو مصطفی’ أحد المواطنين الذين يعانون من انعدام المياه في المنطقة لـ ’العربية.نت’.
الطبيب ’أحمد’ من مشفی کفرلاها الميداني تحدث لـ ’العربية.نت’ عن محاولة الناس استجرار الماء حتی لو کان غير صالح، سواء من الآبار السطحية، والمياه الراکدة التي تشبه المستنقعات إضافةً لوضع الآنية تحت مزاريب المنازل من أجل جمع مياه الأمطار ومن لم يؤمن المياه لمنزله يلجأ لمياه المجاري المائية والأنهار والمياه السطحية، وهذه المياه تکون في أغلب الأحيان ملوثة لا تصلح للاستعمال البشري.
وأضاف الطبيب أن هذه المياه الملوثة ينتج عنها الکثير من الإصابات بالأمراض التي تصيب الناس هنا وخصوصاً الأطفال کالإسهال الحاد والديدان المعوية والتهاب الکبد A الذي ينتقل بالماء والطعام الملوث إضافةً لظهور أمراضٍ جلدية بسبب لجوء السکان إلی غسل ملابسهم بمياه الأنهار.
وختم الطبيب ’أحمد’ حديثه معبراً عن ازدياد الأزمة بسبب قلة الأدوية وحرمان المنطقة من اللقاحات، ونحن نسعی جاهدين للعمل مع اللجان والمنظمات الإنسانية والأممية، من أجل الضغط علی النظام وفتح المعابر الإنسانية للمدنيين والأطفال.
الکثير من آبار الحولة يصعب تشغيلها بسبب انقطاع الکهرباء شبه الدائم لذا لجأ الناس لضخ المياه عن طريق الديزل، الذي تجاوز سعر الليتر الواحد 1200 ليرة سورية، مما دفع الأهالي للاعتماد علی الصهاريج لتأمين احتياجاتهم من المياه، وأيضاً بأسعار مرتفعةٍ جداً يصعب علی الکثير من المحاصرين دفعها، حيث وصل سعر المتر الواحد من المياه لـ 1500 ليرة، وهي أيضاً معرضة للتلوث بشکل کبير.
أما عن عملية نقل المياه للمنازل فهنا تکمن معاناة أخری باتت من اختصاص الأطفال في هذه المناطق، فلا نراهم طوال اليوم إلا ذاهبين وعائدين تحمل أناملهم الصغيرة ما تستطيع حمله من المياه لتنقلها من مکان البئر إلی المنزل في عملية يومية متکررة.
 
 
 
سعي لمحاولة احتواء الأزمة
تسعی الجهات المدنيّة في مدينة الحولة لاحتواء هذه الأزمة والتخفيف عن الناس قدر المستطاع، وقد قام مجلس محافظة حمص الحرة بالتعاون مع مجلس مدينة الحولة الثوري بإعادة تأهيل 4 آبار کانت متوقفة عن العمل ضمن البرنامج الإقليمي السوري في حملة ’لأجلکم’ ويتم العمل اليوم علی دعم مصاريف تشغيلية لهذه الآبار وتقديم المحروقات والديزل لها بالمجان في محاولة لاحتواء هذه الأزمة، ولکن يبقی موضوع تلوث المياه الأکثر خطراً طالما لا يوجد معقمات ومواد وقائية توضع له.
أقسی أنواع الحصار تعاني منها مدينة الحولة متجسدة بالتجويع وصعوبة العيش والقصف المستمر، الذي يستهدف منازل المدنيين وأراضيهم، تارةً تجدهم يبحثون عن لقمة عيشهم ومياههم وتارةً تجدهم بين قتيل وجريح بسبب قصف النظام والطيران الروسي مرتکبين المجازر التي کان آخرها خلال الأيام الماضية في تصعيد عنيف أودی بحياة 50 قتيلا وعدد من الجرحی في مجزيتين متتاليتين.

زر الذهاب إلى الأعلى