تقارير

التغريبة السورية وصعوبة الاندماج في المجتمع الألماني

 

24/5/2016

والله ياعمتو بعد ماوصلنا علی المانيا فکرنا حالنا رح نرتاح بس طلع انو بلشنا قصة عذاب جديدة”
بهذه الکلمات الحائرة عبرت السيدة أم عمر عن المعاناة والعذابات التي يعيشها السوريون في ظل صعوبة الاندماج في المجتمع الألماني.

وليس المقصود بالمعاناة هي فترة الانتظار ودوامة المراسلات الورقية التي تستمر حوالي سنة حتی يستقر اللاجئ ويحصل علی الإقامة وجواز السفر الألماني، بل بالإضافة إلی تلک المعاناة هناک صعوبة الاندماج بعد فترة السنة الضائعة التي يقضيها اللاجئين.

السکن والقوانيين الألمانية أول العقبات أمام الاندماج:
أم عمر تعيش مع وزوجها ولديها شاب وفتاتين تقول لأورينت نت: المشکلة هنا أن عاداتهم غير عاداتنا وحياتهم کلها عمل ولايوجد زيارات ولا تواصل ولا علاقات اجتماعية کالعادات التي ربينا عليها في سوريا، إضافة إلی صعوبة إيجاد منزل فأنا وزوجي منذ أکثر من عام وبالرغم من مساعدة بعض الأصدقاء الألمان لنا لإيجاد منزل لم نستطع من الخروج من الکامب ومللنا من السکن المشترک، أيضا اغلب الألمان لايؤجرون بيوتهم لللاجئين کونهم لايعملون وطالما أنهم لايعملون ممکن أن يحدثوا ضجة في البيت، کما أن هناک قسم من الألمان يعتبرون أن اللاجئين عالة وعبء عليهم بسبب ارتفاع نسبة الضرائب التي يدفعونها 30% من رواتبهم الشهرية، وتضيف أم عمر “ياعمتو کل هاد بکفة والولاد بکفة تانية، ولادي ماعاد يردوا علي وبناتي عم سايرون خايف يضيعوا لانو في ولاد بسبب مشاکل مع الأهل اخدتون الشرطة وعطتون لعائلات ألمانية”.

حيث يسمح القانون الألماني بسحب الأطفال تحت سن 18 عاماً إذا تم ضربهم من قبل الأهل أو حرمانهم من أشياء أباحها لهم القانون الألماني، کاللباس والمعتقد وشراء بعض الاحتياجات باعتبار أن الطفل يأخذ مستحقات مالية من مؤسسة الـ “فاملين کاسه” Familien Kasse إلی أن يبلغ من العمر 25 عاماً، وتم تسجيل حالات قليلة تم فيها سحب الأطفال من أهلهم.

ولکن الأمور ليست بهذه السوداوية کما ترويها أم عمر حيث أن هناک کثير من العائلات العربية والعائلات المسلمة قدمت إلی ألمانيا سابقاً وهي تعيش الآن حياة جيدة، حيث يصف سافاج أورهان لأورينت نت وهو صاحب سوبر مارکت ترکي ولد في ألمانيا أن أهله وکثير من الأتراک ويقدر عددهم بـ 4 ملايين عاشوا بظروف أصعب من ظروف السوريين والآن هم مرتاحون ويعيشون في بحبوحة، إضافة إلی محافظتهم علی معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم الإسلامية، کما أن التسهيلات التي تقدمها الحکومة الألمانية للسوريين (التعليم المجاني – التامين الصحي – المعونة الشهرية)  لم تکن موجودة عندما جاء الأتراک إلی ألمانيا.

من جانبه المهندس سمير مجذوب يقول لأورينت نت  وهو عضو جمعية ألمانيا لمساعدة اللاجئين ومقيم منذ 30 عاماً في ألمانيا “يعاني معظم اللاجئين السوريين من مشکلة صعوبة الاندماج في المجتمع الألماني لأسباب عدة أهمها صعوبة اللغة الألمانية واختلاف طبيعة المجتمع الألماني الغربي عن المجتمعات الشرقية العربية، إضافة إلی فقدان معظم السوريين لوطنهم الأم سوريا بعد الحرب التي يقودها الأسد علی شعبه والتي أدت إلی دمار اغلب المدن السورية”.

اللغة الألمانية تعدّ من أهم العوائق أمام السوريين للاندماج:
من جهة أخری يری هيثم أبو النور بأن مستقبله کان سيبدأ من ألمانيا لولا صعوبة تعلم اللغة الألمانية باعتبار أنه لو کانت اللغة سهلة سيکمل دراسته ويحصل علی شهاة الهندسة والتي تمکنه من تحقيق طموحه، حيث يقول لأورينت نت أنا أحتاج إلی عامين حتی أتمکن من الألمام باللغة الألمانية إضافة إلی دراستي في الجامعة وهذه فترة طويلة وأهلي في ترکيا بحاجة للمال، والبحث عن عمل لمساعدتهم أولی من دراسة اللغة سنتين.

ويؤکد السيد يانز الدنر jeanz ALdenar لأورينت نت صعوبة اللغة الألمانية وهو مدرس للغة بقوله: تعد اللغة الألمانية من أصعب اللغات في العالم کونها تختلف في اللفظ عن الأنکليزية کذلک أداة التعريف” ال” والتي تعرف بالانکليزية بـ The  في الألمانية يوجد 3 أدوات وکل قواعد اللغة الألمانية صعبة وهي تشبه قواعد اللغة العربية إلی حد کبير، ولکن مع الأسف هي أصعب بکثير کونه لايوجد قاعدة ثابتة يمکن أن يعتمدعليها الدَارس، ومع الممارسة والمتابعة يستطيع اللاجئ التعلم وکحد أدنی هو بحاجة من سنة إلی سنة ونصف حتی يستطيع التعامل باللغة الألمانية.

غربة وحياة جديدة وبعضم يفضل العودة بعد توقف الحرب:
بعض السوريين يفضل العودة إلی سوريا إذا توقفت الحرب، فـ عبد الوهاب درباس أحد اللاجئين السوريين في مدينة شتوتغارت يقول إن الشعب الألماني لطيف وجيد وأنه يتلقی مساعدة فيما يتعلم بالترجمة وتسيير الأوراق من جمعيات ومنظمات مدنية ألمانية بشکل دائم ولکن وعلی الرغم من ذلک يفضل عبد الوهاب العودة إلی سوريا لو توقفت الحرب هناک کونه يشعر في ألمانيا بالغربة والوحدة إضافة إلی أن الحياة في ألمانيا جديدة ومختلفة جذرياً عن نمط الحياة التي اعتادها في سوريا.

من جانبها السيدة بريغيتا Birgita  المسؤولة عن تجمع لللاجئين السوريين في بلدة ايلفانغن Ellwangen التابعة لولاية بلدن فوتنبرغ  Baden wüttemberg صرحت لأورينت نت بأن اللاجئين السوريين يعانون من مشاکل کثيرة أهمها فقدان بلدهم وفقدان حياة أفضل من التي سيحصلون عليها في ألمانيا باعتقادهم کون سوريا کانت قبل الحرب من أفضل البلدان في العالم علی صعيد الأمان والاقتصاد والسياحة والتعايش، کذلک يری کثير من السوريين أن المساعدة الشهرية والمقدرة بـ 400 يورو التي تقدمها حکومتنا هي قليلة وأنهم في سوريا کانوا يحصلون علی أکثر منها، إضافة إلی الغلاء في ألمانيا بالمقارنة مع سوريا قبل الحرب وأنهيار الليرة السورية.

فترة مؤقتة ولا للتعميم بسبب بعض الحالات الفردية:
يری کثير من المحللين وأصحاب الخبرة بأن المشاکل والصعوبات التي تواجه معظم اللاجئين تنتهي بمجرد تعلم اللغة الألمانية ودخول سوق العمل.
فالسيد أحمد سويد “دکتور في علم النفس” والمقيم في ألمانيا منذ 18 عام يقول لأورينت نت أن جميع اللاجئين في بداية الأمر يواجهون صعوبات لکن ومع مرور الوقت واکتسابهم اللغة ألألمانية سوف تتغير نظرتهم ويرغبون في البقاء باعتبارأن جمهورية ألمانيا الاتحادية تعتبر من أفضل بلدان الاتحاد الاوربي بسبب قانونها الضامن للحريات وبسبب کثرة العمل وقوة الاقتصاد الألماني، ولکن أيضا کل شيء له ثمن والأمر ليس بهذه السهولة.

ويضيف فيما يتعلق بحالات الطلاق والانفصال بين السوريين والتي سجلت نسبة ربما تقدر بـ 4%، لانستطيع التعميم علی المجتمع السوري ککل من خلال هذه الحالات، وبالنهاية السوريين الذين قدموا إلی ألمانيا يمثلون المجتمع السوري بکافة تنوعه  وشرائحه ومناطقه، وهذه المشکلة لايتحمل السوريون وحدهم مسؤوليتها لأنه من واجب الحکومة الألمانية توزيع السوريين علی الريف الألماني والبلدات الصغيرة والتي تکون فيها درجة الانفتاح والتحرر والصخب أقل من المدن الکبيرة لکي يتم تجاوز مشکلة الصدمة وحالة الاختلاف بين المجتمع الغربي المنفتح والمجمع الشرقي المحافظ التي اعتادها معظم السوريين، ولا أحد يستطيع لوم الحکومة الألمانية کونها الدولة الأوربية التي استوعبت العدد الأکبر من اللاجئين من مختلف الجنسيات وليس من السوريين وحدهم.

برامج تشجيعية:
بدروها قامت الحکومة الألمانية بعدد من الخطوات لمساعدة اللاجئين علی سرعة الاندماج وأهم هذه الخطوات هي دورات اللغة الألمانية المجانية للسوريين إضافة إلی تخصيص مجموعات من المنظمات والجمعيات لمساعدة اللاجئين في التنقل والتعرف علی المدن والأسواق التي يقطنونها، إضافة إلی القيام بحفلات وولائم الطعام.

يشار إلی أن اللاجئين السوريين هم النسبة الأکبر بين اللاجئين من باقي البلدان الوافدين إلی ألمانيا، والذين وصلوا بعد عبورهم آلاف الکيلومترات، من أجل البحث عن حياة جديدة أفضل لهم ولأطفالهم، حيث أن نسبة السوريون 20,3 %، بواقع حوالي 32 ألف لاجئ، من أصل 160 ألفاَ من جميع الجنسيات طبقاً لبيانات المکتب الإتحادي للنصف الأول من العام 2015 ولا يوجد إحصائيات دقيقة بعدد السوريين في ألمانيا کونه لم يصدر أي إحصائية لعام 2016حيث يقدر عددهم أکثر بکثير من الإحصائيات الصادرة سابقاً.
المصدر : أورينت نت

زر الذهاب إلى الأعلى