أخبار إيران
وثائق قضائية جديدة تؤکد ضلوع الحکومة الإيرانية ومرشدها الأعلی في تنفيذ هجمات سبتمبر (1):
الشرق الاوسط
25/3/2016
25/3/2016
شاهدان لدی «سي آي إيه»: «القاعدة» وإيران تعاونا علی تفجيرات الخُبر وسفارتي أميرکا في شرق أفريقيا والمدمرة «کول»
قالا إن تعاون إيران مع تنظيم بن لادن کان بموافقة شخصية من المرشد الأعلی خامنئي ووزير الاستخبارات علي فلاحيان
تکشف «الشرق الأوسط» اليوم عن تفاصيل إضافية متصلة بالأدلة والوثائق التي تم تقديمها إلی محکمة نيويورک، وساعدت في إيضاح السبب وراء حکم القاضي جورج دانيلز بتغريم طهران بـ10.7 مليار دولار إضافة إلی الفائدة علی التعويض عن فترة ما قبل صدور الحکم، والتي تقدر بـ9 في المائة سنويا، ليتجاوز التعويض مبلغ 21 مليار دولار.
قالا إن تعاون إيران مع تنظيم بن لادن کان بموافقة شخصية من المرشد الأعلی خامنئي ووزير الاستخبارات علي فلاحيان
تکشف «الشرق الأوسط» اليوم عن تفاصيل إضافية متصلة بالأدلة والوثائق التي تم تقديمها إلی محکمة نيويورک، وساعدت في إيضاح السبب وراء حکم القاضي جورج دانيلز بتغريم طهران بـ10.7 مليار دولار إضافة إلی الفائدة علی التعويض عن فترة ما قبل صدور الحکم، والتي تقدر بـ9 في المائة سنويا، ليتجاوز التعويض مبلغ 21 مليار دولار.
وحصلت «الشرق الأوسط» علی الوثائق ذات الصلة، وسوف تنشرها حصريًا في جزأين. يکشف الجزء الأول عن مقاطع من الشهادة، تم استخدامها لصالح المدعين ضد حکومة طهران و«حزب الله» اللبناني وتنظيم القاعدة، وکلها نقاط أساسية في القضية.
ونعرض اليوم شهادة وکالة الاستخبارات الأميرکية (سي آي إيه) في القضية المعروفة باسم «هافليش» والتي رفعها عدد من ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وشرکات التأمين الخاصة. و«هافليش» هي أرملة أحد الضحايا الذين لقوا حتفهم في البرج التجاري الشمالي وأول مدعية بالقضية.
وأکدت شهادة مسؤولين بوکالة الاستخبارات الأميرکية أن الحکومة الإيرانية قدمت مساعدات مادية إلی تنظيم القاعدة في هجمات 11 سبتمبر 2001.
في 26 مارس (آذار) من عام 2010، أدلی اثنان من المسؤولين العاملين منذ فترة طويلة في الاستخبارات المرکزية الأميرکية، بشهادة موسعة ضمن أدلة قضية «هافليش» المرفوعة ضد إيران، في محکمة المقاطعة الجنوبية في نيويورک، وقد وصفتهما المحکمة بـ«الشاهدين الخبيرين».
وأکد الشاهدان في أقوالهما للمحکمة: «لم تکن العلاقة بين مقاتلي (القاعدة) وإيران وليدة اليوم، ولکنها تعود إلی أوائل الثمانينات من القرن الماضي في أفغانستان، وتضمنت إقامة علاقات شخصية وثيقة بين مسؤولين إيرانيين، وأمير حرب أفغاني تدعمه إيران، وقياديي تنظيم القاعدة فيما بعد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. وکانت لتلک العلاقات في أفغانستان دور فعال في سلسلة من الأحداث والتي أدت إلی وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وکذلک هروب مئات من عناصر (القاعدة) من جبال تورا بورا إلی إيران بعد الغزو الأميرکي لأفغانستان فيما بعد الحادي عشر من سبتمبر».
کان التعاون بين تنظيم القاعدة من جهة وإيران و«حزب الله» من جهة أخری فعالاً، ليس فقط في تخطيط وتنفيذ أحداث 11 سبتمبر في عام 2001. ولکن أيضًا في الکثير من العمليات الأخری التي قام بها تنظيم القاعدة قبل ذلک. من بين تلک العمليات تفجير أبراج الخُبر في المملکة العربية السعودية عام 1996. وتفجير سفارتي الولايات المتحدة في شرق أفريقيا عام 1998، والتفجير الانتحاري باستخدام قارب سرعة الذي استهدف المدمرة الأميرکية يو إس إس کول قبالة سواحل اليمن عام 2000.
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن الشهادة المرفوعة ضد إيران، تتهم ستة من الأفراد والجهات المستهدفين بالمقاضاة وهم، آية الله علي خامنئي، ووزير الاستخبارات والأمن علي فلاحيان، ونائب قائد الحرس الثوري الإيراني، العميد محمد باقر ذو القدر. إضافة إلی ثلاث جهات وهي وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، والحرس الثوري الإيراني، وجناحه فيلق القدس.
يقول الشاهدان الخبيران العاملان بوکالة الاستخبارات لأميرکية: «لم يکن التعاون رفيع المستوی بين عناصر من الحکومة الإيرانية و(القاعدة) سيحدث دون تعليمات سابقة من أعلی مستويات السلطة الإيرانية»، تتضمن المرشد الأعلی آية الله خامنئي ذاته، ووزير الاستخبارات علي فلاحيان، ومسؤولين آخرين تم ذکرهم في الشهادة. واستخدِمت تلک التأکيدات لدعم إضافة اسمي خامنئي وفلاحيان ومعهم آخرون، کمدعی عليهم في الکثير من قضايا أحداث 11 سبتمبر المنظورة في المحاکم.
يقول مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إنه رغم المحتوی الکبير للشهادة، التي يمکن الاطلاع عليها من محکمة المقاطعة الجنوبية في نيويورک، هناک الکثير من الصفحات المحجوبة في الوثائق. وتلک المواد المحجوبة عبارة عن معلومات حصل عليها عميلا الاستخبارات المرکزية الأميرکية من خلال تعاملاتهم المهنية التي تندرج تحت بند «السرية». وهکذا من المحتمل أن بعض الادعاءات، التي تم التوصل إليها عن طريق الاستدلال، موثقة باستفاضة من خلال الشهادة السرية.
وأضاف المصدر القضائي الذي رفض الکشف عن اسمه: «توضح الشهادة وجهة نظر الشاهدين حول (طريقة عمل) الحکومة الإيرانية في تعاونها مع (حزب الله)، بل وأيضًا مع تنظيم القاعدة وحماس وجماعات أخری: حيث الرغبة في مهاجمة أهداف غربية وغيرها مع الاحتفاظ بقدرة علی الإنکار المقبول لتورطها».
وتعتمد الشهادة المستفيضة، الحافلة باتهامات خطيرة ضد أعلی مستويات النظام الإيراني، علی شهادة اثنين من مسؤولي «سي آي إيه» وهما کلير م. لوبيز مسؤولة سابقة لعمليات سرية لدی «سي آي إيه»، وبروس دي. تيفت رئيس وحدة سابق لدی وکالة الاستخبارات المرکزية، وقد امتدت فترة عملهما في الوکالة إلی عقدين أو أکثر، وکانت مهامها الخاصة ذات صلة مباشرة بقضية إيران وعلاقاتها بالجماعات الإرهابية.
تستند الشهادة أيضا إلی اقتباسات من مواد منشورة تعد في الولايات المتحدة مصادر جديرة بالثقة، مثل تقرير «لجنة 11-9» الضخم، بالإضافة إلی شهادات وتصريحات عامة لکبار المسؤولين العسکريين الأميرکيين وغيرهم ممن لا غبار علی مصداقيتهم. في الوقت ذاته، ذکر الشاهدان بعض الادعاءات بناء علی عملهما المهني في «سي آي إيه» والذي لا يمکن تأکيده عبر مصادر عامة أخری. لذلک تعد مسألة مصداقيتهما ونزاهتهما بالغة الأهمية.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلی أن القاضي في قضية هافليش قَبِل شهادتهما بصفتهما «خبيرين» ونظرا لأن الحکومة الإيرانية لم تقبل بشرعية المحکمة ورفضت المشارکة في عملية التقاضي، فلا يوجد محام عن المدعی عليهم للطعن في الشهادة.
يقول مصدر قضائي رفيع لـ«الشرق الأوسط» هناک ثلاثة أنماط رئيسية تبرزها هذه الشهادة المهمة:
أولا هو عمق التعاون بين تنظيم القاعدة والحکومة الإيرانية و«حزب الله» – وهو ما يرجع إلی العلاقة المباشرة والشخصية بين قيادات هذه الکيانات الثلاثة – والذي تجلی في العمليات السابقة علی هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وخلال الهجمات نفسها ثم خلال النشاطات الدموية التي أعقبت الهجمات وذلک وفقا لشاهدي الإثبات:
– ساعد «حزب الله» تنظيم القاعدة في عمليات غسل الأموال وتعزيز قدراته المالية عبر تجارة الماس الأفريقية.
– في لحظة تاريخية فارقة وقبل عدة أشهر من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تعاونت المنظمتان معا في اغتيال الزعيم الأفغاني أحمد شاه مسعود، للتخلص من أحد الشخصيات الرئيسية المعارضة للتحالف الحيوي بين بن لادن وحرکة طالبان.
– ومن الواضح أنه، بعد تحقيق «النصر» الکبير في 11 سبتمبر – من وجهة نظر المنفذين – استمر التعاون بين الجمهورية الإسلامية والتنظيم اللبناني التابع لها وبين التنظيمات الأخری وهو ما أسفر في النهاية عن تفجيرات مجمع الرياض في مايو (أيار) 2003 الذي أسفر عن مقتل 38 شخصا وجرح 160.
والنمط الثاني الذي يمکن ملاحظته من الشهادة هو أنه لسنوات طويلة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وبعدها، أظهر الکثير من المسؤولين الأميرکيين علی کافة المستويات الحکومية إدراکا ووعيا بأن تنظيم القاعدة وإيران يتعاونان معا وتحدث بعضهم عن ذلک ليس فقط في الدوائر الخاصة بل في الکثير من المنابر العامة. ويعتقد بعض المسؤولين أن الحکومة الأميرکية إذا استفادت من تلک التحذيرات واتخذت إجراءات محددة، ربما کان بإمکانها تجنب هجمات الحادي عشر من سبتمبر والمآسي التي تلتها کنتاج لهذا التعاون بين إيران وتنظيم القاعدة.
ورغم أن الآلاف من عمليات التنصت علی الهاتف التي قامت بها الاستخبارات، وغيرها من المواد التي توثق التعاون بين إيران و«القاعدة» کانت متاحة للجنة الحادي عشر من سبتمبر، فإنها قدمت للجنة قبل أسابيع محدودة من تقديم التقرير المطول للجنة. ومن ثم أکد الباحثون باللجنة أنهم لم يکن لديهم الوقت الکافي لتضمين الوثائق في نتائج التقرير وناشد الباحثون کل المهتمين بمکافحة الإرهاب الذين سيعملون في المستقبل في هذا المجال بأن يفحصوا کل جزء من هذه الوثائق ويحددوا تبعاتها علی نحو منهجي. ولکن الشهود يزعمون أنه رغم مرور هذه السنوات لم يعمل أحد بتلک التوصية حتی الآن.
قبل عدة سنوات من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، رصد محلل بوکالة استخبارات الدفاع الصلة بين إيران وتنظيم القاعدة مقدرا حجم الخطر الذي تمثله وحاول حث زملائه علی فحص الکيانين الإرهابيين معا وليس کل کيان علی حدة. ولکنه لم ينجح في إقناع المؤسسة التي يعمل بها بأن تتبنی مقاربته التحليلية.
وتظهر کمية الوثائق الداخلية والتصريحات العامة التي أدلی بها بعض کبار المسؤولين الأميرکيين أنهم کانوا يدرکون الصلة بين إيران وتنظيم القاعدة – ولکن من الواضح أن هذا الإدراک لم يؤد إلی إجراء حکومي علی نطاق يوازي حجم الخطر. وتتضمن الوثائق، علی سبيل المثال، برقية لوزارة الخارجية أفرج عنها تذکر العلاقة بين بن لادن وإيران، ومن بين المسؤولين الذين شهدوا علانية بالصلة بين إيران وتنظيم القاعدة کان بورتر غروس، المدير السابق للاستخبارات الأميرکية، وجورج تينيت، المدير السابق للاستخبارات الأميرکية، وکوفر بلاک، المنسق العام لشؤون مکافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميرکية سابقا، واثنان من الدبلوماسيين الذين عملوا کسفراء في القارة الأفريقية من بين آخرين.