أخبار إيرانمقالات

ايران : الانتخاب بين السيء والاسوأ

 

کتابات

17/2/2016


صافي الياسري

الانتخابات الايرانيه ليست عملية مفاضلة ومفاصلة بين الجيد والاجود منه بل هي خيار اجباري بين ما هو سيء وما هو اسوأ اذن کل الطبقة السياسية لنظام ولاية الفقيه هي عبارة عن خطوط سيئة واسوأ منها .
 لذا يقول العارفون انه بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ وهزائم النظام الايراني في سوريا،  ازدادت أزمات النظام يوما بعد يوم واضطر خامنئي مجبرا علی خيارات ترشيح بين السيئين والاسوأ منهم . أي بين زيادة مضاء سيف مجلس صيانة الدستور(1) واقصاء المنافسين الداخليين وقبول تداعياته المحلية والدولية أو جعله غير قاطع ويسمح بالمنافسين المحليين للوصول الی البرلمان ومجلس الخبراء (2) وهذا يعني اضعاف هيمنة خامنئي أکثر من ذي قبل وتوسيع الهوة العميقة وبالتالي اضعاف النظام برمته مما يمهد الطريق لاسقاط النظام بکامله.
ان التطورات التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع الأخيرة تبين أن خامنئي ومجلس صيانة الدستور قد عملا علی اقصاء المزيد من مرشحي تيار رفسنجاني وروحاني من المجلسين بشکل غير مسبوق. وأعلن أفراد الزمرة المسماة بالاصلاحيين أن 30 شخصا فقط من 3000 مرشح تم تأييدهم أي بنسبة واحد بالمئة. کما أن أکثر من 50 بالمئة من الأعضاء الحاليين في البرلمان تم اقصاؤهم أيضا.
الغالبية العظمی من  المحذوفين من الترشيح  لمجلس الخبراء هم من الأفراد غير الموالين لخامنئي. ولم تکن هناک ذريعة لاقصاء رفسنجاني نفسه وتم تأييد ترشيحه . اذ لم يکن بامکانهم التشکيک في أهليته العلمية (کونه عضو حالي في مجلس الخبراء) ولم يکن بامکانهم اقصاؤه بذريعة تعامله مع «الفتنة 2009» (3) لأن خامنئي نفسه بعد عام 2009  کان عينه رئيسا  لمجمع تشخيص مصلحة النظام (4). ولکن من بين المحذوفين کانت قضية اقصاء حسن خميني حفيد خميني ونجل احمد خميني أکثر الموضوعات اثارة للنزاع. وکانت ذريعة اقصائه عدم مشارکته في امتحان الدخول لمجلس الخبراء وکذلک عدم حمله شهادات علمية ضرورية لکسب العضوية في مجلس الخبراء. انه ولطعن هذه الذرائع لديه حجتان:
اولا انه لم يتم ابلاغه بالمشارکة في الامتحانات وثانيا انه يدعي أن درجته العلمية والفقهية أوضح من أن يدخل مضمار الامتحان. فضلا عن أن عددا من رجال الدين من الطراز الأول وبعضهم مقربون للحکومة قد أيدوا مرتبته العلمية، الأمر الذي يزعج خامنئي. وذهب البعض منهم أبعد حيث قالوا ان الأهلية العلمية لحسن خميني اليوم هي أکثر من أهلية خامنئي عندما أصبح  الولي الفقيه بعد موت خميني.
وفي کلمة أدلی بها، حسن خميني اشتکی من رفض أهليته ولم يرافق خامنئي  في زيارة قبر خميني في 31 يناير في ذکری عودة خميني الی ايران مثلما کان معمولا به في السنوات السابقة. ان العلاقة النسبية لحسن خميني بخميني يجعل حذف اسمه صعبا علی خامنئي.
وکانت حدة لهجة رفسنجاني بشأن حذف حسن خميني غير مسبوقة. اذ قال في اليوم الأول من فبراير في مطار مهرآباد «لا يؤيدون أهلية رجل هو أشبه بجده (خميني) ولا يقبلونه» وخاطب رفسنجاني أعضاء مجلس الصيانة الذين ينظرون في أهلية المرشحين لمجلس الخبراء وأکد قائلا: «من أيد أهليتکم؟ مَن سمح لکم بأن تحکموا ومَن وضع منابر مختلفة مثل الاذاعة والتلفزيون وصلاة الجمعة تحت تصرفکم؟ لو لم يکن خميني لما کنتم وما وصلتم الی هذه المکانة. وبفعلکم هذا (حذف حسن خميني)  تکونون عاملتم بيت خميني معاملة سيئة.
وقد أثارت تصريحات رفسنجاني ردود أفعال قوية لدی زمرة خامنئي.
وحذر محمد رضا تويسرکاني ممثل خامنئي في قوات التعبئة (البسيج) ، اکبر هاشمي رفسنجاني وحسن خميني وقال أحذرکما من أنه سيحل بکما ما حل بحسين علي منتظري. (يذکر أن حسين علي منتظري کان خليفة خميني الا أن خميني عزله من منصبه وأقصاه عام 1988 بعدما اعترض علی موجة الاعدامات ضد مجاهدي خلق في السجون).
•وفي ذات السياق فان   حداد عادل وهو من المقربين لخامنئي وردا علی تصريحات رفسنجاني قال «…. خميني کان له حفيد آخر وهو ابن حاج آقا مصطفی وعندما رأی أن أعماله تخالف مصلحة الثورة والنظام، فقد أجبره علی لزوم البيت وحظر عليه أي عمل سياسي…
• مجتبی ذور النور مستشار ممثل الولي الفقيه في قوات الحرس والقائد السابق للواء الامام الصادق قال ردا علی انتقاد رفسنجاني الأخير لمجلس الصيانة « لو  ترک النظام الاسلامي صفة الرأفة ، فانه يتوجب عليه ايداع هؤلاء السادة سجن ايفين عند أبنائهم الذوات.
(في اطار تفاقم الخلافات بين جناح خامنئي ورفسنجاني قام قضاء النظام التابع لخامنئي قبل أشهر بمحاکمة ابن رفسنجاني بتهمة الفساد المالي وحبسه وهو قابع حاليا في سجين ايفين).
• حميد رسايي نائب برلمان النظام من زمرة خامنئي قال «ان اضعاف واهانة مجلس الصيانة هو انحراف. وهذا ما فعله السيد هاشمي رفسنجاني».
 
اما تجمع رجال الدين وتجمع المدرسين وهما تجمعان رئيسيان للملالي التابعين لزمرة خامنئي فقد حذفا اسم رفسنجاني من قائمتيهما لمجلس الخبراء عقب تصريحات الأخير. وکان اسم رفسنجاني في الدورات السابقة يرد في مقدمة  قائمة الجامعتين.
کما تلاحظون أن الأزمة الداخلية للنظام قد تفاقمت وباتت حادة. فمن جهة زادت الضغوط علی خامنئي بشکل غير مسبوق حيث يسلط رفسنجاني السيف علنيا علی رأسه وأصبح حسن خميني فعلا في قطب مخالف لزمرة خامنئي ومن جهة أخری تسعی زمرة خامنئي ابتداءا  من الملالي ومرورا بقوات الحرس وتعبيء لعزل رفسنجاني واقصائه من الساحة.
والآن اذا أعاد خامنئي ومجلس الصيانة حسن خميني الی مضمار الانتخابات، فهذا يعتبر تراجعا کبيرا خضع له خامنئي، الأمر الذي يکلفه غاليا أکثر من قبول ترشيحه في البداية. وعندئذ يدخل حسن خميني مجلس الخبراء عمليا بمثابة بديل لخامئني  وليا فقيها واذا أصر خامنئي علی اقصاء حسن خميني فهذا سيخلق توترا أکثر داخل النظام ويوسع الخلافات والاستقطابات ويجعل الزمرة المنافسة أي رفسنجاني وروحاني مع عنصر جديد يحمل اسم خميني منافسا خطيرا ضد خامنئي. لذلک يمکن الاستنتاج عشية الانتخابات أنه لا شک أن النظام برمته وخامنئي علی الأخص سيخرجان من الانتخابات أکثر هشاشة و ضعفا.
 
ايضاحات:
(1)   مجلس صيانة الدستور : واجب مجلس صيانة الدستور دراسة کل ما يصدره البرلمان من منظر المعايير الاسلامية والدستور وعند عدم مغايرته فان قرار البرلمان يأخذ طابع القانون. هذه المؤسسة لها 12 عضوا يتم انتخابهم لدورة 6 سنوات. کما مجلس الصيانة يشرف علی اجراء الانتخابات وهوالمرجع الرسمي لتفسير الدستور.
(2)   مجلس الخبراء:  تعيين القائد من مهمة مجلس خبراء القيادة حيث يتم انتخاب أعضائه من قبل الناخبين وعدد أعضاء المجلس 84 شخصا.
(3)   القصد من فتنة 2009  هو الانتفاضة الجماهيرية التي خرجت ضد قادة ورموز النظام خاصة خامنئي وجعلت النظام  علی وشک السقوط. جناح خامنئي قال ان مجاهدي خلق وجناح رفسنجاني هما من تسبب  في اثارة هذه الاحتجاجات ومنذ ذلک الوقت عندما يريد اقصاء شخص أو تيار سياسيا  يتهمه بالارتباط بمجاهدي خلق وأحداث عام 2009.
(4)   مجمع تشخيص مصلحة النظام:  هذه المؤسسة أسست من أجل رفع الخلافات بين البرلمان ومجلس الصيانة علی اللوائح القانونية. رئيسه الحالي هو رفسنجاني. ويضم کلا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وفقهاء مجلس الصيانة ورئيس المجلس الأعلی للقضاء.

زر الذهاب إلى الأعلى