مقالات

رجفة الموت في هيکل الولاية .. وصفعة باريس تعمق الصراع

 
صحيفة عاجل
10/2/2016
 
 
بقلم: أمير ماجد
 
 
غداة تسونامي «No2Rouhani» التي عصفت بباريس من کل حدب وصوب، وبعد عودة الملا «الاعتدالي» حسن (فريدون) روحاني من زيارته الاقتصادية «المربحة» بخفي  حنين، تحولت هذه المسرحية إلی مثار جدل بين الزمر والعصابات المتنافسة علی مقاليد الحکم في النظام حيث استغلت زمرة المتشددين المتمثلة في الولي الفقيه هذه الفرصة لتهاجم علی الطرف المقابل وأدعت:
«لماذا أغدقتم الأموال المحررة علی جيوب الغربيين بشراء إيرباص؟ هل مشکلتنا الرئيسية وأولويتنا هي النقص في أسطول طائرات رکاب وإيرباص؟ فماذا عن موضوع الاشتغال وحرمان الشعب وبطالة الشباب؟ وما هدية هذا السفر للاقتصاد الإيراني؟ أنخرج من الرکود؟ وهل يمکن لـ8 ملايين عاطلين عن العمل أن يتفاءلوا بأن قسمًا منهم سيشتغلون غدًا؟ فلماذا خصصتم جزءًا کبيرًا من الأصول المجمدة التي يجب أن تنفق للإنعاش الاقتصادي في البلاد ولإيجاد فرص العمل، إلی شراء إيرباص وبهذا العدد(118)؟ ألا يشبه هذا بمثل عائلة تعاني من البطالة والمرض و…، وأبوها يصرف رأسماله الوحيد لشراء الثريا؟! ما صلة هذه العقود مع «الاقتصاد المقاوم»؟ وألم يکن السفر إلی روما وفرنسا خنجرًا في خاصرة الاقتصاد؟ علی ما يبدو إنکم وبدلا عن ”الإنماء” و”دفع الأهداف الوطنية” ومعالجة أمر الاشتغال في البلد عالجتم موضوع الاشتغال في إيطاليا وفرنسا! ويا تری ألا تکون في الاتفاق النووي فقرة سرية، تقضي بأنه کلما تتحرر أموالنا من أي دولة، فستحدد نفس الدولة ما يجوز لنا شراؤه؟!»
وبالمقابل، أخذت زمرة «الإصلاح» و«الوسطية» المتمثلة في الملا رفسنجاني وکالمعتاد تهتف شعار «معالجة مشاکل الناس» وذرفت دموع التماسيح لحقوق المواطن المصلوبة  في ظل السيطرة التامّة لخامنئي. وأما النية وراء هذه الشعارات القديمة الجديدة لـ«الاصلاحيين» المشارکين في حکم ولاية الفقيه والضالعين في کل جرائم ارتکبه ومأساة سببه منذ الثورة ضد الملکية في إيران، فهي إنفاق مليارات من الدولارات من أموال الشعب لمد جسور لها مع الغرب عامة و«الشيطان الأکبر» علی وجه التحديد، بغطاء «التنمية الوطنية» لتشتري لنفسها ضمانا للبقاء وتستمد قوة لمجابهة الزمرة المتنافسة علی الحکم.
ولکن رغم ذلک، فانه ضرب من الخطأ بل الغباء اذا ما ظننا أو تصورنا أن زيارة روحاني لباريس ومسرحية عقد الصفقات المليارية مع الشرکات الفرنسية کانت خلافا لما أراده الولي الفقيه، ولم يکن بمصادقته ولا بمبارکته أو تأييده وحتی بأمر مباشر منه.. فإن السنوات الأربعين الماضية أثبتت مدی سيطرة الأخير علی کل الشاردة والواردة في البلاد وفي جميع مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. لذلک يمکن القول أن الولي الفقيه کان المتعطش الأصلي والأهم لإجراء هذه المهازل الاقتصادية أمام شاشات تلفزة العالم خاصة بعد ما اجبرته المقاومة الإيرانية ثم المجتمع الدولي علی التخلي عن مشاريعه النووية الواسعة لإنتاج القنبلة، وبعد سلسلة هزائمه واخفاقاته في سوريا واليمن بفضل صمود شعبيهما الأبيين وبدخول التحالف الاسلامي العسکري علی الخط. نعم الولي الفقيه کان وسيظل يحتاج إلی هکذا اوراق(الصفقات التجارية التمثيلية)  لکي يستفيد منها في الداخل الإيراني حيث بات مشهدا يوميا لتساقط عناصر الباسيج والحرس من دائرة مؤيدي النظام نتيجة خيبة أملهم من مستقبل مجهول ولکي يخفي بها کسر شوکته واقتداره الکاذبة في الأذهان والعقول، وللإيهام بأن النظام لم تضعفه العقوبات الاقتصادية فحسب بل استطاع أن يمر بها رافع الرأس وخرج منها أکثر قدرة.
لکن حساسية الظروف الراهنة وفزع خامنئي من اندلاع انتفاضة أخری لربما تقف علی الأبواب _مثل ما وقع عام 2009 أثناء الانتخابات الرئاسية،  دفعته وزمرته إلی أن يجعلوا الزيارة الاقتصادية «المربحة» التي کان يفترض أن تُتعرض کمنعطف اقتصادي حساس ونقطة وحدة لنظام غارق أصلا في بحر من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلی مثار جدل ومنطلق لمزيد من الهجمات علی زمرة «الإصلاح» المتنافسة لتُجبر علی التراجع والصمت والاستسلام.
علی ذلک، فلا شک أن ما لا يهم لأية من الزمرتين المشارکتين في الفاشية الدينية الجاثمة علی مقدرات شعوب إيران والمنطقة، هو الشعب والفقر ومعاناتهم ومستقبلهم. کما وليس مما يشک فيه أن النظام علی موعد مع تسونامي آخر قادم أجلا أم عاجلا، يسمونها البعض «تسونامي العاطلين» وآخرون «تسونامي النساء والشبان» .. وتتعدد الأسماء والنتيجة واحدة، ألا وهي التغيير بيد الشعب الإيراني ومقاومته المتشکلة الصامدة
 * کاتب من طهران
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى