تقارير

ربيع طهران آت.. لا محالة

 
 
المساء العربي
2016/1/25
 
 
 
بقلم: أمير ماجد
 
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء في شباط/ فبراير القادم، تشهد إيران تنافسا حادا بين العصابات والزمر المتخاصمة والمتنافسة علی مقاليد الحکم في البلاد، في التعبير عن خوفهم المتزايد وفزعهم المستمر من انتفاضة لربما تقف لنظامهم الديني بالمرصاد، مما يعيد للأذهان ذکريات الانتفاضة الشعبية العارمة التي اندلعت عام 2009 أثناء مهزلة المناظرة الانتخابية بين مرشحي معسکر التشدد المتمثل في الولي الفقيه من جهة ومعسکر الاصلاح المتمثل في رفسنجاني من الجهة الثانية.
وفي هذا المجال، فقد حذر الولي الفقيه الذي فقد صوابه في دوامة الأزمات الخانقة التي أخذت تتنازل علی سلطنته الموشکة للإنهيار من کل حدب وصوب، عصابات النظام المتخاصمة من خطر العدو الرئيس الذي يقف للفاشية الدينية بالمرصاد ويقول: « هناک البعض مترصدون للقيام بلوي ذراع نظام الجمهورية الاسلامية من خلال عدم اقبال الناخبين علی صناديق الاقتراع أو مقاطعتهم أو احباطهم في المشارکة في الانتخابات».
کما وحذرت اذاعة وتلفزيون النظام ووسائل الاعلام التابعة لخامنيي وکذلک البيادق المنقادة له في مجلس خبراء النظام وصلوات الجمعة من خطر منظمة مجاهدي خلق ويعيدون ذکريات المواجهة بين الاستبداد الديني وبين المجاهدين في الانتخابات البرلمانية الأولی بعد سرقة الخميني لحصيلة الثورة ضد الملکية في إيران.
 
وبدوره حذر وزير داخلية الملا روحاني الذي لم يخف فزعه من مستقبل النظام المجهول، الزمر المتنافسة من «أن ظروف إيران الراهنة مستعدة لتغييرات عظيمة جدا مثل الانتفاضات العارمة التي اندلعت عام 2009».
والحرسي جعفري قائد قوات الحرس الثوري للنظام الإيراني، هو الآخر الذي جدد تألم نظام الملالي من إنتفاضة عام 2009 واعترف بصريح العبارة: «إن فتنة عام 2009 للثورة الاسلامية کانت أخطر من الحرب التي طالت ثمان سنوات وکان هدفها ازاحة وإضعاف الثورة. أما هذه الفتنة کانت تنوي أن تستهدف قلب الثورة».
وبعده جاءت تصريحات رحماني فضلي وزير الداخلية للملا روحاني ليؤکد بدوره في جلسة مجلس التنسيق لمخابرات النظام أنه «لا يجب أن نکون غافلين ونقول جاوزنا فتنة عام 2009 أنها کانت حادثة مرة، اذا استطاع العدو فيقوم بخلق مثل هذه الاحداث ثانية…أن وضع المنطقة غير مستقر ومتغير، ويشکل هذا الموضوع تغييرات حيث تستطيع ان توثر علی بعض مجالاتنا الداخلية».
لذلک فعلی کل متابع للمشهد الإيراني أن يحاول الإجابة علی سؤال غاية في الأهمية في هذه المرحلة الحساسة من عمر النظام الحکم الديني القائم في إيران وهو: هل بامکان الملالي في ظروف باتوا فيها محاطين بازمات داخلية ودولية خانقة، من مجابهة إنتفاضة أخری کـ إنتفاضة عام 2009 لربما تقف لسلطتهم بالمرصاد؟
وللإجابة علی هذا السؤال فيجب ألا يسقط من حساباتنا النقاط التالية:
• عام 2009 کان الولي الفقيه يمتلک شيئا من الشوکة والهيبة وکان يخفي وراء شعارات براقة منها الحرب ضد الشيطان الأکبر وخلف مشاريعه النووية لکن کسرت شوکته بعد ما اجبره المقاومة الإيرانية ثم العالم علی الدخول في الاتفاق النووي مع الشيطان الأکبر وتجرع کأس السم النووي.
• عام 2009 کانت الشعوب الإيرانية هي وحدها في الانتفاضة وکانت الانتفاضة منسية في الأذهان والکتب والاعلام وحتی في القواميس لکن 2016 مسرح لانتفاضة الکثير من الشعوب رفعت صوتها ضد نظام الولي الفقيه وارهابه وفساده وتدخلاته في المنطقة برمتها.
• عام 2009 لم يکن العالم يشهد تحالفا قويا فاعلا وقادرا علی التغيير في التوازن الاقليمي لکن 2016 شاهد لتحالف اقليمي وعسکري قوي بعيدا عن تدخلات إدارة أوباما الضعيفة لمجابهة السياسات التوسعية والمخربة للنظام الإيراني في العالم العربي والاسلامي والخليج.
• عام 2009 کان حسن نصر الله يصول ويجول هنا وهناک في لبنان وايران وسوريا لکن اليوم اخذ حزبه حزب الشيطان يلفظ انفاسه الأخيرة ولم تبق له شيئ من الطاقة والعزيمة والمال وذلک بفضل صمود الشعب السوري ووقفة العرب الحازمة تجاهه.
• عام 2009 کان النظام يفر من الأزمات في الداخل بالمزيد من التدخل العسکري وتصدير للأزمة في الخارج و ذلک من خلال کبير قياديه وفي مقدمتهم الحرسي قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس الإرهابي لکن 2016 لم يبق من عساکره وکبير قياديه سوی اسماء کاتبات علی مقابر هنا وهناک او جثث مطروحات في هذا أو ذاک مستشفی في إيران، إن لم يکونوا قد فروا من الجبهات في الخفی.
وفي تقييمنا هذا يجدر بالذکر أن الظروف في هذه الايام تختلف عن سابقاتها تماماً. فإن الافلاس الاقتصادي سيما إنخفاض سعر النفط المستمر، وضع الملالي في مأزق لايتمکنون من إنجاز عمل حتی برفع العقوبات، وتمنح هذه الوضعية فرصة أکثر للانتفاضة والاحتجاج، بحيث اعترف الحرسي حسين ذوالفقاري مساعد وزير الداخلية في شؤون الأمن يوم الخميس 21 کانون الثاني في جلسة المحافظين والقائممقاميات للنظام في طهران بإتساع الاحتجاجات الاجتماعية في المجتمع، إحتجاجات يلعب في معظمها الشباب وسيما الطلاب دوراً هاماً.
وأخيرا وليس آخر وقبل أن نأتي بالإجابة علی هذا السؤال لنلقي نظرة الی إجابة الملا أحمد خاتمي ممثل الولي الفقيه في صلاة الجمعة في طهران بهذا السؤال حيث اکد بصريح العبارة : «عندما تلطخت الأجواء بالغبار تتهيأ الأجواء للفتنة (الانتفاضة-م) وعندئذ من يريد أن يتدارک الفتنة»
يبدو أن الملالي يخافون بشدة من إنتفاضة تقف علی الابواب، إنتفاضة أکثر توسعا وشمولا وحدة مما اندلع عام 2009، .. إنتفاضة لا قدرة لحکمهم أن يتصدی لها.. .
زر الذهاب إلى الأعلى