أخبار إيرانمقالات

هل روحاني مختلف عن خامنئي؟

 
 
الشرق الاوسط
19/1/2016
 
 من يعرف حقيقة نظام ولاية الفقيه الحاکم في إيران يدرک أن التفاؤل ليس في محلّه لأن صانع القرار في هذا النظام هو خامنئي الزعيم والولي الفقيه، والرئيس لا يتجاوز دوره في هذا النظام أکثر من مجرد موظف ومنسق أعمال الوزراء لأن جميع الصلاحيات وأدوات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مرکزة في يد الولي الفقيه وتعمل تحت إشرافه المباشر.
وفيما يتعلق بالمشروع النووي والمفاوضات النووية أيضًا کان خامنئي المقرّر وروحاني ومجموعته لم يکونوا أکثر من منفّذين. کما أن المعلومات الدقيقة تقول إن العقوبات الاقتصادية المفروضة علی إيران بفعل القرارات الدولية بدأت تؤتي ثمارها وحکام إيران کانوا علی خوف جاد من تحويل هذه الضغوطات الاقتصادية إلی مشاکل سياسية وإلی احتجاجات وانتفاضات شعبية؛ وهذا العامل کان وراء القرار لدخول المفاوضات النووية ومن ثم الاتفاق النووي.
إذن نترک هذا النقاش جانبا وندخل المعترک الحقيقي في هذا المجال. النظام الحاکم في إيران لا يعترف بالحدود الجغرافية ومنذ أن تسلّم السلطة في إيران وضع في صلب سياسته تصدير «ثورته» إلی مختلف الدول بدءًا من العراق ومن ثم إلی لبنان والکويت والبحرين والسعودية وبعدها إلی بلدي الجزائر وتونس ومصر وغيرها من الدول. هذه السياسة تحوّلت إلی موادّ الدستور الإيراني أيضًا، لأن الدستور مبني علی مبدأ ولاية الفقيه التي تعني التدخل في الدول الأخری. وحدث لي أن حصلت علی وثيقة مفادها أن اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات نفّذت بأمر وبتخطيط النظام الإيراني، وأول من تسلّم التقرير من المجموعة المنفّذة کان خامنئي الولي الفقيه الحالي!
قبل وصول خميني والملالي إلی السلطة في إيران کانت هناک بعض النشاطات للجماعات الإسلامية المتطرفة وبعض العمليات الإرهابية المنعزلة أيضًا، لکن وصول النظام الجديد إلی الحکم في إيران کان منعطفًا رئيسيًا في هذا المجال حيث بدأت بعده الاتصالات وتوجيه الدعوات إلی المتطرفين من البلدان العربية والإسلامية وعقد مؤتمرات لهم في طهران برعاية الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية.
وبعد أزمة الکويت والإخلال بالتوازن الاستراتيجي في منطقة الخليج تعاظم دور النظام الإيراني في مجال تصدير الإرهاب والتطرف إلی الدول الأخری. لکن المنعطف کان سقوط النظام السابق في العراق وتقديم العراق علی طبق من ذهب من قبل الأميرکيين إلی نظام الملالي. منذ ذلک الوقت أخذت خطة تصدير الثورة صورة الهيمنة علی سياسات الدول، وبدأ نظام الملالي تطبيق التجربة العراقية في لبنان وبعد ذلک في سوريا وأخيرًا في اليمن.
ولدي تجربة شخصيـة في هذا المجال حيث شاهدت عندما کنت في سدة الحکم أن هؤلاء کانوا يتدخلون في شؤون بلدي دون خجل. کانت علاقاتهم بالعابثين بأمن بلدي جيدة يؤمنون لهم مظلّة سياسية ويمدّونهم بالمال والتدريب. وعندما بلغ السيل الزبی قمنا بقطع علاقاتنا معهم. وجاءت هذه الممارسات ضدنا بالرغم من أننا بذلنا کل مساعينا لتقديم الخدمات لهم وقمنا بالتوسّط بينهم وبين الأميرکيين في أزمة الرهائن.
معنی ذلک أن هذا النظام من ديدنه وطبيعته التدخل في الدول الأخری، ويعمل بکل ما لديه من إمکانيات وأموال وعلاقات دبلوماسية وغيرها من أجل تجنيد المتطرفين في مختلف الدول. علاوة علی ذلک، خلق النظام الإيراني بيئة خصبة لتنامي هذه الظاهرة في جميع الدول. وفي هذه البيئة ترعرعت وتعاظمت جماعات من أمثال «القاعدة» و«داعش» وغيرهما. حتی إذا لم تکن لدينا معلومات عن العلاقات الوطيدة بين المخابرات الإيرانية وهذه الحرکات فلا شک أنه لو لم تکن ظاهرة التطرف متفشّية بفعل النظام الإيراني في الدول العربية والإسلامية لم تستطع هذه الجماعات من التفريخ في هذه الدول.
کان النظام الإيراني بشکل آخر أيضًا السبب في استفحال ظاهرة «الإرهاب السني»، إذا صح التعبير، في العراق وسوريا، وذلک من خلال فرض القمع المطلق علی أهل السنة في هذين البلدين من قبل نظامين تابعين لولاية الفقيه، حکومة نوري المالکي والميليشيات الشيعية في العراق وحکم بشار الأسد في سوريا.
وفيما يتعلق بدور روحاني في هذه المسارات فهو کان منذ اليوم الأول من حکم الملالي أحد أرکان هذا النظام، حيث کان لمدة 16 عامًا سکرتير المجلس الأعلی لأمن النظام الذي يعدّ أعلی جهاز في اتخاذ القرارات السياسية والعسکرية والأمنية في البلاد. إذن إنه کان من صانعي القرارات في القمع والإعدامات في الداخل الإيراني وفي تصدير الإرهاب والتطرف إلی الخارج. وفي الوقت نفسه کان ممثل خامنئي أيضًا في هذا المجلس. روحاني ليس له دور في نظام ولاية الفقيه سوی محاولة تجميل صورة هذا النظام في الخارج وهنا نصل إلی بيت القصيد. واسمحوا لي أن أحذّر الدول الغربية وبشکل خاص فرنسا من أن روحاني لا يمکن أن يتنازل خلال المفاوضات مع الحکومة الفرنسية عن الأسس التي بني عليها نظام ولاية الفقيه بل يحاول تسويق هذه الأسس لتصبح مقبولة لهم.
 رئيس وزراء الجزائر الأسبق – رئيس اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن سکان أشرف
 
زر الذهاب إلى الأعلى