تقارير

معارضون إيرانيون: طهران استخدمت «الهلال الأحمر» لنقل 50 طنًا من الأسلحة للحوثيين

 

 

شاهين قبادي لـ {الشرق الأوسط} : جری إرسالها إلی صنعاء الشهر الماضي عبر مطار مهرباد

 

 

الشرق الاوسط
12/10/2016

 

 

 

القاهرة: عبد الستار حتيتة

 

 

قال معارضون إيرانيون لـ«الشرق الأوسط» أمس إن طهران أرسلت عشرات الأطنان من الأسلحة للحوثيين. وکشف شاهين قبادي، أحد قادة المعارضة، عن أن تقريرا أمنيا أعده مناهضون لنظام الحکم في إيران من الداخل، تناول النشاط الإيراني في اليمن، ومن بين المعلومات التي تضمنها التقرير قيام «(قوة قدس) الإرهابية بنقل 50 طنا من المساعدات التسليحية واللوجيستية إلی الحوثيين، من مطار مهرباد القريب من مطار طهران إلی صنعاء الشهر الماضي، تحت غطاء مساعدات من الهلال الأحمر (الإيراني)».
ويعيش غالبية قادة المعارضة الإيرانية إما في المنفی خارج البلاد، أو تحت الإقامة الجبرية في الداخل الإيراني. وبسبب صعوبة التواصل فيما بينهم، قام عدد من هؤلاء المعارضين، الليلة قبل الماضية، بعقد مؤتمر صحافي عبر الإنترنت قدمت فيه «الشرق الأوسط» عددا من الأسئلة بخصوص مستقبل العمليات شبه العسکرية التي تقوم بها السلطات الإيرانية في دول عربية علی رأسها اليمن، بالإضافة إلی العراق وسوريا.
وأجاب السيد قبادي، وهو معارض إيراني يشغل عضوية ما يعرف بـ«لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والناطق الإعلامي للمجلس»، بقوله إن «إيران بالتأکيد لا تملک القدرة علی خوض حروب في کل هذه البلدان». وأضاف: «إذا تحالف العرب بشکل قوي، فإن حکام طهران سوف يضطرون للتراجع عما يقومون به، خاصة في اليمن».
وتطرق المتحدثون في المؤتمر إلی علاقة إيران بتصدير التطرف من خلال التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وأن هذا الأمر «من رکائز حکم الملالي (رجال الدين في إيران)، وأحد مقوماته الاستراتيجية للبقاء»، رغم أن المحطة الأساسية والغاية الرئيسية لهذا التوجه کانت الاستيلاء علی العراق. وذکر أحد قادة المعارضة أنه «علی الرغم من أن أي دولة من دول المنطقة لم تکن بمنأی عن تدخلات النظام الإيراني وتحرشاته، فإن هذه السياسة اتبعت بصورة مشددة طيلة السنوات الأخيرة من قبل حکام طهران في لبنان وسوريا وبعد ذلک في اليمن».
وتطرق المؤتمر الصحافي إلی الخلفية التاريخية التي کانت وراء اتجاه إيران إلی العمل في اليمن.. «في ما يتعلق باليمن، فإن حکام طهران بعدما تکبدوا الهزيمة في الحرب العراقية – الإيرانية، وبعد استفادتهم من تجربتهم في تشکيل حزب الله اللبناني، قرروا تنظيم جماعة أخری عميلة لهم تکون في اليمن.. وذلک بالنظر إلی النسيج الاجتماعي المذهبي لليمن، لتکون هذه الجماعة منصة انطلاق لهذا التوجه، ومن أجل التمدد بعد ذلک والهيمنة علی السلطة في اليمن».
وتضمنت کلمات الإيرانيين المعارضين في المؤتمر الصحافي القول بأن نظام الحکم في طهران وجد أن «طائفة الحوثيين مرشحا مناسبا لهذا المشروع، وعليه باشر نظام طهران توظيفهم. ولهذا قام منذ عام 1991 بتجنيد حسين الحوثي، الشقيق الأکبر لعبد الملک الحوثي، الزعيم الحالي للمتمردين، وتم تشکيل جماعة (أنصار الله) باليمن علی غرار حزب الله اللبناني».
وکشف عدد من المعارضين الإيرانيين عما قالوا إنها تقارير رسمية تمکنوا من الحصول عليها من داخل نظام طهران. ويشير أحد هذه التقارير الخاصة بهيئة الثقافة والاتصالات الإسلامية بإيران، الذي يعود تاريخه إلی ديسمبر (کانون الأول) عام 2010، إلی أن «بدر الدين الحوثي، وابنيه حسين وعبد الملک الحوثي، کانوا، ثلاثتهم، قد أقاموا فترة من الزمن في إيران وفي مدينة قم تحديدا. وعبد الملک أمضی في إيران أکثر من عام».
ولفت التقرير المشار إليه إلی أن أعدادا کبيرة من جماعة الحوثيين دخلت دورات تدريبية في «جامعة المصطفی» بمدينة قم.. «کما قام نظام الحکم الإيراني بتوثيق علاقة قريبة ومباشرة بين الحوثيين وحزب الله اللبناني؛ حيث تدربت عناصر من الحوثيين في وادي البقاع اللبناني، وبعض آخر منهم تدرب في العراق علی يد (قوة قدس) الإرهابية، غير أن نظام طهران، ومع اندلاع الثورة اليمنية في عام 2011، انهمک في تعزيز قدرات الحوثيين بالسلاح والمعونات، من أجل توسيع رقعة نفوذهم ثم تدريب قواتهم داخل اليمن».
وعکس جانب من التقرير، وفقا للمصادر الإيرانية المعارضة، تقديرات نظام طهران لليمن بصفته منطقة استراتيجية يمکنها، بعد السيطرة عليها، قلب موازين القوة بالمنطقة «لأن اليمن لديه ما يقارب ألفي کيلومتر علی الحدود مع المملکة العربية السعودية، وبإمکان النظام الإيراني، إذا أخضع اليمن للحوثيين، زعزعة أمن هذا البلد وسائر دول الخليج العربية، من جهة، ومن جهة أخری، يفرض سيطرته علی باب المندب باعتباره موقعا استراتيجيا علی المياه الإقليمية بالمنطقة». وأضاف: «لذلک خصص النظام الإيراني طاقات هائلة للساحة اليمنية».
وتعد رتبة «لواء» هي الأعلی في قيادة قوات الحرس الثوري الإيراني، ولا يحملها إلا عدد قليل، بينما يجري التعويل في العمل بالمنطقة علی قادة يحملون رتبة عميد أو أقل. وتقول المعلومات الواردة من داخل النظام الإيراني ومن قوات الحرس الثوري، وفقا لمصادر المعارضة، إن «المسؤول المشرف علی الملف اليمني داخل النظام الإيراني هو قوة (فيلق القدس) التابع للحرس الثوري، حيث تشرف قيادة الحرس الثوري علی جميع المخططات العسکرية والتعبوية للحوثيين». وتضيف أن «عددا من قادة (فيلق القدس) في السلم القيادي، الذي يبدأ من رتبة العميد فما تحت، يقومون بتدريب الحوثيين في اليمن، ويتولون عملية التنظيم والقيادة لقوات الحوثيين».
وتفيد آخر المعلومات الواردة من داخل النظام الإيراني، وفقا للمصادر، أنه، و«نظرا لأهمية الموقف في اليمن وتطورات الأيام الأخيرة، جری تشکل غرف عمليات لمتابعة أحداث اليمن في مختلف أجهزة نظام طهران، کقوات الحرس الثوري، والمجلس الأعلی لأمن النظام.. ويتولی بعض من هذه الغرف متابعة الجوانب السياسية والاستراتيجية والتعبوية للموقف، وبعضها الآخر يتابع الجوانب اللوجيستية وغيرها».
وبحسب المصادر، فإن غرفة العمليات التي تخص المجلس الأعلی للأمن القومي لنظام طهران، بخصوص الوضع في اليمن، تدار بإشراف اللواء في الحرس الثوري، علي شمخاني، الذي يشغل أيضا منصب أمين عام المجلس الأعلی لأمن النظام. وتضيف: «کما يتولی شخص اسمه (نيلي) القضايا التنفيذية والتنسيقات الإدارية. وهذه الغرفة تقوم بالتنسيق، وبصورة نشطة، مع مکتب قاسم سليماني قائد (فيلق القدس)».
وجرت مناقشة ملف اليمن في أعلی هرم النظام الإيراني عقب انطلاق «عاصفة الحزم». وتفيد المصادر بهذا الشأن إلی أن المجلس الأعلی للأمن القومي في طهران «عقد اجتماعين في 26 و28 من الشهر الماضي لمناقشة ملف اليمن، بالتزامن مع عقد غرفة عمليات وزارة الصحة اجتماعا يوم 26 من الشهر نفسه بحضور حسن هاشمي، وزير الصحة والعلاج في إيران، لتقديم الأدوية والخدمات الطبية للحوثيين في اليمن»، و«في الشهر نفسه جری استغلال الهلال الأحمر (الإيراني) في توصيل أطنان من الأسلحة للحوثيين».
وتضمنت إفادات المعارضة الإيرانية ما قالت إنها «معلومات جاءت في إحدی الکراسات الداخلية لقوة (فيلق القدس)، بأن ما يحدث في اليمن هو ثورة تشبه الثورة الإسلامية في إيران، وأن (أنصار الله) قوة سياسية ودينية تؤمن بقيادة المرشد الإيراني، وأن بدر الدين الحوثي والد عبد الملک الحوثي (القائد الحالي للحوثيين) کان قد بايع المرشد السابق الخميني، کما بايع عبد الملک المرشد الحالي خامنئي. وقبل الحوثيون بخامنئي مرشدا لهم».
من جانبه، قال السيد قبادي إن المعارضة الإيرانية حذرت مرارا وتکرارا من أن تدخلات النظام في العراق وفي المنطقة، خاصة اليمن، هي «الخطر الأکبر بمائة مرة من مشاريعه النووية». أما في ما يتعلق بالطريقة التي أصبح ينظر بها نظام طهران للتطورات في اليمن بعد التقدم الذي أصبحت تحرزه عملية «عاصفة الحزم»، فتقول المعلومات إن «طهران فوجئت برد الفعل الذي أبدته دول المنطقة، ووجدت نفسها الجهة الخاسرة في المعادلة الإقليمية». وتضيف أن «نظام طهران وجد نفسه قد وقع في الفخ.. هذه الحالة تظهر في الردود المرتبکة التي أبداها رموز النظام، خاصة المرشد خامنئي نفسه».

زر الذهاب إلى الأعلى