أخبار إيرانمقالات

الملالي يزرعون الرياح ويحصدون العاصفة

 

 

الهجوم علی سفارة العربية السعودية في طهران واضرام النار فيها علی أيدي عناصر النظام
 «أدان مجلس الأمن الدولي الهجوم علی السفارة السعودية فما کانت السفارة الايرانية في دول مختلفة قد تعرضت لهجمات مختلفة في السنوات الماضية» (تلفزيون النظام 5 کانون الثاني/ يناير2016).
وقال السفير السابق للنظام في فرنسا خرازي «ترون عملا منظما. ما ان وقع هذا الحادث حتی قطعت العربية السعودية علاقاتها مع ايران وأعقبتها البحرين ثم السودان والأحداث التي تلاحظونها هي متسقة تماما.
مذيع تلفزيون النظام: طبعا لا يتوقع من جيبوتي والسودان توقعا أکثر من ذلک.
خرازي: نعم.ولکن هکذا شحن الأجواء والقاء الداء علی الغير هو عمل مدروس تماما »(تلفزيون النظام 4 کانون الثاني/ يناير 2016).
بينما قبل أقل من 48 ساعة کانت وسائل الاعلام للنظام مليئة بالصخب الاعلامي علی عکس هذه التأوهات والتوجعات بنسبة 180 درجة.
وقال «المتحدث باسم وزارة الخارجية: العربية السعودية ستدفع ثمنا کبيرا» (صحيفة رسالة الناطقة باسم زمرة مؤتلفة 3 کانون الثاني/ يناير).
«وزارة الخارجية تستدعي القائم بأعمال الرياض : العربية السعودية ستدفع ثمنا کبيرا» (صحيفة اعتماد الحکومية 3 کانون الثاني/ يناير 2016).
خامنئي: «يد الانتقام الالهي ستنال السياسيين السعوديين» (صحيفة ابتکار الحکومية 3 کانون الثاني/ يناير 2016).
أحد عناصر زمرة رفسنجاني «العمل السعودي لن يبقی دون رد. ايران ستکون لها وحدة استراتيجية» (صحيفة آفتاب يزد الحکومية3 کانون الثاني / يناير2016).
هذا التقلب بنسبة 180 درجة من التوعد بالويل والثبور الی التوجع والتأوه وابداء الذعر، هو نتيجة تحول الموجة الی العاصفة والانعکاس علی النظام نفسه. تلک الموجة التي أراد بها النظام أن يحولها الی أزمة لکي يرفع بها معنويات الساقطين داخل وخارج النظام ولکن موجة الأزمة قد تحولت الی عاصفة اجتاحت النظام برمته ولکن کيف؟
وکالة أنباء ايسنا الحکومية أعطت جواب هذا السؤال في تقرير تحت عنوان «تسجيل هدف علی مرمانا من قبل العفويين» وعلی الشکل التالي «تسببت الهجمات (علی السفارة والقنصلية السعودية) في أن ترمی الکرة من الملعب السعودي الی الملعب الايراني بعد تسجيل في مرمانا من قبل بعض اللاعبين في أرضنا. وتصدرت أخبار الوکالات في اليوم الماضي ليس اعدام الشيخ نمر وانما الهجوم علی السفارة السعودية في طهران… بينما في الوقت الحاضر علی طهران وبدلا من ادانة العربية السعودية أن تحاسب علی تعامل مواطنيها مع سفارة أجنبية» (وکالة أنباء ايسنا الحکومية 3 کانون الثاني/ يناير 2016).
السؤال المطروح هو لماذا باشر النظام هکذا عمل يصفه المفسرون الأجانب وحتی بعض الوسائل الاخبارية وعناصر حکومية للنظام بأنه عمل أرعن. فهل کان ناجما عن خطأ في الحسابات؟ أم أنه کان علی وعي من العواقب؟
ولکن ما يتم الاستيعاب من تخبط قادة الزمرتين هو أنهم لم يکونوا يتوقعون هکذا ردود أفعال شديدة. واعترف آصفي الناطق السابق لوزارة خارجية النظام بهذا التخبط وقال «لم يکن يتوقع أحد هکذا سرعة فائقة في قطع العلاقات».
وأعقبت هذه المباغتة مختلف التصريحات والکلمات لابداء غلطتهم علی لسان قادة النظام ووسائل الاعلام الحکومية. حيث جاءت عبارات «عمل مشبوه» و «غير مقبول» لوصف الاعتداء علی السفارة والی اطلاق وعود بـ «النظر السريع للقضاء» و «معاقبة العاملين» والتأکيد علی أن الهجوم «لم يتم من قبل العناصر المؤمنة والحزب اللهية». کما أرسلت وزارة الخارجية للنظام رسالة رسمية الی مجلس الأمن الدولي أعلنت فيها عن اعتذارها لما حدث في السفارة وأعطت وعدا «بأن النظام لن يعود يکرر هکذا هجمات علی البعثات الدبلوماسية».  (العربية 5 کانون الثاني) ولکن يبدو أنه لم يعد يبق مجالا للمخادعة  وأعمال الدجل لأن التدخلات الارهابية علی مدی سنوات واثارة الحروب قد أوصلت دول  المنطقة الی اتخاذ قرار لاستئصال شآفة النظام دفاعا عن أنفسهم. وقال مندوب العربية السعودية في الأمم المتحدة ردا علی اعتذار النظام: «انه لايريد الاعتذار من النظام الايراني بل يريد الالتزام بالاتفاقيات الدولية وعدم التدخل في شؤون سائر الدول وليس في الکلام بل في العمل».
کما أکد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مقابلة «علی النظام الايراني أن يحسم وضعه هل هو دولة أم عامل تصدير الثورة (واثاره الحروب) لا نسمح للنظام الايراني بزعزعة الأمن في منطقتنا».
ان الرياح التي زرعها نظام ولاية الفقيه قد تحولت الی عاصفة الآن راحت تجتاح النظام. وحسب ما طلبته العربية السعودية علی رأس التحالف العسکري الاسلامي فعلی النظام الايراني اما أن يتخلي عن تدخلاته الارهابية وتأجيج الحروب في المنطقة واما أن يواجه عواقب ذلک. أي بعد تجرع کأس السم النووي الذي سکب في حلقوم الولاية بهدف ابعاد شبح الحرب عن النظام حسب قول رفسنجاني، ها هو خامنئي ونظامه يواجهان الآن خطر آخر وهو الأکبر مما يتطلب تجنبه فقط تجرع کأس سم آخر لوقف تدخلاته في المنطقة. فهل يستطيع خامنئي الغارق في الأزمات الشاملة ويزداد خناق الأزمات والعقوبات علی عنقه وهو فاقد القاعدة الاجتماعية ورکيزة داخلية وخارجية هل يستطيع أن يتخلی عن «العمق الستراتيجي» ويتجرع کأس سم فيما يخص المنطقة؟ ويبدو أن الملالي وبعد رضوخهم بمذلة «الاتفاق النووي» لم يتخلصوا من الرمضاء حتی وقعوا في النار.

زر الذهاب إلى الأعلى