تقارير

تداول العملة القذرة خلال دورة الإنتخابات

 

 

لأول مرة، تم طرح موضوع دور العملة القذرة أي ما ينتج من الفساد والإختلاس وتهريب مختلف السلع منها المخدرات في مهزلة الإنتخابات وفي هيکلية السلطة في النظام، خلال صراعات زمر النظام أوائل سنة 2015 بشکل رسمي وعلني من قبل رحماني فضلي وزير الداخلية لکابينة روحاني وأثار شغبا کبيرا.
باقتراب موعد الإنتخابات، تجدد تناقل أنباء حول العملة الوسخة وصرف المليارات للوصول إلی کراسي البرلمان وبيع وشراء الأصوات حيث تکشف زمر النظام عن تورط بعضها في الأمر فيما صرّح بالموضوع مجددا رحماني فضلي وزير داخلية روحاني خلال مقابلة متلفزة وطبعا بحذر أکثر بالنسبة للعام المنصرم، وسأله في البداية مقدم البرنامج: ”هناک کلام عن مبالغ هائلة تدخل موضوع الإنتخابات علی سبيل المثال، في حالة واحدة، بلغت تکلفة إنتخابية لمرشح في مرکزه الإنتخابي ملياري تومان والسؤال مطروح أنه کم رواتب نائب برلماني خلال 4 سنوات بينما ينفق الآن ملياري تومان لکرسي في البرلمان؟ وهل من يصرف هکذا مال طائل، يذهب إلی البرلمان لخدمة الناس حقيقة؟!” ( التلفزيون الحکومي 19 کانون الأول 2015)
فرد رحماني فضلي: ” هذا صحيح، إننا نعاني فراغا قانونيا في هذا المجال. حسب القانون، يعد بيع وشراء الصوت أو التهديد والإغراء من ضمن الخلافات المالية وإن قسما من الإغراء من شأنه أن يکون مالا”.
من الواضح أن هؤلاء الأشخاص والمرشحين لاينفقون هذا الحد من الأموال من أجل رواتب نيابية إذ إنهم قادرون في البرلمان علی إقرار قوانين تؤمن مصالح السرّاق وتدر مليارات من الأرباح إلی جيوبهم کما إنه من الواضح أن نائبا واحدا أو عدة منهم لا يتمکنون من لعب هذا الدور ولکنهم من شأنهم أن يکونوا أعضاء لشبکة مکونة من عشرات النواب لتمرير مخططاتهم إلا أن بعد ما قام به رحماني فضلي السنة الماضية من فضح وما ثار علی خلفيته من هوشة يطرح السؤال أنه هل عشية الإنتخابات المقبلة قد تم تقليل هذه الحالات لبيع وشراء أصوات وصرف مبالغ طائلة إنتخابية؟ أم کما جزم به مقدم التلفزيون أنه تصاعد دور المال للإنتخابات القادمة وکما أکده خباز محافظ طهران: ”هناک مرشحون يوزعون سلّة نقل البضائع!”.
وعدّ رحماني ارتفاع تکاليف مليارية للمرشحين ”طبيعية” ويضيف أن: ”علی کل، قد صعدت التکاليف، صعد سعر إيجار المکاتب، البانزين صار ألف تومان لترا واحدا، الصحف زادت من سعر الإعلان، غلت الأوراق وحتی وجبة طعام وإذا أرادوا تقديم لفّة فيتحملون نفقات کثيرة وبات المال علی جانب عظيم من الأهمية”.
وطبعا، هذا کان متوقعا من وزير داخلية روحاني لوصفه صرف المليارات وإعطاء الغداء والعشاء إلی الناخبين بـ العادية والطبيعية!
ورحماني نفسه، فضح فيما بعد جوانب أخری من الفساد خلال المزيد من تصريحاته المنشورة في صحيفة شرق التابعة لزمرة رفسنجاني روحاني قائلا: ”هناک البعض يتفکر في التوغل في مؤسسة کالبرلمان لأنه أولا سيحظی بنوع من الحصانة وثانيا يتمکنون من إغلاق طرق ملاحقة ملفاتهم أثناء إقرار القوانين عبر مشاريع خلابة نافعة ظاهريا. إن موضوع کيفية خوضهم الإنتخابات أو التأثير عليها ليس شيئا خفيا. الذين هم ،بدون خلفية تذکر، حصلوا علی ثروات تزيد عن 50 مليارا لايتجاوز عددهم ألف شخص في کل البلاد وغالبيتهم جنوا هذه الثروات خلال السنتين الأخيرتين للدورة الثانية لحکومة السيد أحمدي نجاد. إني أصرح بأنه من الممکن شراء الأصوات والتوغل في البرلمان” (وکالة ايسنا 31 کانون الأول 2015)
ولکن الفساد لايخص هذه الحکومة أو تلک أو حکومة أحمدي نجاد وغيره والفساد يمثل طبيعة وديدن استبداد ولاية الفقيه الفاسد والمطلق والجدير بالتنويه أنه قبل فترة، تم طرح مشروع في البرلمان لتسليط الضوء علي موضوع التکاليف الباهظة المصروفة من قبل المرشحين إلا أن أصحاب البرلمان قللوا بذرائع مختلفة من فورية المشروع ولم ير المشروع نورا بعد وغيرواضح أن البرلمان الحالي يجد فرصة للبحث فيه وفضلا عن ذلک، من البديهي أن المشکلة لا تکمن في عدم وجود القوانين.
وخلال مباحثات إقرار المشروع فضحت جوانب أخری من الفساد المالي المرتبط بالإنتخابات من قبل أعضاء البرلمان حيث أکد محمد قسيم عثماني أحد النواب 23 تشرين الثاني قائلا: ”إن العملات القذرة العائدة للتيار المنحرف الحالي يتم صرفها قناطير مقنطرة منذ أشهر في مختلف المناطق من أجل انتخاب عناصر خاصة وإن البعض بمبالغ کبيرة يسعون للإستيلاء علی البرلمان القادم …نفس المبالغ التي صرفها رحيمي في الدورة الفائتة للإنتخابات وهو المساعد الأول للرئيس السابق وحاليا يقبع في سجن إيفين وثم لم يتبين مصير الأموال فإلی من دُفعت وأين صُرفت”.
وأعلن محمد علي بور في نفس الجلسة وهونائب آخر في البرلمان أن ”يبدو أننا بهذا المشروع ليس لانتقدم خطوة لتسليط الضوء علی التکاليف المصروفة إنتخابيا وإنما نبني منذ الآن بنی تحتية للتشکيک في الإنتخابات السابقة وربما الغش وصرف التکاليف الإنتخابية بالأموال القذرة في الإنتخابات الآتية ولماذا لم يتعاملوا في الماضي مع هذه الحالات إن کانت؟”
ولکن الأمر ليس موضوع القانون أو النقص فيه، وإنما القوانين في الحکم المافياوي للملالي الحاکمين علی وطننا، تُعد وتُشرّع من أجل دعم السراق وسلخ جلود الناس المحرومين.

زر الذهاب إلى الأعلى