أخبار إيرانمقالات

إيران ومجزرة باريس

 

موقع کتابات
20/11/2015
 
بقلم: علي احمد الساعدي

 
 انتهت مجزرة الثالث عشر من نوفمبر في باريس بمقتل 129 شخصاً وجرح حوالي 359 آخرين ، کلهم مواطنون عُزّل أبرياء ، حصدت أرواحهم نار الإرهاب الأعمی ، في حمام دمٍ ترک العالم مصدوماً إزاء هذه السادية العجيبة التي تعشش في نفوس الإرهابيين القتلة الذين لم يفرقوا بين رجل وامرأة وطفل وشيخ .
واليوم ، وفي الوقت الذي يکفکف فيه ذوي الضحايا دموع الحزن وسط أجواء الحِداد في فرنسا والعالم ، تبرز أسئلة عدة :لماذا حصلت هذه المجزرة ؟ وما الدوافع الحقيقية لمرتکبيها ؟ ومن يقف وراءهم ؟ ولماذا اختاروا باريس لينفذوا فيها عمليتهم الإجرامية ؟ وهل تربطهم علاقة بالشامتين بفرنسا بعد المجزرة ؟!
ومن خلال متابعة المواقف والتصريحات الإيرانية نحصل علی الإجابات الواضحة علی هذه الأسئلة ، فبصمات النظام الإيراني في هذه الجريمة الإرهابية واضحة ولاحاجة الی الاستدلال والحجة.
فالنظام الإيراني طالما أعلن في الماضي – بمناسبة أو بدون مناسبة – علی ألسنة کبار قادته وعبر وسائل الإعلام الحکومية بمنتهی الصراحة ان علی فرنسا أن تغير سياستها تجاه سوريا ويتوجب عليها أن تدعم نظام بشار الأسد ، ووفقاً للإرادة الإيرانية علی الحکومات الغربية أن تتخذ دور الأعمی الأصم الأبکم إزاء مجازر الأسد التي طالت 300 ألف مواطن سوري والتدخلات المباشرة لأفراد الحرس الثوري الإيراني في هذه المذابح ، فضلاً عن تشريد الملايين ، وباختصار علی فرنسا وحلفائها في أوروبا أن يؤدوا فروض الطاعة والولاء لبشار الأسد والعراب الإيراني الذي يرعاه ويرعی نظامه الإجرامي .
ان الادعاء بأن موقف فرنسا الحازم للتأکيد علی ضرورة رحيل الأسد له ما يبرر هذه الهجمات الارهابية هو مثير للاشمئزاز جدا. هکذا حجة ليست الا محاولة لاضفاء الشرعية للهجمات الارهابية. وهذه الحجة هي نفس الحجة التي يتبعها بشار الأسد ، إذ قال لتلفزيون فرنسا ان فرنسا يجب أن تغير سياستها وأن تعترف بنظامه (أي بشار الأسد) من خلال فتح سفارتها في دمشق.
وکتبت وکالة أنباء فارس (التابعة لقوات الحرس) تقول: «المحللون يرون أن هذه الهجمات الارهابية تعزز موقف المدافعين عن امتداد الحرب السورية في فرنسا وغيرها من الدول مقابل المدافعين عن السلام في سوريا». وردا علی سؤال لماذا تم استهداف فرنسا لهذه الأعمال الدموية، يقول المحللون ان فرنسا هي بلد يری تقليديا نفسه دولة منتدبة لسوريا…» وتستنتج: «أي تغيير في سياسة فرنسا تجاه سوريا يحمل علامات معينة من شأنه أن يؤثر علی آراء سائر الدول الاوربية».
وکتبت وکالة أنباء تسنيم (وکالة الأنباء التابعة لفيلق القدس) تقول: «علی باريس أن تعلم أن أفضل حل يکمن في تغيير التعاطي الموجود في محاربة الارهاب والتنسيقات لکافة الجهود لمحاربة هذه الظاهرة والتشدد في أرجاء العالم.  ان هذا التغيير يمکن أن يحصل بتغيير في التعامل العسکري في الشرق الأوسط ولاسيما في العراق وسوريا وليبيا أو بالتعاون والتنسيق مع جبهة محاربة التکفيريين والمتشددين في الشرق الأوسط.
«وکخطوة أولی يمکن أن توفر المفاوضات الجارية في فيينا بشأن سوريا أفضل ساحة في هذا المجال… لکي توحد الجهود لمحاربة الارهاب… وبدلا من اتخاذ القرار للشعب السوري يجب توظيف الحالة الديناميکية التي ولدتها واقعة باريس لاتخاذ قرارات جدية لمحاربة الارهاب علی الصعيد الدولي».
وسعی جواد ظريف وزير خارجية النظام الی إرسال هذه الرسالة بصيغة أکثر دبلوماسية عندما قال : علينا «أن نستغل هذه الفرصة التي خلقتها هذه المأساة لمزيد من التنسيقات الدولية». (وکالة أنباء ايرنا- 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015).
 لقد اعتبر «ابوطالبي» المستشار السياسي لروحاني والسفير السابق لنظام الملالي في فرنسا الجريمة الارهابية في باريس «أمرا غير قابل للتجنب» و«نتيجة الاجراءات العمياء والمستدامة للغرب لدعم الارهاب… وعدم التنبه بتحذيرات إيران طيلة السنوات الأخيرة» ، محاولاً کعادة المسؤولين الإيرانيين تصوير النظام الإيراني بأنه الملاک الحارس للعالم والمحارب للإرهاب !
أما الحرسي العميد «مسعود جزايري» مساعد هيئة الأرکان للقوات المسلحة لنظام الملالي فيقول بهذا الصدد: «الفرنسيون دفعوا ثمن دعم حکومتهم لداعش والارهاب» أي انه يصف مقاومة الشعب السوري بالإرهاب ، ويقول : «منذ الشهور الأولی للأعمال الارهابية في سوريا ودول الجوار ، وجهنا تنبيهات متکررة للمجتمع الاوربي بأن الارهاب سيجر عليهم أيضا». وهدد هذا الحرسي اوربا باستمرار هذه الجرائم الارهابية وقال «الغربيون في حال مواصلة دعمهم للارهاب … يجب أن ينتظروا اعلان حالة الطوارئ في نقاط أخری في القارة الاوربية» (وکالة أنباء قوات الحرس – فارس- 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015).
 
«تسنيم» وکالة أنباء قوة القدس الارهابية وصفت فاجعة باريس «بالارهاب المصنع» من قبل فرنسا واروبا وکتبت تقول : نبه خامنئي طيلة السنوات الماضية عدة مرات قادة الغرب بأن دعم الإرهاب في المنطقة سيجعله في نهاية المطاف ينجر عليکم … وفي المستقبل القريب ستذوق الدول الداعمة للإرهاب وبال هذه  المجموعات المدعومة من قبلهم.
وتوحي هذه الوکالة بنشرها کاريکاتيرا سخيفا تحت عنوان «الإرهاب الذي صنعوه بانفسهم » بأن رأس خيط داعش بيد فرنسا ورئيسها.
أما «قدس اون لاين» التابع لقوات الحرس فقد وصف المعارضة السورية بالارهاب وکتب يقول : «أمريکا والدول الاوربية وبذريعة مواجهة الرئيس الشرعي في سوريا يدعمون الارهابيين وأطلقوا أيديهم في ارتکاب جرائم ضد الانسانية وأن حصيلة هکذا تعاطي هي الهجمات الارهابية في باريس وبات الآن داعش کيانا مثل کلب يهجم علی صاحبه مهددا دولا مثل ايطاليا وبريطانيا وأمريکا بهجمات مماثلة من قبله ، واذا أرادت الدول الغربية أن لا يواجهوا هکذا کوارث انسانية فعليهم أن يستأصلوا شأفه الارهابيين دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخری مثل سوريا وهذا يتطلب ترک مصير بشار الأسد … الی الشعب السوري وأن يقوموا باستئصال الارهاب [اقرأوا قوات المقاومة الجيش السوري الحر].
و الکل يعرف بان داعش هو حصيلة إيران وبشار الاسد وکل جرائم داعش طوال هذه السنوات ومنذ تأسيسه حتي الان تخدم سياسات إيران في المنطقة ، و ستتبين في المستقبل وثائق ارتباط داعش مع إيران .
 کما هناک حقيقة دامغة أخری أن داعش هي حصيلة المذابح في سوريا حيث نفذها الأسد وبدعم من نظام الملالي الحاکمين في إيران.
والان فرنسا امام موقف تاريخي ، فهل سترتعب و تستسلم امام سياسات إيران وتعتمد سياسة الاسترضاء تجاه النظام الإيراني فيما يتعلق بسوريا والمنطقة ؟ ام أنها ستختار الخيار الصحيح و تقف بقوة وحزم بوجه إيران وداعش وبشار الاسد؟!
ان التجربة أثبتت أن تقديم تنازلات للإرهابيين والمتشددين والمتطرفين من شأنه أن يخلق کارثة کونه يشجعهم علی التمادي في جرائمهم وبوتيرة أعلی.
ان حل أزمة سوريا يکمن في رحيل الأسد مما يستدعي استئصال شأفة إيران في سوريا ، إذ لايمکن أن يکون الأسد جزءا من الحل في سوريا ، وطالما هو ممسک بالسلطة فإن المذابح ستبقی مستمرة ، يجب أن يرحل وهذا هو الحل الوحيد لسوريا ولوضع حد لداعش.

زر الذهاب إلى الأعلى