مقالات

رسائل دامية لعوائل شهداء مجزرة الاول من ايلول الاشرفيين

 


 


موقع  المجلس الوطني للمقاومة الايرانية


30/8/2015


صافي الياسري


 
 هذه المجزرة هزت کل ارکان مکونات الشعب الايراني والعراقيين وعموم العالم ،فلم يکن لها اي مبرر او معنی او هدف سوی انها تستهدف عناصر المعارضة الايرانية وبطريقة بشعة نشرت حتی الصحف العراقية صورها التي التقطها المجاهدون مجازفين بارواحهم ومن هذه الصور عرفنا ان بعض المجاهدين قتلوا مکبلي الايدي الی الخلف ،وان بعضهم اعدموا بطريقة اطلاق رصاصة الرحمة ،وما کان الامر بتنفيذ المجزرة سوی نوري المالکي علی وفق املاءات النظام الايراني فلم يجر تحقيقا الا ذلک التحقيق الشکلي الذي برأ ساحة القتلة معتمدا مقولة مجهولية المنفذين وعدم معرفة الحکومة العراقية بهوياتهم  ،
والذين کتبوا عن المجزرة حز في نفوسهم مدی بشاعة الجريمة واثبتوا مسؤولية حکومة المالکي عنها ،حيث انها دفنتهم سرا وفي اماکن مجهولة علها تعفي اثارها ،لکن الواقعة الدموية والصور ورسائل عوائل الشهداء التي تفطر القلب کانت تلقي الضوء علی ظلماتها وتنذر  ان يوم الحساب قادم حتما .
ساختار هنا ثلاث رسائل واحدة لام ثکلی واخری لاب قتلته الحسرة وثالثة لابن شاب راسه وهو شاب لفقده والده ،اما الام فهي :


ام الشهيد ياسر حاجيان وهو من شهداء مجزره اشرف في الاول من ايلول 2013 التي قالت تخاطب قتلة ابنها کلما اطلقتم الرصاص علی مجاهدي خلق فکأنکم تطلقونه علی اجسادکم النتنة ، ليس جديدا علی النظام الايراني الحاکم في إيران أن يحرم الأم من ابنها ، فتاريخ الملالي منذ عهد الخميني حافل بالعديد من القصص المؤلمة من هذا النوع ، امهات يشاهدن ابناءهن معلقين علی حبال المشانق وکأن قلوبهن هي التي تشنق ألف مرة ، إنه نظام لم يترک أي إحساس في نفوس الشعب الإيراني غير الإحساس بالکراهية والحقد تجاه الجلادين الذين ابتکروا أساليب لاتخطر ببال احد لذبح هذا الشعب الصابر المجاهد .
وفي مخيم أشرف بمحافظة ديالی العراقية ، جاءت مجزرة الأول من أيلول لتتم إضافتها الی السجل الأسود الخاص بنظام الولي الفقيه ، مجزرة قام بتنفيذها فيلق القدس الإرهابي بالتعاون مع قوات نوري کامل المالکي رئيس وزراء العراق . إثنان وخمسون معارضا إيرانيا تمت تصفيتهم جسديا في صبيحة الاول من أيلول ،مجزرة   ترکت وراءها 52 قصة سيذکرها التاريخ بأحرف من نور . تقول السيدة اشرف مطلبي البالغة من العمر 58 عاماً والتي استشهد ابنها ياسر حاجيان في مجزرة الأول من ايلول : إبني ياسر من مواليد 1979 ،
وعندما کان عمره سنة ونصف ، أي في عام 1982 ، اعتقلت قوات الملالي في ايران والده الذي کان احد المجاهدين الأبطال ، وعلمنا فيما بعد أنه استشهد تحت التعذيب ، أما عمه فهو المجاهد الشهيد منصور حاجيان الذي سقط جريحاً اثناء هجوم قوات المالکي علی مخيم اشرف في 8 من ايلول عام 2012 ، وبعد مرور اربعين يوما استشهد. وتضيف : عندما کان عمر ابني ياسر 18 عاما کان يعيش في ألمانيا ويتمتع بحياة مرفهة ، کان مخرجا بارعاً و کاتباً محنکاً للسيناريو ،
بالإضافة الی  انه کان بارعا في مجال برمجيات الحاسوب ، غير انه ترک الدراسة والحياة الهادئة المرفهة وانضم الی مجاهدي خلق في مخيم اشرف في العراق. وتقول : عندما سمعت خبر استشهاده  أسود ت الدنيا في عيني .


وياسر حاجيان ليس الاول من المجاهدين الذين تخلوا عن حياة الرفاهية وانتقلوا الی مخيمات التدريب التابعة لمنظمة مجاهدي خلق ،فامثاله کثيرون ،لکن الرائع هنا ان السيدة اشرف  مطلبي لم تبک ابنها الشهيد انما رثته کمجاهد ومصدر فخر لها ولوطنه وما اجمل ما کتبت .


وام ياسر البطل علی رغم حروفها التي تنضح بالاسی والالم کانت مليئة بالفخار والشعور بعظمة المجد الذي حازه ابنها ولم تبک ابدا بل رفعت راسها بشموخ تتحدی نظام الملالي وهي التي فقدت قبل فلذة کبدها ياسر زوجها الذي اعدمه نظام الطاغوت الخميني  وعم اولادها منصور حاجيان .
وهذه رسالة والد ثاکل هو المجاهد محمد رضا مناني الذي قال في لقاء معه في حينها  انه بعد مرور 164 يوما علی متابعة عوائل 52 شهيدا سقطوا شهداء في الاعدام الجماعي في أشرف لاستلام جثامين أعزائهم قامت الحکومة العراقية بدفن الشهداء سرا .


ويتحدث لنا محمد رضا مناني والد الشهيد رحمان مناني من شهداء مجزرة أشرف:أعلنت الوکالات أن الحکومة العراقية دفنت سرا  جثامين الشهداء الذين قتلوا في مجزرة الأول من ايلول/ سبتمبر  الماضي في مخيم أشرف دون اطلاع وحضور عوائل الشهداء.


 انکم وبصفتکم والد أحد الشهداء – رحمان مناني –


برأيکم لماذا قامت الحکومة العراقية بدفن الشهداء سرا ولم تطلعکم علی ذلک؟


محمد رضا مناني: کما تعلمون في الأول من ايلول/ سبتمبر 2013 شنت القوات العراقية هجوما علی 100 ساکن مجرد عن السلاح وأعزل في أشرف وقتلت 52 منهم بشکل جماعي واختطفت 7 آخرين کرهائن. وحاولت الحکومة العراقية منذ البداية أن تغسل يدها من هذه الجريمة الحربية والجريمة ضد المجتمع الدولي ولکنه بما أن کل الأدلة والوثائق الدامغة التي تمتلکها المقاومة الايرانية تؤکد أن القوات المؤتمرة بإمرة رئاسة الوزراء العراقية ضالعة في هذه الجريمة وکذلک بسبب وجود اجماع دولي حيث يحمل حکومة المالکي مسؤولية هذه الجريمة فان الحکومة العراقية قامت بدفن الشهداء سرا بهدف ازالة آثار الجريمة وأن الحکومة تحجب عنا مکان دفنهم ولا تکشفه لنا.


وماذا فعلتم خلال هذه المدة لاستلام جثامين الشهداء ولمواراتهم الثری؟


محمد رضا مناني: جدير بالذکر أن جثامين 52 شهيدا تم تسليمهم يوم 2 ايلول/سبتمبر الی السيد فرانسسکو موتا رئيس مکتب حقوق الانسان في يونامي بالتوافق مع الحکومة العراقية. وتقول الوثيقة التي وقعها السيد موتا لاستلام جثامين الشهداء: « حسب الاتفاق بين ممثلي سکان أشرف ويونامي  في 2  سبتمبر/أيلول 2013، تم تسليم اثنين وخمسين جثة من الشهداء الذين قتلوا بالرصاص في مجزرة الأول من سبتمبر/أيلول, 2013، وبحضور السّيد فرانسيسکو موتا ، رئيس مکتب حقوق الانسان في يونامي، لکي تبقی في مستشفی بعقوبة الی حين  حضور مراقب دولي نزيه في مشرحة بعقوبة لتشريح الجثث». ولکن الحکومة العراقية لم تقبل اطلاقا أن يعاين مراقب دولي الجثث وکذلک اجراء تحقيق دولي مستقل لتحديد منفذي هذه الجريمة. لذلک اننا وبصفتنا عوائل شهداء مجزرة أشرف سجلنا شکاوانا لملاحقة مسؤولي هذه المجزرة واستلام جثامين الشهداء في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي لدی القضاء العراقي اضافة الی ذلک فقد کررنا طلبنا في 75 رسالة أخری. وبهذا الصدد أرسلنا رسائل کثيرة عبر محامينا ولکننا لم نستلم أي رد لا من يونامي ولا من الحکومة العراقية ولا من القضاء العراقي بهذا الصدد.


ما هو طلبکم الآن؟


محمد رضا مناني: اني بصفتي أبا لأحد شهداء هذه المجزرة والذي استشهد علی أيدي هؤلاء الجناة، کنت أود لو أستلم جثة فلذة کبدي وأشارک في مراسم جنازته ومواراته الثری وأجدد العهد معه. رحمان کان ابني الوحيد وکان الباقي الوحيد من عائلتي. في الماضي شقيقان لي ووالدتي تم اعتقالهم وتعذيبهم واعدامهم من قبل النظام الايراني بسبب انخراطهم في المقاومة ومناصرة منظمه مجاهدي خلق الايرانية. لذلک لدي طلبان:اولا – أن تعلن الحکومة العراقية مکان دفن شهدائنا لکي نستطيع زيارة قبورهم.ثانيا – نطالب بفتح تحقيق مستقل وشامل من قبل الأمم المتحدة بشأن المجزرة واحالة ملف هذه الجريمة الی محکمة الجنايات الدولية.


((ان هذه المطالب کما اری اکثر من مشروعة بالنسبة لاب ثاکل ولن يتراجع عنها الاشرفيون وعلی المجتمع الدولي ان يدعم مطالبهم تلک لا ان يغض الطرف عنها ))


اما الرسالة الثالثة فهي صادرة عن ابن بار من المجاهدين استشهد والده في تلک المجزرة المروعة وصاحب الرسالة هو الشاب المجاهد حنيف کرمابي حيث  تقول الوکالات التينشرت الرساله :


((وجه شاب ايراني يدعی حنيف کرمابي نداء استغاثة لاصحاب الضمائر الحية في العالم، اثر مقتل والده عباس کرمابي في المجزرة التي وقعت في مخيم اشرف للاجئين الايرانيين في العراق اضافة الی تعرض والدته الی الاختطاف والاحتجاز کرهينة لدی السلطات العراقية.


يقول حنيف کرمابي، ان اصدقاءه اخبروه في الاول من ايلول الحالي عند الساعة السابعة صباحا ان مخيم اشرف يتعرض لهجوم من قبل القوات العراقية وانه شعر عندها بالقلق العميق جراء وجود والده ووالدته واصدقائه القدامی في المخيم.


ويضيف حنيف انه في الساعه الثامنة والنصف صباحا سمع الاخبار الاولية عن هجوم القوات العراقية وبان عددا کبيرا من سکان المخيم العزل تعرضوا لاطلاق نار من قبل الجنود المهاجمين وبان هناک عددا کبيرا من القتلی والجرحی وان غالبيتهم قتلوا وايديهم وارجلهم مکبلة.. يقول حنيف «أصابتني حالة من الذهول وتذکرت والدي ووالدتي وشريط الطفولة يمر امام عيني وکيف اجبرنا الزمن الرديء علی ترک بعضنا البعض لنصبح کالمشردين.


يقول حنيف: في بداية الثمانينيات حيث بدأت حملات الدهم والاعدام ضد المعارضين للنظام الايراني وخصوصا من مؤيدي منظمة مجاهدي خلق وبأوامر مباشرة من الخميني. هذا الامر جعل والدي ووالدتي يغادران ايران ليترکاني وانا طفل صغير حرم من حنان ودفء ابويه.. کنت افکر بهم دوما. وعندما اصبحت في سن  المراهقة بدأت السلطات الايرانية بمضايقي واستجوابي بين الفترة والاخری، في ظل ضغوطات کبيرة علي لکي اؤثر علی والدي ليترکا المنظمة وينشقان عنها.


وفي عام 2000  وعلی الرغم من انني نجحت في الاختبار للدخول في الجامعة، اضطررت الی مغادرة ايران بسبب تصاعد الضغوط وعمليات الدهم والاعتقال من قبل المخابرات الايرانية حيث اصبحت حياتي مهددة، جئت الی العراق والتقيت بابي وامي بعد سنين طويله من الفرقة والتحقت بهما في النضال  علی الرغم من کل المتاعب والخطورة الموجودة في الحياة النضالية ضد النظام الايراني.
تذکرت اللحظات الاخيرة التي ذهبت لاودع والدي قبل مغادرتي مخيم اشرف ومجيئي الی مخيم ليبرتي.. عانقته بقوة وقلت له متنهدا بأنفاس سريعة: يصعب علي الذهاب الی ليبرتي دونک.. طمأنني قائلا: هذا يا حنيف قسط من التضحية التي کتبت علينا  .. وعلينا  ان نتحملها وندفع الثمن مهما کان من اجل قضيتنا العادلة..


يتابع حنيف: کنت اتمنی ان استشهد الی جانب ابي، لا اتحمل حتی التفکير في استشهاد والدي ووالدتي.. و کنت اعرف جيدا ان البقاء في اشرف يتضمن التسليم بمخاطر کثيرة.  کنت في غمرة هذه الافکار وسمعت صوت المذيع عبرة قناة تلفزيونية يذيع أسماء شهداء مجزرة الاول من ايلول في اشرف، وعند سماعي کل اسم من اسماء الشهداء اتذکرهم واتذکر ذکرياتي معهم، شعرت ان قلبي يخرج من بين جوانحي،  شعرت بالاختناق.. وجسمي کله اخذ يرتعش، المذيع يذيع آخر اسم للشهداء  عباس کرمابي  شعرت ببرودة خاصة اخذت تنتشر في کل انحاء جسمي، وضعت راسي بين رکبتي وبکيت بهدوء حتی لا يراني احد وکأني فاقد للوعي، زملائي قدموا الي يواسونني في هذا المصاب الجلل وانا لا اسمع ولا اری احدا. وذکرياتي مع ابي وامي کانت تمر من امام عيني، کنت افکر کيف اتحمل وطأة هذا الحدث الثقيل جدا؟ وعدد الشهداء يزداد ويصل الي 52 ، وفي الساعة 1700 من  ذلک اليوم المشؤوم، تذيع قناة المقاومة الايرانية خبرا عاجلا لتعلن اسماء المختطفين من قبل مهاجمي مخيم اشرف، لتنزل علي الصاعقة الثانية عند سماع اسم امي بين اسماء المختطفين.. احسست ان قلبي علی وشک التوقف وصدري يکاد ينفجر، شعرت بانني کجسد بلا روح معلق في الهواء.. لا استطيع حتی المشي علی قدمي. صرخت في داخلي يا ايها العالم انظر کيف يرتکب الظالمون ابشع الجرائم بحق العزل.. وکيف يتشدق هؤلاء بالاسلام وهو منهم براء.. وکيف يهاجمون ويختطفون ويقتادون امرأة کبيرة في السن لا تحمل سلاحا او اي شيء تدافع به عن نفسها.. کيف ان هذه المرأة المغلوب علی امرها هربت من تعسف النظام الحاکم في بلدها ولجأت الی بلد جار مسلم.. کيف ينتهي بها الحال وزوجها قتيل وهي مختطفة کرهينة..


شاهدت صورة لجثة والدي القتيل.. لاکتشف ان القتلة اطلقوا النار عليه وهو علی سرير الاستشفاء في المستشفی.. لقد اجتاحت النيران کل جوارحي.. انها ملحمة بکل ما تحمل الکلمة من معنی.. ولکنها ملحمة الصمود باذن الله حتی النهاية.. هي ملحمة قول «لا» بوجه الجلادين الظلاميين.


لم يبق امامي  انا ورفاقي في مخيم ليبرتي سوی الاضراب عن الطعام الی ما لا نهاية وقررنا ذلک منذ الاول من ايلول احتجاجا علی عدم الشعور بالمسؤولية من قبل الامم المتحدة والمجتمع الدولي تجاه تأمين حماية وامن سکان اشرف وليبرتي وبسبب النقض المستمر لاميرکا لتعهداتها والتزاماتها تجاه امننا وسلامتنا. ونحن مستمرون في الاضراب حتی تتم تلبية طلباتنا الرئيسية وهي ايفاد وفد محايد لتقصي الحقائق والتحري حول الجرائم الکبری التي ارتکبت في اشرف و إحالة ملف حماية ليبرتي إلی القوات  التابعة للأمم المتحدة واطلاق سراح المختطفين فورا. 


(( حين قرأت ما قاله عباس کرمابي لابنه حنيف وهو يودعه مفارقا فقد کان حنيف سيرحل الی ليبرتي – ان هذا الفراق  قسط من التضحية التي کتبت علينا  .. وعلينا  ان نتحملها وندفع الثمن مهما کان من اجل قضيتنا العادلة..) شعرت بعظمة دستور المجاهدين فهذه العبارة سمعتها بهذا الاسلوب او ذاک من مئات المجاهدين الذين التقيتهم من قبل في اشرف وحاورتهم حول فلسفة نضالهم وتحديهم الصعاب في دهماء العظيم ،ما يعني فعلا انها قانون النضال الذي استنه المجاهدون والدرب الذي شقوه وعبدوه بدمائهم – درب الحرية – لکن ما اذهلني ان حنيف کرمابي اضاف لعبارة والده تلک ما يثبت ان المجاهدين ابنا عن اب تثقفوا علی اعتناق ذات الدستور وهم يستنون قانون التضحية ذاته ،والعبارة التي قالها حنيف  هي ((انها ملحمة بکل ما تحمل الکلمة من معنی.. ولکنها ملحمة الصمود باذن الله حتی النهاية.. هي ملحمة قول «لا» بوجه الجلادين الظلاميين.)) هؤلاء المجاهدون بدستورهم الکفاحي هذا ليس امامهم سوی الانتصار او الشهادة وبخاصة انهم من رفع شعار الحسين ( ع) هيهات منا الذلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى