مقالات

ورطة طهران الکبری

 


 
الحوار المتمدن
21/8/2015


 



 بقلم :فلاح هادي الجنابي


 


حالة الغموض و الضبابية التي تلقي بظلالها علی الاجواء السياسية في طهران و التناقضات و الاختلافات الواسعة فيما يتعلق بالاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه في فيينا في 14 تموز الماضي بين الدول الکبری و النظام الديني المتطرف في طهران، يلقي الکثير من الشکوک بشأن إحتمال مبادرة السلطات الايرانية لتنفيذ الالتزامات المطلوبة منها بموجب الاتفاق.
حديث المرشد الاعلی للنظام خامنئي، بشأن أن مستقبل الاتفاق النووي ليس واضحا، في حين يهاجمه بإستمرار رجال دين و قادة في الحرس الثوري و مسؤ-;-ولون کبار متنفذون في طهران و يطالبون بصريح العبارة بعدم الالتزام به، يتزامن مع حديث آخر يؤ-;-کد علی إستمرار سياسات النظام المتطرفة تجاه المنطقة و کذلک إستمرار سياسة القمع و الاعدامات ضد الشعب الايراني، کما إن هناک حالة شد و جر بين مؤ-;-يدي و معارضي الاتفاق رغم إن الذي يجب ملاحظته بإن مؤ-;-يدي الاتفاق يسعون للإجابة علی شکوک و هجمات الرافضين و ليس الدفاع عن الاتفاق نفسه بل وإنهم في أکثر الاحيان يقفون الی جانب الرافضين و يعلنون رفضهم لبنود صريحة في الاتفاق.


المثير للإنتباه، إن النظام الديني المتطرف الذي حاول من خلال النسخة المترجمة للفارسية و التي تختلف کثيرا مع النص الانکليزي، لفت ‌أنظار الشعب الايراني و التمويه عليه بإن هذا هو النص الاصلي للإتفاق لکن التأکيدات الغربية التي کذبت المسؤ-;-ولين الايرانيين بقولها أن هناک نص واحد تم الاتفاق عليه وهو النص الانکليزي، جعل النظام في موقف حرج و دفعه للإقرار بالحقيقة رويدا رويدا مع تلميحات بإحتمال عدم تنفيذ الاتفاق، لکن هذا الموقف”أي عدم تنفيذ الاتفاق النووي”، ليس بتلک السهولة وتترتب عليه الکثير من الآثار و النتائج السلبية أهمها و أخطرها علی النظام موقف الشعب الايراني الذي لم يعد بإستطاته أن يطيق الاوضاع المعيشية الصعبة المترتبة عن الاستمرار بالبرنامج النووي و النظام يعرف ذلک، وفي نفس الوقت فإن تنفيذه أيضا يعتبر مشکلة کبری حيث يعني بدء العد التنازلي لجعل إيران تحت الوصاية الدولية لمدة أکثر من 15 عاما، ناهيک عن تبدد و تلاشي الاحلام بإمتلاک الاسلحة النووية مما يعني جعل النظام يبدو ضعيفا أمام حلفائه و أتباعه في دول المنطقة حيث سيبقی من دون متکأ او سند يدعمه لإرعاب دول المنطقة المعارضة لسياساته وفي نفس الوقت من أجل طمأنة حلفائه و أتباعه من أنهم مدعومون وانه لاخوف عليهم، ومن هنا فإن موقف النظام أشبه بموقف من يکون في ورطة عويصة بين خيارين و حلين أحلاهما مر.


الاتفاق النووي النووي الذي قام النظام الديني المتطرف بالتوقيع عليه في فيينا، إنما کان بسبب من التهديدات الجمة المحدقة به حيث أکدت المقاومة الايرانية بإن النظام في أضعف وضع له و ليس أمامه من خيار سوی التوقيع علی الاتفاق و لهذا فقد طالبت”أي المقاومة الايرانية”المجتمع الدولي بإتباع الحزم و الصرامة مع النظام و عدم إعطائه مجالا للإلتفاف علی الاتفاق، ومع إن الاتفاق الذي إنتقدته المقاومة الايرانية لإنه کان يمکن أن يکون أفضل من هذا بکثير، إلا إنه ومع ذلک يضع النظام في زاوية حرجة و ورطة کبری تختلف عن الورطات السابقة التي خرج او تملص منها، فهذا الورطة وکما يبدو مصيرية و سوف تحدد مستقبل و مصير النظام.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى