مقالات

تقرير حول الارصدة الايرانية المجمدة

 



 
الحوار المتمدن
29/7/2015


 


بقلم: صافي الياسري


 


تثور هذه الايام تساؤلات اعلامية واستخباراتية متوالية حول حجم الاموال الايرانية المحجوزة والتي تمنی ايران باطلاقها حال التزامها ببنود الاتفاق النهائي الذي اعلنته مع السداسية الدولية بشان ملفها النووي وتقول منظمة مجاهدي خلق في تقرير لها بهذا الخصوص انه عقب التوصل إلی الاتفاق النووي في فيينا، بدأ نقاش متصاعد في صفوف النظام الايراني حول مبلغ الأرصدة المجمدة للنظام في البنوک الخارجية وبدأ يطرح سؤال علی بساط البحث عما سيتم إيداعه إلی حساب النظام الإيراني؟ وعلی الرغم من أن هذه الأرصدة التي تم تجميدها في البنوک الخارجية تحت أطر محددة لکن مصادر النظام الإيراني تتکلم عن مبالغ مختلفة تتفاوت بعضها عن بعض بمقدار 150مليار دولار. فلماذا؟


ويمکننا سماع راي وزير الاقتصاد والمالية في حکومة روحاني بشأن طرح ارقام مبالغ مختلفة تتراوح بين 25مليار دولار و175مليار دولار، حيث أکد الأربعاء 22تموز/يوليو في فيينا أن السبب الرئيسي لاختلاف ارقام المبالغ هو أن الأفراد يقدمون تفاسير مختلفة بشأن هذه الأرصدة. ومن الممکن أن تبلغ أرصدتنا في خارج البلاد ما يقارب 100مليار دولار وهو المبلغ الذي يکاد يجمع عليه المتابعون وکنت شخصيا قد لاحقت هذا النقاش في وسائل الاعلام والتقارير التي تنشرها الصحف الاوربية والاميرکية ولم تزد جميعها عن تحديد المبلغ بمائة ملياردولار لکن الازمة ليست في الرقم وانما في الوضع المالي للنظام داخليا وخارجيا .


وأشارت وکالة أنباء فارس التابعة لقوات الحرس في 20تموز/يوليو إلی أن بعض المسؤولين في حکومة روحاني قد تکلموا عن أرصدة تبلغ 180مليار دولار متسائلة «لماذا سعی مسؤولون رفيعو المستوی إلی تضخيم مبالغ الأرصدة المجمدة قبل الإعلان عن الاتفاق النووي؟ وهل أطلقوا هذه التصريحات لأغراض سياسية ولممارسة الضغط علی المجتمع وتخويفه من عدم التوصل إلی الاتفاق النووي؟».


وندرک من خلال الصراعات الفئوية الدائرة بين قطبي النظام الإيراني أن حکومة روحاني قد ضخمت مبالغ هذه الأرصدة قبل التوصل إلی الاتفاق النووي للإيحاء بأنه إذا تم التوصل إلی الاتفاق وإيداع الأرصدة في حساب الحکومة فإن الامر سيتسبب في معالجة مختلف المعضلات ومن بينها دوران عجلات الصناعة والمهن والمشاکل البيئية وحتی الماء الصالح للشرب، بحسب الملا روحاني. لکن الحکومة نفسها تسعی حاليا وفي مرحلة «ما بعد الاتفاق» إلی تصغير الأرصدة لکي تمتص مطالبات الشارع وربما اخذت بالحسبان ما ستنفقه ايران علی عملائها ومرتزقتها ولاتخام جيوب المسؤولين فيها دون اعلام الشعب خشية اثارة غضبه .


والمسألة الأخری التي طفت علی السطح من خلال هذه الصراعات هي أن حکومة روحاني قد اقترضت ديونا من المصرف المرکزي وطبعت أوراق نقدية بلا غطاء بذريعة وجود الأرصدة المجمدة في البنوک الخارجية وفي واقع الأمر فقد استلفت الحکومة مبالغ کبيرة وصرفتها. وبشأن الموضوع أکد جعفر قادري العضو في لجنة التخطيط والموازنة لدی برلمان النظام الإيراني قائلا: «جزء من هذه الدولارات المجمدة هو نقود اقترضتها الحکومة من المصرف المرکزي علی شکل العملة المحلية (الريال) لذلک لم تعد هذه الدولارات أموال تعود للحکومة».


وفي الآونة الأخيرة کانت مصادر النظام الإيراني قد تکلمت عن أن نسبة السيولة في البلاد تبلغ 300ألف مليار تومان أي ما يعادل 100مليار دولار بعد مجيء حکومة روحاني منذ سنتين. وهذا المبلغ يضارع تقريبا «الأرصدة التي تم حجزها ».


وخلال هذا النقاش، تمت الإجابة تلقائيا علی سؤال مفاده هل يؤدي استلام هذه الأرصدة إلی تحسين الوضع الاقتصادي للنظام الإيراني؟ وقد اتضح في ما يتعلق بالواقع الاقتصادي للشارع الايراني ان النظام لن يصرف مثقال ذرة من هذه الأموال للشعب الإيراني بحيث أن حکومة الملا روحاني غداة الإعلان عن اتفاق فيينا أطلقت دعايات عبر وسائل الإعلام التابعة لها تحت عنوان «إزالة الأوهام» وبذلک حاولت أن توحي للمواطنين بأنه لا ينبغي أن يتوقعوا تحسين الظروف المعيشية.


وأما بشأن تحسين الوضع الاقتصادي للنظام الإيراني عينه فإن الجواب سلبي تماما لأن ما يواجهه نظام الملالي من معضلات ومشاکل، هو سياسي أساسا ومنبعه سياسي وليس اقتصاديا. وعليه فان أية اغاثة اقتصادية مهما کان حجمها لاتؤثر علی وضع النظام الإيراني إلا قليلا ويعتبر کحبة أسبرين وربما يسبب في تفاقم الوضع لأن الثغرات الموجودة في هيکل النظام الإيراني الفاسد هي مثل الغربال الذي لايبقی فيه شيء ومثلما أکد جواد منصوري أحد عناصر النظام الإيراني في مقابلة أجراها معه تلفزيون النظام الإيراني في 9کانون الأول/ديسمبر 2013 أنه حتی لو امطرت السماء ذهبا فإنه لا ينفع في تغيير الوضع الراهن للنظام الإيراني. وخير دليل علی ذلک هو العوائد النفطية الفلکية لنظام الملالي في غضون السنوات الأخيرة والتي تبلغ 700- 800 مليار دولار لکنها لم تجلب للشعب الإيراني شيئا سوی الفقر ومزيد من المحن.


ودائما ما يضع النظام الإيراني المهتريء، الاحتفاظ بکيانه في أسبقيات جدول أعماله لذلک کلما تم إطلاق أرصدته المجمدة کلما وضعها في خانة قوات الحرس ورفع معنويات نظام الأسد وميليشياته في العراق و حزب اللله اللبناني والمتبقی منها سيتم إيداعه في حسابات قادة النظام الإيراني.


لکن الشعب الإيراني الناقم علی النظام بمختلف مکوناته ومنهم المعلمون والممرضون والعمال والموظفون والطلاب وسائر طبقات المجتمع، هم الذين يحسمون الظروف الراهنة من خلال الإلحاح علی أخذ مطالبهم ومستحقاتهم المسلوبة کما أنهم دفعوا خلال الأشهر الأخيرة ثمن هذا الإلحاح عبر مختلف التجمعات والاعتصامات التي أقاموها ولا شک أنهم سيتمکنون من إحقاق حقوقهم وانتزاعها من انياب نظام الملالي القائم علی نهج لا يعرف سوی لغة القوة!

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى