تقارير

لماذا يصدر الخامنئي توجيهات دفاعية؟

 


أدلی الخامنئي بکلمات خلال لقائه عددا من رموز ومنتسبي جيش النظام حيث کشف من خلالها عن ذعر النظام تجاه الموقف والوضع الذي تعيشه المنطقة. وقال الخامنئي: ” الطرف الآخر دائماً ما يهددنا بوقاحة باللجوء إلی الخيار العسکري ، يهددنا مستمرا بالخيار العسکري بکل صلافة، إنهم کانوا ساکتين لفترة.“
وأبدی الولي الفقيه للنظام ذعره التام خلال إصداره توجيهات عسکرية بالکامل حيث قال: ”علی کل أجهزة الجمهورية الإسلامية بدءا من وزراة الدفاع وتواصلا إلی أنظمة الجيش والحرس وأخری من الأجهزة أن تعتبر هذا کتوجيه، عليهم رفع الجهوزية في مجال التسلح والتنظيم علی السواء.“
إن الحديث عن الخيار العسکري من قبل أمريکا والغرب ليس بجديد. لکن الذي جديد هو إصدار الخامنئي تعليمات عسکرية بهکذا ذعر مما يثير هذا السؤال أنه ما هو الخطر الذي شعر به الخامنئی حيث انتفخت أوداجه.
والجواب موجود ضمن کلماته حين يقول من موقف دفاعي تماما: ”اليوم يتهم الأعداء الجمهورية الإسلامية بالتدخل هنا وهناک، وهذا بعید کل البعد عن الواقع من حیث ان ایران لم ولن تتدخل فی شؤون الدول الاخری.. إن الجمهورية الإسلامية لا تشکل تهديدا لأي دولة. نحن لم نشکل تهديدا أبدا حتی لجيراننا ناهيک عن فکيف في أنحاء بعيدة وهذا ما يؤکده التأريخ القريب منا بشکل واضح.“
والحقيقة هي أن قضية الخيار العسکري من قبل الأمريکان ليست بجديدة ولکن الخامنئي تذرع بها لدق ناقوس الخطر. ما يعد جديدا في هذه الأثناء حيث أثار هکذا رد فعل من قبل الخامنئي هو التحالف الإقليمي ضد تدخلات النظام الإيراني في اليمن، التحالف الضخم الذي يعمل فعلا علی أرض الواقع مستهدفا ”العمق الاستراتيجي للنظام“ حسب قوله نفسه. إن هزيمة السياسات التدخلية للنظام في اليمن تأتي بمعنی مسلسل تراجعات وهزائم له في کل من سوريا والعراق واليمن ورغم أن الخامنئی يعمل وبهذه المواقف علی استعراض العضلات بغية الاستهلاک الداخلي، لکنه لا يستطيع التستر علی الحقائق ونظرة عاجلة إلی المواقف الصريحة للخامنئي ومسئولين آخرين للنظام من التدخلات الصارخة في دول المنطقة تظهر جيدا أنه لماذا أصبح الخامنئی فجأة ورغم مواقفه السابقة”عابدا ومسلما“ ويتحدث عن عدم التدخل.
وصرح الخامنئي في کلمته يوم 8شباط/فبراير 2015 بقوله: ”إن الجمهورية الإسلامية حققت تقدما إلی الأمام.. نفوذ إقليمي کبير وراسخ جعل الثورة في أعمال أفئدة شباب الوطن.. هل هذا أمر بسيط؟ هذه الأحداث موجودة وهي حقيقية.“   
کما قال في 4أيلول/سبتمبر 2015: ”إن أنصار النظام موجودون في منطقة ذات عمق استراتيجي بالنسبة لنا“ وأضاف بالقول: ”لدی إيران عمق استراتيجي في أمريکا اللاتينية وأجزاء هامة في أسيا أيضا.“
من جانبه جدد الملا علي سعيدي ممثل الولي الفقيه في الحرس خلال حوار له مع شبکة الخبر للنظام 9شباط/فبراير 2015 مزاعم الخامنئی وزعم بأن حدود النظام أصبحت اليوم ”ضفاف البحر الأبيض المتوسط“. کما سبق أن أکد علی تصدير الإرهاب والتطرف بقوله: ”إن رسالة ومهمتنا هي الحفاظ علی العمق الاستراتيجي ولايحق لنا فقد ولو نقطة من هذا العمق لکي لا يتعرض أمن إيران لأي مساس.“
وکان الحرسي شمخاني سکرتير المجلس الأعلی لأمن النظام قد أبدی تأوهه وتوجعه تجاه هلاک الحرسي حميد تقوي في العراق وأکد قائلا: ”من في قلوبهم مرض إثارة الإشاعات يروجون تساؤلا أنه ما هي العلاقة بين سامراء وحميد تقوي وما علينا بما يجري في العراق وسوريا؟ الجواب واضح، لو لم يضحي أمثال تقوي في سامراء بأرواحهم، فعلينا أن نعطي ضحايا في سيستان وبلوشستان وآذربايجان وشيراز واصفهان.“ (وکالة أنباء فارس 29کانون الأول/ديسمبر 2014)
فيما کان قائد الحرس اللاشعبي قد قال مبديا ذعره تجاه الخطر الذي يهدد النظام من داخل البلاد: ”إننا لا ندافع عن حدودنا من داخل الحدود، إنما ندافع عنها من نقاط أبعد بکيلومترات.“
المساعد الخاص للملا روحاني ووزير المخابرات السابق، الملا يونسي أکد يوم 19آذار/ مارس في إذعان غير مسبوق بظن حکومة ولاية الفقيه لابتلاع العراق قائلاً: إنه ”وفي الحاضر ليس العراق ضمن ساحة حضارتنا فحسب بل يشکل هويتنا وثقافتنا کما هو مرکزنا وعاصمتنا فهذا واقع ليومنا الحاضر والماضي علی السواء، ذلک لأن الجغرافية الإيرانية والعراقية غير قابلة للتجزئة حلها کما ثقافتنا، فعلينا أن نقاتل جنبا الی جنب وأن نتوحد“.
يمکن للخامنئي اطلاق ملفقات بدجل، حينما يشعر بالخطر إلا أن حقيقة الأمور لا يمکن التستر عليها.
ويحاول الخامنئي في نفس الخطاب ليثني علی الجيش وفيلق النظام للتستر علی الخلفية المعادية للشعب لقوات النظام القمعية وقال: إن ”جيش جمهورية إيران الإسلامية والقوات العسکرية التابعة للجمهورية الإسلامية ملتزمون بالتعهدات الإسلامية، فلا يتمردون في النجاح وفي وقت الخطر لا يتشبثون بأعمال محظورة ووسائل محظورة…… أننا نکره من يقتحمون المواطنين العزل والمدنيين ويهلکون الأطفال ويقتلون النساء ويدمرون البيوت فنعلن اشمئزازنا وبراءتنا منهم“.
فأي جيش وفيلق عميل بادر بقمع انتفاضة الطلبة في عام 1999 وقتل الشعب في انتفاضة عام 2009 والقمع الهمجي بحق الشعب الکردي وقتل الشعب العزل لقرية «قرنة» وغيرها؟ يا تری لم لا يعلن الخامنئي براءته من المذبحة الهمجية التي ارتکبها الديکتاتور بشار الأسد في حق 300ألف سوري  أعزل والمشاهد المروعة من جريمة معادية للإنسانية؟ الجواب واضح لأنه نفسه هو المسبب الرئيس لهذه الجرائم. بحيث لما أشار الی بلدان المنطقة فکأنه لا وجود بلد باسم سوريا في خارطة المنطقة ذلک رغماً لکل الجرائم التي خاضتها خلال السنوات التي مضت ويذکر أسماء بلدان اليمن وفلسطين ولبنان فقط.
أجل هذه حقيقة نظام واقع في المأزق، النظام الذي وبالرغم من اللجوء باستعراض مزيف للقوة يخاف من عزلة إقليمية ودولية غير مسبوقة وکذلک توازن القوة الجديد في المنطقة بعد قضية اليمن فيکرر دوماً، لسنا طلاب حرب بل نحن دعاة السلام ويطلب رغم کل هذا التطبيل والتزمير بوقف النار والتفاوض.
يفهم في الظروف الراهنة عمق خوف النظام والولي الفقيه للنظام أکثر اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار بأن النظام له موعد بحلول مهلة الشهرين المعينة للنووي من جهة ومن جهة أخری يواجه واقعا محتقنا يسود الشارع جراء الأزمات المختلفة. 

زر الذهاب إلى الأعلى