مقابلات

المعارض الإيراني زاهدي لـ الشرق: نعرف خوف حکام طهران من الحزم فکيف بـ «عاصفة الحزم»

الشرق

2/4/2015

«عاصفة الحزم» رسالة حزم تقول لا لنظام الملالي وتصرفاته وتدخلاته في دول المنطقة.
1200 حالة إعدام منذ وصول روحاني إلی السلطة وهذا دليل علی مأزق هؤلاء الحکام.
الشعب الإيراني يعبِّر عن رفضه لحکام طهران بالمظاهرات والإضرابات المتواصلة.
عاصفة الحزم فاجأت حکام طهران کما فوجئ بها الحوثيون والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، فيما تسابق مفاوضات النووي الإيراني الزمن للوصول إلی اتفاق، بين طهران والقوی العالمية، في وقت تتسارع الأحداث في سوريا بين قوی المعارضة وقوات الأسد المتحالفة مع المليشيات الطائفية، وفي العراق لا تزال المواجهة مستمرة مع تنظيم داعش وسط خلافات حول دور إيران والميليشيات التي تدعمها، هذه المواضيع کانت محور حوار مع المعارض الإيراني الدکتور سنابرق زاهدي، وهو محامٍ مخضرم من النشطاء السياسيين القدامی، سُجن في عهد الشاه لانتمائه إلی مجاهدي خلق، ثم شارک في تشکيل نقابة المحامين التقدميين الديمقراطيين إبان حکم الخميني، وانضم إلی المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية منذ 1981 وعُيِّن عضواً في أمانة المجلس، وبعد فترة عين رئيساً للجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وللدکتور زاهدي مقالات وإسهامات عديدة في الصحف العربية.

• تناقلت بعض وسائل الإعلام الموالية لحکام طهران أنباءً عن رد محتمل علی «عاصفة الحزم»، هل يأتي ذلک لحفظ ماء الوجه؟

لا أعتقد أن حکام الملالي لديهم هذا الحدُّ من التهور بأن يقوموا بردٍّ، ونحن نعرف مدی خوفهم من أي عملية حزم، فکيف بـ «عاصفة الحزم»، لکن أقول إذا ارتکبوا هذه الحماقة، يجب أن يکون الرد الدولي حاسماً للتخلص من هذا الورم السرطاني – نظام ولاية الفقيه – في المنطقة.
نحن نعرف هؤلاء الملالي منذ أن کنَّا معهم أيام الشاه، کثير منهم کانوا من أنصار حرکة مجاهدي خلق، وکانوا يفتخرون بأنهم يؤيدون نضالنا ضد الشاه. رفسنجاني قال في عام 1975 لممثّل منظمة مجاهدي خلق في دمشق إن خميني لا يستطيع أن يشرب کأس ماء في إيران إلا بعد الإذن من مجاهدي خلق. کما أن منتظري الذي أصبح بعد ذلک الرجل الثاني في النظام کتب رسالة سرية إلی خميني عام 1972 وصف فيها مجاهدي خلق بـ «إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدی». کما أن خامنئي کان يفخر بأنه جلس يوماً ما مع أحد کبار قادة الحرکة آنذاک، وهذا کان شأن کل من له صلة بنشاط سياسي من الملالي. إذن نحن لم نحارب الملالي فقط لأکثر من ثلاثة عقود بل عايشناهم قبل ذلک أيضاً؛ ولذا أقول إننا نعرفهم تمام المعرفة. ومن خلال هذه المعرفة وهذه التجربة خلال خمسة عقود، ومن خلال واقع إيران اليوم وواقع الشعب الإيراني نقول إنه يجب ألا نعتبر أن مواقف الملالي تأتي من موقف قوة، بالعکس تماماً إنها تعبّر عن مدی تخبّطهم في مستنقع الأزمات التي أوجدوها بأيديهم في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية والإقليمية. الشعب الإيراني شعب متحضِّر لم ولن يقبل عقلية الملالي، بمعنی آخر الملالي لا يستطيعون التجاوب مع متطلّبات الشعب الإيراني.
يجب ألا ننسی أن نظام الملالي عندما يقوم بتأجيج الحروب وبتصدير الإرهاب إلی الدول الأخری، فلا معنی لهذه الممارسات سوی أنه يواجه أزمات مستعصية داخل إيران ويريد من خلال ذلک تصديرها إلی الخارج.

• هل يمکن الربط بين انسحاب مليشيات قاسم سليماني من الهجوم علی تکريت وعملية عاصفة الحزم؟

 
مواجهة بين عناصر الباسيج وشاب إيراني يتظاهر ضد النظام (الأرشيف)
هناک ربط منطقي بين الاثنين، حيث إن هذه التطورات تأتي في إطار فشل استراتيجية نظام ولاية الفقيه للتوسع والتدخل والهيمنة. يبدو أن مرحلة تراجع هذه الهجمة الشرسة بدأت بالفعل من توغُّل قاسم سليماني وقوات القدس والميليشيات التابعة لولاية الفقيه في أوحال محافظة صلاح الدين ومدينة تکريت تحديداً.
استراتيجية ولاية الفقيه کانت منذ الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات وحتی الآن مبنية علی استخدام الأمواج البشرية للتقدم في جبهات الحرب. ومع أن هذه الاستراتيجية قد ثبت فشلها في الحرب الإيرانية العراقية بهزيمة قوات الحرس والباسيج أمام هجمات قوات جيش التحرير الوطني الإيراني، لکن هذه العقلية المتخلفة ليست لديها آلية أخری في الحرب.
وهناک رسالة مترابطة أخری، وهي أن نظام ولاية الفقيه وقوات الحرس وقوات القدس التابعة لهذا النظام بالرغم من عربدته واستعراض عضلاته ومحاولة إظهار أنه نظام قوي ومقتدر، إلا أنه عندما يواجه الحزم ينتهي ويقف عند حده. وهذه الرسالة أهم رسالة يجب أن يأخذها الجميع في الاعتبار، وأعتقد أن عملية عاصفة الحزم أکبر نموذج لاستخدام هذه السياسة الصحيحة.

• هل ستتخلی إيران عن الحوثيين في رأيکم؟

نظام الملالي شعر بالحرية في التوغل في شؤون الدول الأخری خلال السنوات الماضية. خاصة بعد 2003 وسقوط النظام العراقي السابق وتقديم الأمريکان العراق علی طبق من ذهب لإيران.
من جهة أخری، هناک معلومات نشرتها المقاومة الإيرانية عن خطة نظام الملالي لـ 25 عاماً من خلال تدريب وتنظيم جماعة الحوثيين للاستحواذ علی اليمن من أجل مآربهم السلطوية في المنطقة وعلی حساب المملکة العربية السعودية. ولذلک الملالي لن ينسحبوا أو يتراجعوا بسهولة من مشروع تعبوا عليه ربع قرن.
اسمحوا لي أن أقول لکم ما يدور في بالي: بعدما قام الأمريکان بتجريد مجاهدي خلق من أسلحتهم، وبعدما شنَّت القوات العراقية التابعة للملالي هجمات قاتلة عدة مرات ضد مجاهدي خلق في العراق، فلا شک أن النظام يشعر أنه مبسوط اليد للقيام بأي جريمة ضد أي بلد عربي. إنکم تعرفون أن تدخلات الملالي والحرس في اليمن ليست وليدة يوم أو شهر أو حتی سنة. منذ سنوات قام النظام بتطبيق خطة متکاملة سياسية، أيديولوجية، عسکرية في اليمن. آلاف من اليمنيين نقلوهم إلی طهران وقاموا بتعليمهم مبادئ ولاية الفقيه ودرَّبوهم في المعسکرات، کما درَّبوهم في معسکرات واقعة في إريتريا وأرسلوا مختلف أنواع الأسلحة إلی اليمن.

• کيف يمکن قراءة الموقف الأمريکي الآن خاصة مع اقتراب المفاوضات من نهايتها، وهل للمعلومات التي يمتلکها الصحفي المنشق في سويسرا تأثير علی سير المفاوضات؟.

أعتقد أن المشکلة ليست مشکلة المعلومات لأن لديهم ما يکفي من المعلومات. المشکلة هي سياسة الاسترضاء والمسايرة مع نظام ولاية الفقيه. فإذا کانت الدول الکبری بحاجة إلی المعلومات فکما تعرفون المقاومة الإيرانية کشفت النقاب قبل أسابيع وفي خضمِّ المفاوضات عن موقع سري في شمال مدينة طهران العاصمة وفي مکان معروف بـ «لويزان الثالث» حيث يتم العمل فيه علی تخصيب اليورانيوم. وهذا ما يطرح السؤال: لماذا لم تطلب الدول رسمياً من المفتشين الذهاب إلی هذا المکان؟.
ونعتقد أن علينا نحن أبناء المنطقة أن نعمل من أجل مصالحنا وأمننا واستقرارنا، ويجب علينا ألا نتوقع من أحد أن يأتي لمساعدتنا. يجب علينا ونستطيع أن نقوم معاً يداً بيد ونقف في وجه هذه الهجمة الشرسة التي شنها نظام ولاية الفقيه علی الدول العربية. وتجرُّؤ هذا النظام يکمن في تقاعس الأمريکيين والغربيين عن القيام بواجبهم حيال دول المنطقة، ونحن بلا شک قادرون دون الأمريکان علی التخلص من نظام المتطرفين الحاکمين في طهران. وبصفتنا أبناء الشعب الإيراني وأبناء مقاومة کافحت من أجل حقوق الشعب منذ خمسة عقود، وفي وجه الملالي منذ أکثر من ثلاثة عقود. نقول لا شک أن هذا النظام استخدم کل ما في جعبته من المجازر والقمع والإعدام والتعذيب والاغتيال ومختلف صنوف التعذيب وعمليات الحرب النفسية ضد هذه المقاومة للقضاء عليها، لکنه فشل في ذلک. وفي هذه المعرکة الحامية بين المقاومة ونظام الملالي، الغرب أيضاً وقف مع النظام ضد المقاومة، حيث قامت الدول الغربية بإعطاء أکبر هدية لهذا النظام بوضع المقاومة في القوائم الإرهابية وتقييد نشاطها في المهجر. ولا يمکن هنا أن نذهب إلی تفاصيل الحملة الجبارة التي قمنا بها ونجحنا فيها بما يشبه الإعجاز؛ حيث أرغمنا جميع الدول، الولايات المتحدة الأمريکية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا وکندا، حتی تمکنا من شطب «منظمة مجاهدي خلق» و«المجلس الوطني للمقاومة» من القوائم الإهابية.
فإذا وقفت الدول العربية التي ذاقت الأمرَّين وضاقت ذرعاً من ممارسات هذا النظام، إذا وقفت مع المقاومة الإيرانية فلا شک أن نظام الملالي سيتراجع إلی عقر داره.

• تقدُّم ثوار سوريا في إدلب ودرعا أمس وقبله، کيف يمکن تقييمه الآن؟.
 

 أحوازيون خلال مظاهرة ضد حکام طهران (الأرشيف)

نحن المقاومة الإيرانية نعتبر أنفسنا في خندق واحد مع ثوار سوريا. وتقدمهم تقدمنا وانتصارهم انتصارنا. النظام الإيراني هو الذي يواجه الشعبين السوري والإيراني بالبطش والحرب والتنکيل والإبادة، ونظام بشار الأسد ليس سوی دمية يلعب بها نظام ولاية الفقيه. وهذا الکلام يقوله کثيرون من قادة الثورة السورية. معروف أن الحرب في سوريا ضد الثوار وضد الشعب السوري يقودها عناصر قوات القدس الإرهابية وعناصر حزب الشيطان الذي ليس سوی فرع من قوات القدس.
في رأيي، الانتصار الذي تحقق بفضل الله وبفعل صمود ومثابرة وتضحية أبناء الشعب السوري في درعا وفي إدلب، سيکون بإذن الله بداية الانتصار النهائي للثورة السورية ضد الطاغية الأصغر بشار الأسد والطاغية الأکبر خامنئي. هذه الانتصارات أثبتت عمق الثورة السورية وأحقيتها لأن النظام الإيراني جاء بکل ما لديه من قوة من قوات الحرس وعناصر حزب الله والموالين له من العراق واليمن وأفغانستان وغيرها، خاصة في معارک درعا، لکنه لم يحصد سوی الفشل وجرِّ أذيال الهزيمة.
نحن نتفاءل من عمق وجداننا النضالي بهذه الانتصارات بأنها بشائر نهاية هيمنة الملالي وقوات الحرس وقاسم سليماني علی سوريا.

• ما هي توقعاتکم عن المفاوضات بين القوی الکبری وإيران حول الملف النووي؟.

قبل کلّ شيء يجب التذکير بحقيقة تم تسجيلها في التاريخ، وهي أن هذه الأزمة الخانقة التي يواجهها نظام الملالي جاءت بسبب قيام المقاومة الإيرانية بکشف النقاب عن مشاريع النظام النووية عام 2002. وهذه الحقيقة المرّة يقولها اليوم جميع زعماء النظام ومنهم حسن روحاني؛ لأنهم کانوا يعملون سرّاً من أجل الحصول علی السلاح النووي لتطبيق وصية خميني. ويجب تسجيل حقيقة أخری أيضاً، وهي أن خميني عندما تحدث عن ضرورة الحصول علی السلاح النووي عام 1988 کان في حرب مع العراق وکان بصدد إسقاط الحکم العراقي آنذاک ليجعل من العراق منصة انطلاق للوصول إلی الدول العربية والإسلامية الأخری. وصرَّح خميني في خطاب ألقاه بمناسبة قبول وقف إطلاق النار، بأنه يجب الترکيز علی التوغل في المملکة العربية السعودية والوصول والسيطرة علی الحرمين الشريفين.
وفيما يتعلق بالمفاوضات النووية، نری مع الأسف أن الدول الکبری لم تحاسب نظام الملالي بشأن سوابقه في صناعة السلاح النووي.
ولأن هذا النظام يری في السلاح النووي ضماناً لبقائه في الحکم کما عبَّر عنه خامنئي قبل سنوات، فلا يمکن له التخلي عن هذا المشروع إلا إذا أدرک أن هناک موقفاً دولياً حازماً لمواجهته کي ينصاع للقرارات الدولية، لکن مع الأسف الشديد لا نری مثل هذا الحزم في الوقت الحالي. بالعکس تماماً نظام الملالي استغلَّ فرصة المفاوضات والشرعية التي أعطتها له الدول الکبری من خلال جلوسها معه من أجل توسيع دائرة هجومه وتدخله وسيطرته في الدول الأخری.

• هل تتوقع أن يأفل زمن حکام الملالي في طهران؟

الملالي بقوا في الحکم أکثر بکثير مما يستحقونه. إنهم اليوم أمام مشکلات لا يمکن لهم التخلص منها علی مختلف الأصعدة الداخلية منها والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، إضافة للمشکلات الإقليمية والدولية. أعتقد أن هذا النظام استنفد جميع مکوِّنات بقائه ولم يدع وسلية إلا واستخدمها من أجل ذلک، لکن يمکننا القول الآن إن مرحلة تراجعه بدأت، أولاً أمام أبناء الشعب الإيراني الذي يريد الحرية والديمقراطية ولقمة العيش التي يفتقدها ملايين من الإيرانيين. وثانياً فإن عملية عاصفة الحزم کانت رسالة حزم لتقول لا لنظام الملالي وتصرفاته وتدخلاته في الدول الأخری.
هناک بوادر تبشِّر بالخير، فالمقاومة الإيرانية استطاعت التغلّب علی جميع القيود التي وضعوها عليها في الغرب وأصبحت مستعدة للتقدم إلی الأمام بوتيرة أسرع. الشعب الإيراني لم يعد يطيق هذه الحالة، حيث هناک کل يوم مظاهرات وإضرابات بين مختلف شرائح الشعب. وأعتقد أن أکثر من ألف ومائتي إعدام منذ أن جاء روحاني خير دليل علی مأزق هؤلاء الحکام، کما أنه يدل علی حيوية الشعب الإيراني رغم هذه الإعدامات التي يراد منها بث الرعب في نفوس الشعب. کما أن تغلب المعارضة السورية علی الصعاب وبداية المرحلة الجديدة في تصديها للنظام أيضاً يحمل بشائر خير. وفي العراق فإن فشل استراتيجية الملالي وحرسهم في معرکة تکريت معناه أن هذا النظام دخل مرحلة التراجع وبات في حالة الدفاع، وجاءت عملية عاصفة الحزم لتزيد من المأزق الإيراني، نقول إن مرحلة سقوط ولاية الفقيه بدأت بالفعل. «إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً».

زر الذهاب إلى الأعلى