العالم العربي

غباء الثعلب المعزول حرق ابنه!

 



الشرق الاوسط
30/3/2015

 
مع أن أکثر من نصف جسم الرئيس اليمني المعزول علي صالح محروق، إلا أنه العقل المدبر وراء الفوضی التي تهب علی اليمن منذ أشهر وحتی اليوم، متحالفا مع جماعة الحوثيين الموالية لإيران. الثعلب صالح خانته نباهته، ولم يستوعب بعد أن قطار الحکم فاته يوم خرج آلاف اليمنيين يطالبون بإنهاء حکمه السيئ الذي دام نحو أربعين عاما، ولم يتبق له شرعية أو مصداقية. ومثلما احترق في الثورة، يتسبب الآن في حرق المستقبل السياسي لابنه البکر أحمد، الذي سير من أجله المظاهرات في صنعاء قبل أسبوع يدعو اليمنيين إلی تتويجه.
والذي حرق طبخة صالح التآمرية، تسريب تفاصيل الرسالة السرية التي بعث بها سابقا مع ابنه أحمد لوزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان. وسبب تسريب الرسالة خروج صالح علی تلفزيون يمني بعد بدء قصف التحالف علی قواته، زاعما أنه کان دائما مع الحل السياسي، وألا مطامع له أو أفراد أسرته في الحکم، مدعيا الحياد والوطنية. ظهر مثل الحمل الوديع أمام الشعب اليمني، متبرئا من الانقلاب والحرب التي هو سببها. کذبه دفع الرياض إلی تسريب تفاصيل الرسالة السرية التي أرسلها مع ابنه أحمد لوزير الدفاع الأمير محمد. ذکر تقرير تلفزيون «العربية» کيف أن صالح، وقبل يومين من شن الهجوم العسکري بقيادة السعودية، أرسل ابنه يساوم السعوديين علی صفقة: مستعد أن يقف معهم ويبيع حليفه الحوثي، مقابل سلسلة مطالب، کلها شخصية له. طلب رفع عقوبات مجلس الأمن المفروضة عليه، مثل منع السفر وتجميد ثرواته في البنوک اليمنية والخارجية، وکذلک السماح لابنه بالحکم. الکشف عن الرسالة کان هدفه التوضيح للشعب اليمني أن «هذا صالح وهذا ما ساومنا عليه»، وعدم تلبية مطالبه الشخصية فيه ابتزاز بأنه سيکمل تحالفه مع الحوثيين للاستيلاء علی الحکم علی کل اليمن، وتخريب العملية الانتقالية التي رعتها الدول الخليجية والأمم المتحدة. السعودية رفضت الصفقة ونفذت الحملة العسکرية.
في الماضي، کنا نصف صالح بأنه ثعلب اليمن، وهو کان يقول عن نفسه «حاوي الثعابين»، لأنه حکم البلاد لعقود بالدهاء، وليس بالمؤسسات، حتی انتفض ضده الشعب اليمني في عام 2011. لم يقبل بالتنحي إلا مجبرا، محروقا في انفجار استهدفه في المسجد. وعندما عاد من السعودية التي عالجته، تآمر عليها، وتحالف مع خصومها الإيرانيين، وجماعتهم الحوثيين، ليتسبب في انفجار الأوضاع المحلية، وتخريب اليمن، وتهديد أمن الشرق الأوسط، ودفع الخليجيين للتصادم مع إيران.
فشل دهاء صالح في إغراء السعوديين بالصفقة، فهم يعرفون الثعلب المحتال شخصا وتاريخا لسنين طويلة، وقرروا أن الأفضل لهم وللشعب اليمني السير في مشروع المصالحة، والحل السياسي الذي تبنته الأمم المتحدة، لأنه الضمانة الوحيدة لکل اليمنيين، وليس لصالح وابنه فقط. وکان أيضا هو الخيار الأفضل لصالح لو فکر بتعقل، فالانخراط في المصالحة، بدلا من تخريبها، من أجل استقرار اليمن، کان سيجعله أبا يحتکمون عنده، ويعزز مستقبل ابنه أحمد الذي کان يمکن أن يکون أحد الزعماء المحتملين لقيادة البلاد مستقبلا.
غباء الثعلب المعزول حرق حاضره ومستقبل ابنه. فهو أخفق في حساب ردة الفعل السعودية منذ البداية. دهاؤه الشرير قاده إلی استخدام الحوثيين، لأنه کان واثقا أنهم، مثل «حزب الله» في لبنان، يستطيعون أن يغتالوا ويدمروا ويحتلوا ويلغوا الشرعية ولن يردعهم أحد، فيما هو يقوم بنقل الحکم لنفسه وابنه. إنما فاجأته سياسة الحزم السعودية، واکتشف أنها أکثر دهاء وحکمة مما تصوره. فقد راهن صالح علی أن أي عمل عسکري خارجي ضده شبه مستحيل، فالاختلاف الخليجي الخليجي سيفشل أي تعاون، وأن الأميرکيين لن يقبلوا بالتدخل السعودي حتی لا يغضبوا الإيرانيين، وهم يفاوضونهم نوويا في سويسرا. بوغت صالح بأن الرياض رتبت ضده واحدة من أفضل العمليات العسکرية والسياسية والقانونية. حملة «عاصفة الحزم» جمعت عسکريا القطريين مع الإماراتيين، وحصلت علی دعم المصريين مع تأييد الأتراک، ورأی کيف أن الأميرکيين سارعوا مؤيدين علانية، حيث هاتف الرئيس الأميرکي العاهل السعودي الملک سلمان مؤيدا، وقدموا خدماتهم الاستخباراتية واللوجيستية. وتحولت القمة العربية إلی مؤتمر مؤيد بأغلبية ساحقة للحملة، وتم الاحتفاء بشرعية الرئيس هادي، الذي جلس أمام العالم علی کرسي رئيس اليمن، وألقی کلمة عن الشعب اليمني. هذا کله يجري في وقت اختبأ فيه الثعلب صالح هاربا من العمليات العسکرية التي استهدفت قواته، ومختفيا عن القبائل التي تطارده للقبض عليه وتقديمه للمحاکمة بعد أن خرق عهود المصالحة وضمانات الحصانة.

زر الذهاب إلى الأعلى