أخبار إيران

الحرس الثوري الإيراني يقود المعارک في سوريا

 



القدس العربي
25/2/2015


 


 
من القتال تحت الراية الحمراء والمنجل والمطرقة، الی القتال تحت راية الله، انتقل عباس عبد الله عبد الهي من افغانستان، الی الاتحاد السوفياتي، ثم الی ايران، ومنها الی لا يعلم الا الله، ليقتل في صفوف الحرس الثوري يوم الثامن من شباط/فبرايرالماضي في منطقة دير العدس في جنوب سوريا.
حين اصطدم مقاتلو الجيش الحر في جنوب سوريا بالقوات المهاجمة کانوا بحالة عسکرية قاسية، هي المرة الاولی التي يواجهون عدوا بهذه التقنيات العسکرية المتطورة، ربما اکثر ما انهکهم هو عمليات التقدم والانسحاب المتواصلة التي نفذتها القوات المهاجمة، کر وفر، ولا يعلم المقاتلون السوريون لماذا تنسحب هذه القوات المهاجمة، فينقضون علی المواقع التي اخليت، ليجدوا انفسهم مجددا في حالة دفاع، ويضطرون الی الانسحاب تحت وطأة الهجوم المباشر.
هکذا کانت منطقة دير العدس تسقط ثم تستعاد، تنهار الجبهة، ثم تعود الی الصمود، فتنهار مجددا.
في يوم السابع من شباط/فبرايرالماضي بدأت العمليات العسکرية فجرا، باغت المهاجمون الثوار السوريين في عمليات تسلل ليلية، ما لبثت ان تحولت الی اختراقات لصفوف الدفاع، في النهاية سقطت المناطق المستهدفة.
الا انه في يومي السابع والثامن من شباط/فبراير حدث شيء ما لعب لمصلحة الثوار السوريين، شيء ما ادی الی حد قليل من الخسائر البشرية، لم تتجاوز الخسائر الثلاثين قتيلا من الجانب السوري المدافع.
في الجانب الاخر کان ثمة خسائر کبيرة، کانت الجثث متوزعة علی الارض بين الاوحال، کما يروي عدد من المقاتلين المشارکين في المعارک، وکما تشير العديد من الصور المتجمعة لهذه المعرکة.
هي معرکة مثلث ريف دمشق – القنيطرة – درعا، کان الهدف المعلن هو الوصول الی خط التماس مع اسرائيل عبر الجولان السوري المحتل، وکانت الدعاية تقول بان من يقاتل بوجه الجيش السوري وحليفه حزب الله هو ميليشيات عميلة لاسرائيل، اهمها جبهة النصرة، بينما الوقائع علی الارض تشير الی ان المعرکة اکبر من ذلک.
کانت اهداف المعرکة متعددة:
1- الوصول الی الحدود مع الاردن، وتشکيل تهديد للاردن ومن خلفه الخليج عبر المزيد من تطويق دول الخليج لکبح دورها في سوريا.
2- الوصول الی التماس المباشر مع اسرائيل، وضع هذا التماس في خدمة «حماية المفاوضات النووية الايرانية الغربية».
3- ضرب الامل الاخير للثورة السورية المتمثل بالجبهة الجنوبية، حيث باتت التشکيلات هناک تقترب من التوحد ميدانيا، وتخوض معارکها بنجاح واخرها کان معرکة الشيخ مسکين والفوج 82، وخلق فراغ امني في المنطقة يسمح بتقوية جبهة النصرة ودخول داعش الی الجنوب السوري.
4- حماية العاصمة السورية ومنع امداد تشکيلات الجيش الحر هناک بحاجاتها لمواصلة صمودها.
استعدادات وقيادة
يروي قادة من الجبهة الجنوبية، وخاصة نائب قائد الجيش الاول ابو اسامة الجولاني وقائد الوية سيف الشام ابو صلاح کيف کانا يراقبان استعدادات النظام السوري وحزب الله وحشوداتهما في اکثر من منطقة، الجيش السوري انحصر عمله في مدينة الصنيمين، بينما توزعت اعمال حزب الله اللبناني علی عدة محاور.
کانت القوات الايرانية هناک، معها سحنات غريبة اخری، التشکيلات القتالية في الجبهة الجنوبية کانت مستعدة لمعرکة اخری، ولکن من ضمن ما خبرته سابقا من معارک.
في تلک المرحلة کان بطل قصتنا عباس عبد الهي موجودا في بعض المواقع المتقدمة، کان الرجل، القائد الميداني في الحرس الثوري الايراني موجودا بشکل رئيسي في معسکر تل الهوی شمال القنيطرة حيث غرفة العمليات الرئيسية للقوات الايرانية واللبنانية، والی جانب عبد الهي کان يتواجد المئات من مقاتلي حزب الله اللبناني واخرين من الحرس الثوري، وفي نبع الفوار في الريف الشمالي الشرقي للقنيطرة احتلت القوات الايرانية مرکز قوات مراقبة الهدنة التابعة للامم المتحدة، وحولته لثکنة مشترکة مع مقاتلي حزب الله، وهناک وقف عبد الهي مع شبان لبنانيين ليلتقط الصور التذکارية، وينتقل بعدها الی عدد من الجبهات کعقيد حرس، مهمته الادارة الميدانية للقوات العسکرية في المنطقة.
کانت القيادة قد انتقلت الی القوات الايرانية بشکل کامل، والاستعدادات اصبحت مهمة القوات الايرانية واللبنانية وعزل ضباط الجيش السوري عن العمل، وفي تلک الفترة ايضا قتل جهاد مغنية من حزب الله اللبناني وعدد من ضباط الحزب وجنرال ايراني هو قائدهم الفعلي.
القيادة الايرانية وتهميش القوات السورية خلف تململا بين ضباط النظام السوري، وان کانت الصور تظهر عبد الهي مع عدد من الضباط السوريين، الا ان المهمام الموکلة الی هؤلاء اقتصرت علی الاسناد الناري دون المشارکة في ادارة غرفة العمليات او في قيادة العمليات العسکرية.
رحلة عبد الهي
قبل أيام قليلة من معرکة المثلث يکتب عباس عبد الهي في دفتره العسکري ملاحظاته للعمليات:
بسمه تعالی
1- ديرالعدس: – من الشمال للإستقدام الأسلحة الثقيلة – من الشرق حتی النهر للإستقرار القوات – من الغرب والطريق المؤدي الی کفر ناصر البيوت والطرق – من جنوب ديرالعدس إنزال قوات لمحاصـــرة والإلتفاف علی ديرالعدس
2 – کفر شمر او کفر شمن: – من الجنوب وداخل النهر ومزارع الدواجن الی جانب طريق ام العوجة. – من الجنوب في البيوت التي تقع بين النهر ودير العدس – من الشمال طريق لمحاصرة ودعم تل عنتر تفتيش وتمشيط البيوت المهجورة التي تقع اطراف مقرات الجيش.
ثم ينطلق العقيد في الحرس الثوري عباس عبد الهي الی القتال ليقود قواته من علی دراجة نارية، ويرافقه علی دراجة نارية اخری ضابط اخر في الحرس الثوري يدعی علي سلطان مرادي.
کانت القوات المدافعة متشکلة اساسا من الجيش الاول، والوية سيف الشام والوية الفرقان، وهي المنتشرة تقليديا في المنطقة الواقعة في خط الهجوم المدون علی دفتر عباس عبدالهي. وفي اليوم التالي للهجوم وبقيادة عبد الهي، الذي کان القائد الميداني الاول للعمليات الميدانية کما ستظهر المعلومات اللاحقة لدی الجبهة الجنوبية اصطدم عبدالهي ومرادي وجنودهما الايرانيين واللبنانيين بقوة منسحبة بشکل خاطئ من الجيش الحر، لم يکن من المفترض ان يتواجد حيث يقف عبد الهي ومرادي قوات للجيش الحر، ادی الاشتباک الی مقتل اغلب العناصر المرافقة لعبد الهي ومرادي، وهم عشرون من الايرانيين واللبنانين، وجرح البقية.
الثوار من ناحيتهم استغربوا وجود مقاتلين من القوات الاجنبية علی دراجات نارية، وعلی الرغم من ان لا شارات تميز الضباط عن الجنود، الا ان الدراجات النارية غير المعتادة، وهي ليست من الصناعات الصينية المألوفة في سوريا، اضافة الی السحنات الاجنبية جعلت المقاتلين يسحبون الجثتين، ويترکون باقي الجثث والجرحی لمصيرهم.
وصف اعلام الجبهة الجنوبية ما حصل لاحقا بالکمين، کما وصف الاصطدام بـ 43 مقاتلا اخرين في موقع قريب والاشتباک معهم وابادتهم بالکمين ايضا.
لم يعد الثوار يضيعون وقتهم في المعارک بتفتيش الجثث، فهم باتوا معتادين علی ان القتلی لا يحملون اية هويات او اغراض شخصية الا في ما ندر، والمقاتلون من حزب الله ومن الحرس الثوري يحملون بطاقات ممغنطة تحمل معلوماتهم الشخصية، ولکن لا يمکن قراءتها الا عبر قيادة قواتهم.
هذه المرة کان عبد الهي يحمل معه اضافة الی دفتره بعض المتعلقات الشخصية التي سمحت للجبهة الجنوبية بالقول انها تواجه الاحتلال الايراني، وانها تقاتل بوجه الحرس الثوري، وان قيادة العمليات هي للحرس الثوري، وان الافغان کما اللبنانيون والسوريون ما هم الا وقود للمعارک، بينما الادارة والقيادة متروکة بالکامل للحرس الثوري.
وشکلت الجبهة الجنوبية غرفة الاعلام العسکري، التي فرضت صمتا لمدة يومين کاملين اثر المعرکة، ثم عينت الجبهة الجنوبية الرائد عصام الريس کناطق رسمي وحيد باسم الجبهة، ووزعت غرفة الاعلام العسکري علی قلة من الصحافيين العرب والاجانب بعض ما لديها عن قيادة الحرس الثوري للمعارک ما سمح بکتابة هذه القصة ونشر الصور الخاصة.
واعطيت جثة عباس عبد الهي الی الوية الفرقان لتهتم بدفنها، بينما بقيت جثة علي سلطان مرادي لدی الجيش الاول في الجبهة الجنوبية.
الإثبات الأول
وبعد التدقيق في المعلومات يمکن القول انها المرة الاولی التي يمکن اثبات مشارکة وقيادة الحرس الثوري للعمليات العسکرية الهجومية في سوريا مباشرة.
فعادة ما کانت القيادة الايرانية تقول ان لها نفوذ، ولکن يتم نعي المقاتلين والضباط الايرانيين بشکلين: الاول حين يتعرضون لضربات اسرائيلية، في دمشق او غيرها، فيقال انهم ضباط يسلمون السلاح الی المقاومة في لبنان، والثاني حين يقتلون في المعارک ضد الجيش الحر فتقول القيادة الايرانية انهم متطوعون ايرانيون وضباط سابقون في الحرس الثوري، ذهبوا لمواجهة التکفيريين في سوريا، وسبق لهيئة الاذاعة البريطانية (BBC) ان انتجت وثائقي مبني علی لقطات صورها ايرانيون قتلوا في کمين للجيش الحر في شمال سوريا من عامين، ولکن يومها قيل ان هؤلاء خبراء يساعدون في تدريب القوات السورية وتشکيل جيش الدفاع الوطني. اما اليوم، ومع کل المواد التي توفرت حول عباس عبدالهي، وعلي سلطان مرادي، وصورهما ودفتر العمليات، اضافة الی تقاطع المعلومات حول توجه مجموعة من الضباط الايرانيين واعتقال 12 من الضباط السوريين من الفرقة التاسعة في الصنيمين واعدامهم ميدانيا يوم الحادي عشر من شباط/فبراير، اي بعد ايام قليلة من خسارة المعرکة في المثلث الجنوبي، کل ذلک يفيد بان قيادة الحرس الثوري للعمليات في سوريا هي ادارة مطلقة.
فداء عيتاني

زر الذهاب إلى الأعلى