حديث اليوم

هل تعتبر «نظرة متجهة إلی الشرق» دواءا شافيا لداء النظام الإيراني؟

 


 


نظام الملالي محاصر بين مطرقة التحالف العالمي في المنطقة وسندان العقوبات المفروضة عليه. بحيث أن وسائل الإعلام التابعة للنظام محفوفة بالخوف من ستراتجية اتخذها التحالف العالمي و من تداعياتها التي ستسبب في انهيار نظام بشار الأسد الدامي الذي کان حجر الأساس لستراتجية النظام الإيراني للاحتفاظ بکيانه. وصرحت صحيفة «ابتکار» الحکومية في افتتاحيتها الصادرة في 1تشرين الأول/أکتوبر قائلة :«الهدف الرئيسي ليس داعش وإنما هو النظام الإيراني وجبهته»
وفي ظل هذه الظروف، ليست مسألة التحالف العالمي تشکل وحدها مصدر الخوف الخوف في قلوب الزمر الحکومية بل وفي مثل هذه الظروف تتعرض إحدی الرکيزتين الرئيسيتين لبقاء النظام الإيراني للتدمير وهذا ما تذعن به السلطات ووسائل الإعلام للنظام الإيراني قائلين إن تجرع کأس السم النووي سيترک أخطارا علی نظام ولاية الفقيه لأنه وبالانسحاب من إنتاج القنبلة النووية، سيفقد النظام الرکن الثاني لبقاءه وهذا يعد انتحارا بالنسبة له.
والسؤال المطروح هو أنه لماذا يواصل النظام الإيراني لعبة المفاوضات متزامنا مع متابعته الحلم النووي؟ الجواب : إن المعنی الواضح للتمسک بالحلم النووي هو شد حبل العقوبات فضلا عن أزمات مستعصية أخری مما جعل النظام الإيراني عرضة للخناق. ومن هذا المنطلق، نلاحظ انطلاق حملة في ماکينات الإعلام للنظام الإيراني للإعراب عن الخوف من تداعيات فشل المفاوضات النووية في نيويورک.
والآن أصبح النظام الإيراني يتشبث بکل حشيش من أجل الخروج من هذه الورطة لکنه لا يجد مخرجا أمامه البتة. ولذلک وعلی الرغم من علمه بأن إجراءاته لاتفيد فائدة لکنه يحاول أن يبعث الهدوء في قلوب المهمومين للحيلولة دون تساقط المزيد من عناصره. ومن هذه الإجراءات هو سياسة تدعی بــ« نظرة متجهة إلی الشرق». في ضوء هذه السياسة يحاول النظام الإيراني أن يوحي باللجوء إلی التعامل مع الشرق لاسيما روسيا في حين امتنع الغرب عن التعامل مع النظام الإيراني ولم يصل روحاني في نيويورک إلی نتيجة مرجوة إلا وأنه تلقی صفعة علی وجهه وعنقه من قبل أمريکا ورئيس الوزراء البريطاني ووزير الخارجية الفرنسي. ولربما هذه السياسة تؤتي أکلها! وجدير بالذکر أن روسيا قد تعرضت للعقوبات المفروضة عليها من قبل الغرب وأمريکا وهذا يذکرنا بمثل شهير يقول: «المصابون بداء الجذام يمکنهم أن يحک بعضهم ظهر البعض» ولافت للنظر أن الذين يحاولون تقديم السياسة هذه علی المستوی الإعلامي لکنهم وفي الوقت نفسه ينفون السياسة بينما يتجلی اليأس والمستحيل في تصريحاتهم. وعلی سبيل المثال، أحلف «نهاونديان» رئيس مکتب الملا روحاني في برنامج بثته هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني بأن لقاء الملا روحاني مع «بوتين» لم يکن شرفيا بل إنه «أنجز مکاسب جادة مما أدی إلی توافق الطرفين علی ترقية العلاقات الاقتصادية ورفع أبعاد التبادلات بين الطرفين في مستقبل قريب». لکن رئيس مکتب الملا روحاني لم ينبس ببنت الشفة عن کيفية هذه العلاقات الاقتصادية وترقيتها بأضعاف بينما لم يقل عما تعالج هذه العلاقات – إن کانت قد أنشئت- من مشاکل يواجهها النظام الإيراني. واسترضاءا للغرب وأمريکا ولکي لايأخذان بهذا التأويل، أضاف «نهاونديان» قائلا:« وفي الوقت نفسه نواصل المفاوضات علی محمل الجاد»
وقد فتت الصحف الحکومية في عضد العلاقات والتبادلات الاقتصادية التي أشار إليها رئيس مکتب الملا روحاني. وعلی سبيل المثال کتبت صحيفة «جهان صنعت» التابعة لزمرة روحاني قائلة: « في تجارب جربناها خلال العلاقات الاقتصادية مع روسيا، تعتبر نسبة التصدير 10 بالمائة بينما يبلغ العدد عند الاستيراد 90 بالمائة. ومن الواضح أن سوق روسيا لا تمتلک تجاذبات السلع المصدرة من إيران» وأضافت الصحيفة إلی أن سائر التصريحات بشأن الصفقات الفنية والهندسية والـــــــــــخ ، يبقی کلاما فارغا فحسب (الأول من تشرين الأول/أکتوبر)
وکررت سائر العناصر والصحف للنظام الإيراني هذه النقاط لکنهم علی طريقتهم الخاصة. ومن جملة هذه التصريحات أکد «بخشايش» العضو في لجنة الأمن لدی برلمان النظام الإيراني علی أن روسيا لم تکن حليفة موثوقة بها علی الإطلاق وإنها تبيعنا للغرب وأمريکا في حال اقتضاء سياساتها وإضافة إلی ذلک أن «روسيا لاتمتلک السعة لتحتل محل الغرب في علاقات إيران الخارجية»
لکن الحقيقة التي تبعث الخوف في داخل نظام ولاية الفقيه هي تذهب أبعد من الموضوع الاقتصادي ومن هذا السؤال بأن روسيا يمکنها أن تحتل محل الغرب من الناحية الاقتصادية أو السياسية؟ وبغض النظر عن أن سياسة «نظرة متجهة إلی الشرق» لاتضيء ضوءا لنفق الخوف المظلم للنظام الإيراني لکن الحقيقة هي أن النظام الإيراني استهلک کافة مخزوناته الستراتجية. وفي ظل هذه الظروف وبصرف النظر عن سياسة النظر الی الشرق حتی ولو بقدر بصيص من النور في نفق الخوف المظلم الذي يعيشه النظام حتي وإن کان من المفترض وفي أحلام رفسنجاني أن يدعم الغرب وأمريکا بجانب روسيا والشرق للنظام الإيراني وإن يتساقط الذهب من السماء مثلما قاله جواد منصوري أحد بيادق النظام لکنه لاتنفرج أزماته المستعصية بينما لا يمکنه أن يحل عقدة من الجيش الکبير المتزايد للعاطلين عن العمل وجيش الجياع الضائقين ذرعا بأعماله وموجة الأزمات الاقتصادية الاجتماعية. خاصة وإنه يواجه مقاومة منظمة قوية تصطف أمامه منذ 3عقود وباءت کل محاولات وجرائم ومزايدات سياسية من أجل القضاء عليه بالفشل والآن أصبح معنی المقاومة نفسها ، هو إسقاط نظام ولاية الفقيه. فلذلک يجب أن نعطي الحق لقادة نظام ولاية الفقيه أن يقوموا بزوبعة في فنجان وأن يضربوا علی جدار مأزق يواجهونه بعد 3عقود من مواجهتم المقاومة الإيرانية.

زر الذهاب إلى الأعلى