أخبار إيران

ايران: انتصار اضراب عمال حجر الحديد نموذج لکل العاملين الايرانيين الکادحين المساکين والمنهوبين

 

 

 

 

 
16 يوما من الاضطراب و16 يوما من المضايقات والضغط والتهديدات من قبل قوات الأمن و 16 يوما من الصمود والمقاومة أعطت أکلها في نهاية المطاف عندما خضع مدراء نظام الملالي للتراجع أمام مطالب العمال في منجم بافق. فتم اخلاء سبيل 8 عمال اعتقلوا ومن المقرر اعادة 28.5 بالمئة من الأسهم المنهوبة لعمال المنجم اليهم من جديد. وکان العمال علی طول کل هذه الأيام الـ16 في کل ساعاتها تحت الضغوط والتهديدات التي کانت تطلقها وزارة المخابرات سيئة الصيت والادعاء العام والسلطة القضائية للنظام وقوی الأمن الداخلي والوحدة الخاصة ولواء الغدير لقوات الحرس في محافظة يزد وامام جمعة بافق وغيره من المسؤولين للنظام في هذه المحافظة بقضهم وقضيضهم بالاضافة الی منظمة الخصخصة ووزارة صناعة المناجم والتجارة ووزارة العمل والکثير من المؤسسات العلنية والسرية للنظام. فضلا عن ذلک کانت وسائل الاعلام والصحف المحلية والمواقع الالکترونية الحکومية کل علی حدة ناشطة بهدف تثبيط العزم لدی العمال وعوائلهم. غير أن هذه الجبهة الواسعة أمام العزم الراسخ للعمال والتضامن معهم قد ذهبت جفاء مثل الزبد.
لماذا؟
خلفيات مواجهات العمال المساکين في منجم بافق مع النهابين الحکوميين
منجم حجر الحديد في بافق بدأ عمله في عام 1971 حيث کان يجهز صناعة الفولاذ وصهر الحديد في اصفهان وغيرها من نقاط ايران بمواد الخام. النظام وفي عهد الملا خاتمي قام في عام 2000 بخصخصة المنجم لمزيد من نهب المنجم غير أنه واجه مقاومة العمال وتراجع عن ذلک. في عام 2006 حيث ارتفع سعر خامات حجر الحديد علی المستوی العالمي بشکل ملفت بدأ تسويق الخامات من هذا المنجم الی الخارج مما تسبب في صب عوائد طائلة لأصحاب المنجم الرئيسيين. في عام 2011 وفي عهد الحرسي احمدي نجاد هذه العوائد الکبيرة أثارت حفيظة النهابين الحکوميين أکثر من أي وقت آخر بهدف ابتلاع هذه العوائد من خلال خصخصة المنجم. الا أنهم واجهوا مرة أخری اضرابا للعمال فاضطروا الی التراجع وبات هذا المشروع المعادي للعمال مسکوتا. منذ  شتاء العام الماضي عاودت عصابة الملا روحاني نشاطاتها وبوتيرة أعلی لابتلاع عوائل المنجم لکي تسلم 28.5 من أسهم المنجم الی صندوق التقاعد لمؤسسة فولاد خوزستان تحت عنوان شرکة أهلية ولکنها قوبلت اضرابا للعمال دام 39 يوما في ربيع هذا العام فاضطرت الی التراجع مرة أخری. انهم أطلقوا سراح العمال المعتقلين وأعلنوا أنهم سيحلون المشکلة. ولکن خلال أقل من شهرين أصحاب المنجم الجدد وبفضل تملکهم أحکاما من قبل السلطة القضائية المجرمة للنظام الإيراني، أقدموا علی اعتقال 8 أشخاص من العمال بينما أعلن رئيس منظمة الخصخصة للنظام قائلا:« سيتم تفويض منجم حجر الحديد في مستقبل قريب وهذا أمر يحقق لامحالة» وجدير بالذکر أن نظام الملالي يقوم بمثل هذه الخصخصة بين حين وآخر ولايتمخض عنها إلا فصل عدد کبير من العمال عن العمل مما أثار غضب العمال وتسبب في اندلاع احتجاجات عمالية واسعة.
وجدير بالذکر أن العمال ولاسيما بعد ارتفاع أسعار حجر الحديد لم يتمتعوا بالعوائد الهائلة لهذا المنجم منذ عام 2006 حتی الآن. ورغم أن العمال الــ5000 لمنجم بافق يؤدون دورا حاسما للأوضاع الاقتصادية لمدينة بافق التي تحتضن 50 ألف نسمة لکن المدينة محرومة من أبسط مستلزمات المعيشة المدنية.
وکتبت وکالة أنباء «مهر» الحکومية في شباط/فبراير 2014 قائلة :«بحسب المواطنين، لايربح أهالي بافق من المنجم کثيرا ولو لم يکن المنجم موجودا لکنا ننعم بمدينة أفضل من هذ حيث نری شخصين ونصف شخص عاطلين عن العمل إزاء کل شخص يعمل في المنجم بينما دمرت المحاصيل الزراعية ولم يبق للمواطنين إلا تلوث الهواء»
ولم تتمکن تهديدات مدراء النظام الإيراني من الاخماد والتستر علی احتجاجات عمالية اندلعت إثر فصل العمال من العمل لکنها تسببت في زيادة حالات الفقر لدی عوائل العمال. حيث أن العمال الضائقين ذرعا بهذا الفقر أضربوا عن العمل منذ 18آب/أغسطس وبعثوا برسالة قوية إلی نظام الملالي مؤکدين علی أن فترة النهب المنفلت قد انتهت قائلين له : أخرج أياديک الملوثة من جيوب وبلاعيم العمال!
وجدير بالذکر أن ستراتجية نظام ولاية الفقية قائمة علی النهب والتدمير بشکل منفلت في کل مکان توجد فيه مصالح اقتصادية. ولذلک لا يستثني منجم حجر الحديد في مدينة بافق من هذا النهب الذي شعره العمال وعوائلهم وأهالي بافق حتی النخاع. لکنهم بادروا إلی الإضراب عن العمل منذ 18آب/أغسطس بإراداتهم الصلبة وأقاموا الاعتصام أمام قائممقامية مدينة بافق ولم يتنازلوا عن مطالبهم رغم وجود عنتريات أطلقتها 11 مؤسسة حکومية علی الأقل. ولافت للنظر أن المقاومة الإيرانية نقلت صوت صمود ووقوف العمال إلی أرجاء العالم بينما دعت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلی التدخل والدعم للعمال. واستجابة لدعوة السيدة رجوي، أعرب الاتحاد الدولي للصناعة والذي ينتمي إليه 50 مليونا من العمال في 141 بلدا في العالم عن دعمه للعمال المقاومين لمنجم بافق. وکذلک أضرب عدد من السجناء السياسيين في سجن «کوهردشت» عن الطعام تضامنا مع العمال کما ناهضت نقابة مصحلة نقل الرکاب وسائر المؤسسات المستقلة العمالية من أجل دعم عمال منجم بافق.
لکن في المقابل إن دعم المقاومة الإيرانية للمطالب الحقة لعمال منجم بافق أثار حفيظة الزمر الحکومية حيث کتبت موقع «بافق نيوز» التابعة لزمرة الخامنئي قائلا:« متزامنا مع استمرار الجولة الثانية لإضراب عمال منجم بافق عن العمل، قدمت مريم رجوي تحية لآلاف العمال المضربين عن العمل والعمال المعتقلين وعوائلهم وکذلک المواطنين الواقفين بجانبهم. وهذا الحدث أثار قلاقل بشأن تواصل الحرکة الاحتجاجية حيث نهضت حرکات من أجل إنهاء هذه الاعتصامات… عندما نسيء إمام الجمعة أمام المرأی العام والذي يأخذ أوامرها مباشرة من الولي الفقيه، وعندما نسيء المحافظ والقائممقام الذين يعملان بأمر من رئيس البلاد، وعندما نقوم بزعزعة الأمن والتوتر في المدينة وإقامة التجمعات بشکل يومي فسرعان ما تدعم زعيمة مجاهدي خلق لهذه الحرکات الاحتجاجية لأن مهمتهم ليست إلا انعدام الأمن والاستقرار للنظام الإيراني»
لکنه لم تؤثر توجعات الولي الفقيه، علی جماعات بلطجية مسماة بــ« لجان مذهبية» حيث کتب موقع «بافق نيوز» قائلا:« ردا علی الموضوع وفي حرکة ناشطة أدانت اللجان المذهبية التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لمدينة بافق مطالبة بإنهاء المسألة وإعادة العمال إلی عملهم في المنجم»
ولاداعي للقول بأن نظام الملالي وکافة زمره ومؤسساته الحکومية قد فشلوا أمام تحالف وإرادة العمال وصمودهم. وعلی الرغم من إخلاء سبيل العمال المعتقلين لکنه ونظرا إلی أن النظام الإيراني قائم علی النهب والسلب وتخريب المصادر الإقتصادية للبلاد، أعلن العمال الواعون لمنجم حجر الحديد في مدينة بافق بأنهم يواصلون إضرابهم عن العمل واعتصامهم أمام مبنی محافظة مدينة «يزد» حتی الحسم النهائي لمسألة إعادة 28.5 بالمائة من الأسهم المنهوبة للعمال وإلغاء إيداعها إلی الزمر الحکومية. ولافت للنظر أن التجربة الناجحة للعمال المناضلين لمنجم حجر الحديد في مدينة بافق، أصبحت نموذجا وقدوة لکافة العمال الکادحين المساکين والمنهوبين.

 


 

 

زر الذهاب إلى الأعلى