مقالات

معلمتنا الشجاعة مريم رجوي

 


 


 موقع السوسنة
12/3/2014


بقلم:سعاد عزيز


 لاتوجد مهنة أسمی و أعلی کعبا من مهنة التعليم، لأنها تعني ديمومة و استمرارية العطاء الثقافي و التربوي للإنسان و اللذين يشکلان القاعدتين الاساسيتين للحضارة الانسانية، وتسمو هذه المهنة و تحيط بها هالة من القدسية عندما يکون للمرء معلما ناطقا فصيحا ذرب اللسان و لين العريکة حتی تجد نفسک و روحک مطواعة و منقادة لما يلقيه عليک من جعبته الثرة، وهذا کان حالي و حال معظم الاخوات العربيات و المسملمات اللائي شارکن معي علی مدار يومي الاول و الثاني من مارس/آذار الجاري، في مؤتمرين دوليين للمرأة في باريس، عندما کنا أمام معلمة و مربية و قائدة النساء الشجاعة مريم رجوي.
في المؤتمرين اللذين خصصا للتصدي لظاهرة التطرف الديني و دور المرأة في مواجهته، إنشدت الوفود النسوية التي حضرت في المؤتمر من مختلف بلدان العالم من خمس قارات، وقد کان قياسا للمؤتمرات السابقة التي سبق لي حضور العديد منها، الاضخم من بينها بل وحتی من الظلم قياسها بالمؤتمرات السابقة تنظيما و حضورا و ديناميکية، وعند وصولي الی باريس مساء يوم 28 فيبروري/شباط الماضي، من الجزائر، وجدت وفودا قدمت من دول عديدة حضرت لأول مرة، وهو مالفت إنتباهي مع ملاحظة أن معظمهن کن نساء جريئات مقدامات کما هو الحال مع الوفد المصري و الوفد الباکستاني و الوفد الهندي و الوفد المغربي الی جانب وفدي آيسلندا و جنوب أفريقيا.
السيدة مريم رجوي، التي ألفها العالم کأبرز سياسية تقود المعارضة الايرانية، وجدها العالم خلال يومي المؤتمر زعيمة و معلمة و مربية للنساء في العالم ولاسيما للنساء العربيات و المسلمات، وقد جذبتنا”الوفود النسوية”، نحوها بقوة عندما ألقت کلمتيها المعبرتين القويتين اللتين نجحت کعادتها بإيصال أکثر من رسالة بليغة ذات معان عميقة من خلاليهما، لکنني وجدت نفسي متأثرة و منبهرة أکثر بفصاحتها و جزالة ألفاظها و جملها المعبرة بدحضها و کشفها و تعريتها للإصلاح و الاعتدال اللذين يدعيهما الرئيس الايراني روحاني و ربطها ذلک بقضية التطرف الاسلامي عندما قالت في کلمتها أمام المؤتمر الضخم الذي عقد في الاول من مارس/آذار:( التطرف الاسلامي يستمد ديناميته من مقارعة النساء من جهة ومن جهة أخری  يفرز منه دوما الاضطهاد والتمييز بحيث اذا تم نبذ مقارعة النساء من سياسات النظام فينهار نظام ولاية الفقيه. لذلک لا يقترب لا خاتمي ولا روحاني اللذين لجئا الی مسرحية الاعتدال والاصلاح من دائرة تخفيف الاضطهاد والقمع ضد النساء الايرانيات لأن ذلک بمثابة بداية نهاية النظام.)، والحق، أن السيدة رجوي قد أصابت فعلا کبد الحقيقة بکلامها البليغ و القوي هذا، بحيث أن الوفود النسوية قد تلقت هذا المقطع بتصفيق حاد جدا فيما طفقن النساء الايرانيات الحاضرات في المؤتمر يرددن الشعارات الحماسيـة علی أثرها.
السيدة رجوي ليس من عادتها و دأبها أبدا أن تطلق کلاما علی عواهنه وانما تطرح دائما المبررات و التعليلات لطروحاتها، وهي عندما إنتقدت إصلاحية روحاني و إتهمته بأنه لايجرؤ علی تخفيف الاضطهاد و القمع ضد النساء الايرانيات، فإنها شرحت اسباب إتهامها لروحاني بقولها:(  تلک اللوائح التي قدمها  احمدي نجاد لتشديد عدم المساواة ضد النساء الی برلمان الملالي فها هو روحاني الآن يبلغها کقانون واجب التنفيذ. وقانون جواز زواج الرجال مع من يتبنونهن بنات لهم والمحاصصة والفصل بين الذکور والاناث في الجامعات وحظر البنات من الدراسة في عشرات الفروع الجامعية تعد من جملة ذلک.)، ولعمري أن إصلاحا و إعتدلا يبنی علی ظلم المرأة و إجحاف حقوقها، لايمکن أبدا إعتباره إصلاحا وانما هو علی الضد و العکس من ذلک تماما، وان روحاني الذي يتبجح ليل نهار بالاخطاء الاقتصادية لسلفه نجاد، لکنه في نفس الوقت يواصل السير علی خطاه في إضطهاده و ظلمه للنساء الايرانيات، وان الفيصل و المقياس و المعيار الذي يمکن أن يميز عهد روحاني عن عهد أحمدي نجاد هو موضوع التعامل و التصدي لقضية حقوق المرأة، ولما کان العهدين متساويين تماما في اسلوبها و نهجهما مع ملف المرأة، لذلک من الطبيعي جدا أن نعتبر عهد روحاني هو إمتداد طبيعي للعهود السابقة بل وانه من زاوية حقوق الانسان و المرأة و ملفات أخری يکاد يکون الاسوأ منذ عشرة أعوام.
في کل مرة أحضر في الی باريس کضيفة للمقاومة الايرانية، أجد نفسي أتعلم المزيد من السيدة رجوي، تلک المرأة المقدامة و الشجاعة التي تؤکد دائما أن المکنون الانساني ثر و هائل و بإمکان الانسان ان يستمد و يستلهم منه دائما المزيد من العبر و الدروس، وهي تؤمن بأن القوی الخفية في الانسان عظيمة کعظمة الکائن الانساني نفسه وعلی الانسان دائما أن يسبر أغوار ذاته بحثا عن يواقيت و لالئ و جواهر و درر العطاء الانساني.
* کاتبة من الجزائر
 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى