مقالات

الأسد هو إيران ولکن!- طارق الحميد

الشرق الاوسط
28/1/2013


بقلم: طارق الحميد


من الطبيعي أن يقول علي أکبر ولايتي مستشار شؤون السياسة الخارجية للمرشد الأعلی الإيراني، إن أي هجوم عسکري علی سوريا سيکون بمثابة هجوم علی إيران، لکن لماذا الآن وليس قبل ستة أشهر، أو عام، أو حتی قبل مؤتمر جنيف، وکل المؤتمرات الأخری الخاصة بالأزمة السورية؟ فلا أحد يتحدث الآن عن تدخل خارجي بسوريا، ولا نری استعدادات حقيقية لذلک، بل إن الجميع «يتوسل» بضرورة دعم الثوار بالأسلحة، وخصوصا أن المعارک تدور في أحياء دمشق ضد الطاغية، فما الذي يجعل مستشار المرشد الإيراني يتهدد، ويتوعد، ويقول إن «لسوريا دورا أساسيا للغاية ورئيسيا في المنطقة فيما يتعلق بتعزيز سياسات المقاومة الثابتة… ولهذا السبب فإن أي هجوم علی سوريا سيعد هجوما علی إيران وحلفائها»؟ أعتقد أنه لنستطيع فهم هذا التصريح فلا بد من قراءة تصريحات ولايتي بالکامل، وهو ما لم تفعله جل وسائل الإعلام العربية التي نقلت الخبر للأسف، فولايتي يقول أيضا إن أي تغيير سياسي في دمشق يجب أن يتم عن طريق انتخابات جديدة لا عن طريق توجيه خارجي!
ومن هنا نستطيع أن نفهم أن حديث المستشار الإيراني ليس بتهديد بقدر ما أنه تفاوض، وإرسال رسائل للغرب، ومعهم الروس، بأنه من غير المقبول خروج الأسد وفق الطريقة التي يطالب بها الثوار، والمجتمع الدولي، بألا يکون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية المقبلة. فما يريد أن يقوله ولايتي إن خروج الأسد يجب أن يکون وفق ترتيبات لا تمس مصالح إيران وحلفائها، وبالطبع فإن المطالبة بانتخابات بوجود الأسد تعني أنه سيکون بمقدور طاغية دمشق، وبالطبع إيران، ضمان تثبيت مصالحهم في المرحلة المقبلة. أما قول ولايتي إن الهجوم علی سوريا هو هجوم علی إيران وحلفائها، فما هو إلا بمثابة رسالة واضحة أن طهران وأتباعها لن يدعوا مرحلة ما بعد الأسد تمر بسلام طالما ليس لهم يد فيها، وبالطبع يتضح ذلک أکثر في حال تذکرنا أن إيران تمر الآن بمفاوضات وشد وجذب مع المجتمع الدولي حول الملف النووي، ولذا فإن طهران تحاول الآن تعزيز موقفها التفاوضي.
هذه هي القراءة الواقعية لتصريحات ولايتي، وخصوصا أن إيران لا تتوانی عن دعم الأسد، منذ اندلاع الثورة التي تکلف الطاغية مليار دولار شهريا تقوم طهران بدفعها، هذا فضلا عن إمداده بالسلاح والرجال، فما الذي تغير اليوم لتصعّد إيران؟ بالطبع لا شيء إلا أن الأسد يترنح والمعارک تدور بمحيط العاصمة، والثوار يقومون بتحقيق انتصارات حقيقية علی الأرض رغم نقص التسليح والتمويل.
وعليه، فإن الواضح الآن أن إيران استشعرت خطورة «المخاض» الروسي حول الأزمة السورية، وطبيعة مجريات الأمور علی الأرض، وبدء أوباما لولايته الثانية رسميا، والموقف العربي المتصاعد بالمطالبة بضرورة رحيل الأسد، مما دفع إيران لتذکير الآخرين بأنه يجب أن يکون لها دور في مرحلة ما بعد الأسد. هذه هي الحکاية بکل بساطة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى